للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ زَكَاةُ كُلِّهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مِائَةً وَسِتَّةً وَتِسْعِينَ فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ كَذَا فِي الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَأَطْلَقَ فِي التَّصَدُّقِ بِالْكُلِّ فَشَمِلَ الْعَيْنَ وَالدَّيْنِ فَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى فَقِيرٍ دَيْنٌ فَأَبْرَأَهُ عَنْهُ سَقَطَ زَكَاتُهُ عَنْهُ نَوَى الزَّكَاةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ سَقَطَ زَكَاةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْبَاقِي وَلَوْ نَوَى بِهِ الْأَدَاءَ عَنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ يَصِيرُ عَيْنًا بِالْقَبْضِ فَيَصِيرُ مُؤَدِّيًا الدَّيْنَ عَنْ الْعَيْنِ

وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ أَدَاءَ الْعَيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ الدَّيْنِ يَجُوزُ، وَأَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ، وَعَنْ دَيْنٍ سَيُقْبَضُ لَا يَجُوزُ، وَأَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ دَيْنٍ لَا يُقْبَضُ يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَحِيلَةُ الْجَوَازِ أَنْ يُعْطِيَ الْمَدْيُونَ الْفَقِيرَ خَمْسَةً زَكَاةً ثُمَّ يَأْخُذَهَا مِنْهُ قَضَاءً عَنْ دَيْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَمَرَ فَقِيرًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ نَوَاهُ عَنْ زَكَاةِ عَيْنٍ عِنْدَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ يَقْبِضُ عَيْنًا فَكَانَ عَيْنًا عَنْ عَيْنٍ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَنِيًّا فَوَهَبَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الضَّمَانُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ نَوَى غَيْرَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيمَا إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ أَمَّا إذَا تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ نَاوِيًا النَّذْرَ أَوْ وَاجِبًا آخَرَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَى وَيَضْمَنُ قَدْرَ الْوَاجِبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَدَّى خَمْسَةً وَنَوَى ذَلِكَ تَطَوُّعًا سَقَطَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْخَمْسَةِ، وَهِيَ ثُمُنُ دِرْهَمٍ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْبَاقِي اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا لَا يَخْفَى

وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِلْمَ الْآخِذِ بِمَا يَأْخُذُهُ أَنَّهُ زَكَاةٌ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُبْتَغَى وَالْقُنْيَةِ أَنَّ مَنْ أَعْطَى مِسْكَيْنَا دَرَاهِمَ وَسَمَّاهَا هِبَةً أَوْ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَيْضًا الدَّفْعَ مِنْ عَيْنِ مَالِ الزَّكَاةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِالدَّفْعِ عَنْهُ أَجْزَأَهُ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا دَفَعَ مِنْ مَالٍ آخَرَ خَبِيثٍ، وَظَاهِرُ الْقُنْيَةِ تَرْجِيحُ الْإِجْزَاءِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِمْ: مُسْلِمٌ لَهُ خَمْرٌ فَوَكَّلَ ذِمِّيًّا فَبَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ فَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَصْرِفَ هَذَا الثَّمَنَ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ الْمُودِعِ فَدَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى صَاحِبِهَا، وَهُوَ فَقِيرٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ يُرِيدُ بِهِ الزَّكَاةَ لَا يُجْزِئُهُ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَدَيْنٌ أَيْضًا وَالْمَالُ يَفِي بِأَحَدِهِمَا يَقْضِي دَيْنَ الْغَرِيمِ ثُمَّ يُؤَدِّي حَقَّ الْكَرِيمِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَأَرْبَعُونَ شَاةً فَأَدَّى شَاةً لَا يَنْوِي عَنْ أَحَدِهِمَا صَرْفَهَا إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا لَوْ كَفَّرَ عَنْ ظِهَارِ امْرَأَتَيْنِ بِتَحْرِيرِ رَقَبَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ عَنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَفْضَلُ فِي الزَّكَاةِ الْإِعْلَانُ بِخِلَافِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا أَدَّى خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَنَوَى الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ جَمِيعًا يَقَعُ عَنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَنْ النَّفْلِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النَّفْلِ عَارَضَ نِيَّةَ الْفَرْضِ فَبَقِيَ مُطْلَقُ النِّيَّةِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ أَقْوَى فَلَا يُعَارِضُهَا نِيَّةُ النَّفْلِ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي عَزْلِ مَا وَجَبَ فَشَمِلَ مَا إذَا عَزَلَ كُلَّ مَا وَجَبَ أَوْ بَعْضَهُ

وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ الْأُضْحِيَّةِ: لِلْوَكِيلِ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنٍ، وَلَا يَتَوَقَّفُ، وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ عَلَى فَقِيرٍ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهَا إلَى فَقِيرٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ رَقَّمَ بِرَقَمٍ آخَرَ أَنَّهُ فِي الزَّكَاةِ يَضْمَنُ، وَلَهُ التَّعْيِينُ. اهـ.

وَالْقَوَاعِدُ تَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الدِّينَارِ عَلَى فُلَانٍ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ وَلَوْ شَكَّ رَجُلٌ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَكَّى أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا شَكَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ أَصَلَّاهَا أَمْ لَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعُمْرَ كُلَّهُ وَقْتٌ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ شَكٍّ وَقَعَ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَدَّى أَمْ لَا، وَهُوَ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يُعِيدُ اهـ.

وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ هِيَ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ يُؤَدِّي مُتَفَرِّقًا، وَلَا يَضْبِطُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا لُزُومُ الْإِعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّصَدُّقِ إيمَاءٌ إلَى إخْرَاجِ النَّذْرِ، وَالْوَاجِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَالْقَوَاعِدُ تَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ إلَخْ) أَقُولُ:: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالدِّرْهَمِ وَالْفَقِيرُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي النَّذْرِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ النَّذْرِ مَا هُوَ قُرْبَةٌ، وَهُوَ أَصْلُ التَّصَدُّقِ دُونَ التَّعْيِينِ فَيَبْطُلُ التَّعْيِينُ وَتَلْزَمُ الْقُرْبَةُ، وَهُنَا الْوَكِيلُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ فَلَيْسَ لَهُ مُخَالَفَتُهُ كَمَا فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الْوَكَالَةِ وَنَظِيرُهُ لَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ لِفُلَانٍ، وَأَمَرَ الْوَصِيَّ بِأَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى آخَرَ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ لُزُومُ الْإِعَادَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فَمَا تَقَدَّمَ شَكٌّ فِي الْأَدَاءِ وَعَدَمِهِ وَهَا هُنَا فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى فَيَنْبَغِي التَّحَرِّي كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي مِثْلِهِ اهـ.

أَيْ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَغْلِبْ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَمَا مَعْنَى التَّحَرِّي تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>