للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتُّرَابِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا تَبَعًا وَيُجْمَعُ الْفَهْدُ عَلَى فُهُودٍ وَفَهِدَ الرَّجُلُ إذَا أَشْبَهَ الْفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ وَتَمَرُّدِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «إنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ» وَالسَّبُعُ وَاحِدُ السِّبَاعِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِالْكَلْبِ لِلْحِرَاسَةِ وَالِاصْطِيَادِ جَائِزٌ إجْمَاعًا لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ فِي دَارِهِ إلَّا إنْ خَافَ اللُّصُوصَ أَوْ عَدُوًّا وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» وَفِي الْبَدَائِعِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْفِيلِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً مُبَاحُ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَكَانَ مَالًا.

قَوْلُهُ (وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُحْتَاجٌ فَشَرَعَ فِي حَقِّهِمْ أَسْبَابَ الْمُعَامَلَاتِ فَكُلُّ مَا جَازَ لَنَا مِنْ الْبِيَاعَاتِ مِنْ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَغَيْرِهِمَا جَازَ لَهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الرِّبَا وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ فَإِنَّ عَقْدَهُمْ فِيهَا كَعَقْدِنَا عَلَى الْعَصِيرِ وَالشَّاةِ فَيَجُوزُ لَهُ السَّلَمُ فِي الْخَمْرِ دُونَ الْخِنْزِيرِ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا فَلِأَنَّهُ مُبَاحُ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا لَهُمْ فَكَانَ مَالًا فِي حَقِّهِمْ عَنْ الْبَعْضِ حُرْمَتُهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِشَرَائِعَ هِيَ مُحَرَّمَاتٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا فَكَانَتْ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةً فِي حَقِّهِمْ لَكِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْ بَيْعِهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهَا ويتمولونها، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ. اهـ.

قَيَّدَ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّا لَا نُجِيزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَيْعَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَأَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ وَاَلَّتِي قَدْ جُرِحَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الذَّبْحِ وَذَبَائِحُ الْمَجُوسِ كَالْخِنْزِيرِ قَالَ فِي الْإِصْلَاحِ فَالْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبَيْعُ الْمَجُوسِيِّ ذَبِيحَتَهُ أَوْ مَا هُوَ ذَبِيحَةٌ عِنْدَهُ كَالْخَنْقِ مِنْ كَافِرٍ جَائِزٌ عِنْدَ الثَّانِي. اهـ.

فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَثْنَى مُخْتَصٌّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا كَمَا زَعَمَ صَاحِبُ الْإِصْلَاحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَيْعُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مِنْ كَافِرٍ يَجُوزُ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ تَأْخِيرُ الْيَهُودِيِّ فِي السَّبْتِ لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّبْتِ مُبْطِلٌ لِلشُّفْعَةِ وَفِيهَا مِنْ الْحُدُودِ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ عَمَّا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ إلَّا شُرْبَ الْخَمْرِ فَإِنْ غَنَّوْا وَضَرَبُوا الْعِيدَانَ يُمْنَعُوا كَالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَثْنَ عَنْهُمْ. اهـ.

وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ وَلَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَالْمُرَادُ بِلَفْظَةِ الِانْتِقَاضِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ بِالْإِسْلَامِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْمَبِيعُ فَإِنْ صَارَ خَلًّا قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ نَقَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ فِي قَوْلِهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْعَقْدُ بَاطِلٌ وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا اشْتَرَى عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ، وَلَوْ قَبَضَ الْخَمْرَ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ الْبَيْعُ قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَا، وَلَوْ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا جَازَ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى مُصْحَفًا، وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ مِنْ كَافِرٍ عَبْدًا مُسْلِمًا شِرَاءً فَاسِدًا أُجْبِرَ عَلَى رَدِّهِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْفَسَادِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخَمْرِ دُونَ الْخِنْزِيرَ) لِأَنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ) قَالَ فِي مَتْنِ الْمَنَارِ وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ بِالْمَشْرُوعِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ وَبِالْمُعَامَلَاتِ وَبِالشَّرَائِعِ فِي حَقِّ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ بِلَا خِلَافٍ أَيْ الْمَشْرُوعَاتُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ لَا يُخَاطَبُونَ بِأَدَاءِ مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ مِنْ الْعِبَادَاتِ. اهـ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَلَا يُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِهَا، ثُمَّ قَالَ وَالرَّاجِحُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّكْلِيفِ لِمُوَافَقَتِهِ لِظَاهِرِ النُّصُوصِ فَلْيَكُنْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: وَلَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ اشْتَرَى مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا أَوْ شِقْصًا مِنْهُمَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي صَغِيرًا أُجْبِرَ وَلِيُّهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَقَامَ الْقَاضِي لَهُ وَلِيًّا، كَذَا فِي السِّرَاجِ وَيَنْبَغِي أَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ فِي هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ. اهـ. أَيْ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَهُ وَلِيُّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ قَبْلَ إجْبَارِ وَلِيِّهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ تَأَمَّلْ وَأَقُولُ: أَيْضًا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فَمَا زَادَهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَلَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا هُوَ ذَبْحٌ عِنْدَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذَبِيحَتُهُ وَقَوْلِهِ كَالْخَنْقِ تَمْثِيلٌ لِمَا هُوَ ذَبْحٌ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ مِنْ كَافِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ الَّذِي هُوَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ جَائِزٌ خَبَرٌ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نَسَبَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَرِّجُ لَهُ وَلَا قَوْلَ لَهُمَا فِيهِ، وَقَدْ الْتَزَمَ مِثْلَهُ فِي طَلَاقِ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمَعْنَى يَشْهَدُ لَهُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَنْزِلُ عَنْ مَرْتَبَةِ الْخِنْزِيرِ إذَا ذَبَحَهُ الذِّمِّيُّ. اهـ.

أَقُولُ: تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِالْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَيْتَةِ حَيْثُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ عَنْ التَّجْنِيسِ وَلَوْ بَاعُوا ذَبِيحَتَهُمْ وَذَبْحُهُمْ أَنْ يَخْنُقُوا الشَّاةَ وَيَضْرِبُوهَا حَتَّى تَمُوتَ جَازَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الذَّبِيحَةِ عِنْدَنَا وَفِي جَامِعِ الْكَرْخِيِّ يَجُوزُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>