فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْهَالِكُ وَالْبَاقِي هُوَ الْهِبَةُ وَعَكَسَ الْمُشْتَرِي وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ عَيْبًا وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ وَقَالَ الْحَيُّ هُوَ الْمَوْهُوبُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فَإِذَا رَجَعَ فِيهِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَدْفُوعِ وَإِذَا رَجَعَ رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ بَعْدَ التَّحَالُفِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي طُولِ الْمَبِيعِ وَعَرْضِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَتَمَامُهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الِاخْتِلَافَاتِ مِنْ الْبُيُوعِ وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَابَحَةِ اشْتَرَى ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ آخِرَ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ لِيَبِيعَ لَهُ مَعَ ثَوْبِهِ فَقَالَ لِرَجُلٍ هُمَا قَامَا بِعِشْرِينَ فَأَبِيعُك بِرِبْحِ عَشَرَةٍ فَاشْتَرَاهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِثَوْبِ الْآمِرِ عَيْبًا فَقَالَ شَرَيْتهمَا صَفْقَةً وَانْقَسَمَ الرِّبْحُ عَلَى الْقِيمَةِ أَثْلَاثًا فَأَرُدُّهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ ثَمَنُ كُلِّ ثَوْبٍ عَشَرَةٌ فَانْقَسَمَ الرِّبْحُ عَلَى الثَّمَنَيْنِ فَرَدَّ بِنَصَّ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ الْيَمِينِ بِجَحْدِهِ مَزِيدٌ حَادِثٌ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَدَّعِ عَيْبًا لِفَقْدِ الْجَدْوَى إلَى أَنْ قَالَ وَلَا تَحَالُفَ وَإِنْ بَرْهَنَا فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي لِإِثْبَاتِهِ زِيَادَةً حَقِيقَةً مَقْصُودَةً وَتَمَامُهُ فِيهِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إذَا أَرَادَ الْإِجَازَةَ فِي سِلْعَةٍ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا بِعْتُكهَا قَالُوا الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ كَمَا لَوْ ادَّعَى بَيْعَ عَيْنٍ وَأَنْكَرَ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَرَادَ إلْزَامَ الْبَيْعِ فِي مُعَيَّنٍ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَشَمَلَ مَا إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ وَجَدَهُ نَاقِصًا فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ الْقَابِضُ.
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ إبْرَيْسَمًا وَوَزَنَهُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَحَمَلَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَقَالَ وَجَدْته نَاقِصًا فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ يَكُونُ بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ الْمُشْتَرِي إقْرَارٌ بِقَبْضِ كَذَا مَنًّا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِإِزَاءِ النُّقْصَانِ وَلَوْ نَقَدَهُ رَجَعَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْقَابِضِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مَعَ قَبُولِ قَوْلِهِ قُلْتُ: نَعَمْ تُقْبَلُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْهُ كَالْمُودِعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ لِهَلَاكٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ وَذَكَرَ لِقَبُولِهَا فَائِدَةً أُخْرَى هِيَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالصَّرْفِ لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ الدِّينَارُ بِعَيْبٍ فَأَقَرَّ بِهِ وَقَبِلَهُ كَانَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَوْ أَقَامَ مُشْتَرِيهِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْوَكِيلِ قُبِلَتْ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْهُ وَلِرُجُوعِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلْيُحْفَظْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا) لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَتِمُّ بِقَبْضِهِمَا فَيَكُونُ تَفْرِيقًا قَبْلَ التَّمَامِ وَهَذَا لِأَنَّ الْقَبْضَ لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ فَالتَّفْرِيقُ فِيهِ كَالتَّفْرِيقِ فِي الْعَقْدِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْمَقْبُوضَ أَوْ غَيْرَهُ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ بِالْمَقْبُوضِ عَيْبًا يَرُدُّهُ خَاصَّةً كَأَنَّهُ جَعَلَ غَيْرَ الْمَعِيبِ تَبَعًا لَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْخُذَهُمَا أَوْ يَرُدَّهُمَا لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ تَتَعَلَّقُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَصَارَ كَحَبْسِ الْمَبِيعِ لَمَّا تَعَلَّقَ زَوَالُهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ لَا يَزُولُ دُونَ قَبْضِ جَمِيعِهِ وَالْعَبْدَانِ مِثَالٌ وَالْمُرَادُ عَبْدَانِ أَوْ ثَوْبَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّ الْمَعِيبَ وَحْدَهُ) لِكَوْنِهِ تَفْرِيقًا بَعْدَ التَّمَامِ لِأَنَّ بِالْقَبْضِ تَتِمُّ الصَّفْقَةُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَسْأَلَةَ زَوْجَيْ الْخُفِّ وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى ثَوْرَيْنِ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ بِدُونِهِ لَا يَمْلِكُ رَدَّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ وَقَيَّدَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ فِيهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ قَيَّدَ بِتَرَاخِي ظُهُورِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي طُولِ الْمَبِيعِ وَعَرْضِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ) الَّذِي فِي النَّهْرِ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا فِي مُنْتَخَبِ الظَّهِيرِيَّةِ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَنَصَّهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا مَرْوِيًّا فَقَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْته عَلَى أَنَّهُ سِتٌّ فِي تِسْعٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته عَلَى أَنَّهُ سَبْعٌ فِي ثَمَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ اهـ.
وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ ثَمَانُ أَذْرُعٍ فِي ثَمَانٍ وَهُوَ سَبْعٌ فِي سَبْعٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِمِائَةِ وَلَمْ اسْمِ الذِّرَاعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ لِقَبُولِهَا فَائِدَةً أُخْرَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: قَدْ عَلِمْت فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ فِي الصَّرْفِ لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ الدِّينَارُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَسَوَّوْا فِيهِ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا هَذَا فَيَنْبَغِي هُنَا أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ رَدًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.