للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَقْطَعُ كَالنَّفْلِ وَالْمَنْذُورَةِ كَالْفَائِتَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْإِبْطَالِ حَرَامًا لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَالْمَرْأَةِ إذَا فَارَ قِدْرُهَا وَالْمُسَافِرِ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ فَوْتَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَالْقَطْعِ لِإِنْجَاءِ غَرِيقٍ وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَلَا يُجِيبُهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ لِأَنَّ قَطْعَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا خَافَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ تَحْرُقَهُ النَّارُ أَوْ يُغْرِقَهُ الْمَاءُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْفَرْضِ فَأَمَّا فِي النَّوَافِلِ إذَا نَادَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَادَاهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ لَا يُجِيبَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُجِيبُهُ اهـ.

وَمِنْ الْعُذْرِ مَا إذَا شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَحَضَرَتْ جِنَازَةٌ خَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا تَفُوتُهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا وَيُصَلِّي عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمَصْلَحَتَيْنِ مَعًا وَقَطْعُ النَّفْلِ مُعْقِبٌ لِلْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ لَوْ اخْتَارَ تَفْوِيتَهَا كَانَ لَا إلَى خُلْفٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَإِنَّمَا يَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّ مَا يُؤَدَّى مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةٌ يُدْرِكُ بِهَا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَصْرُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَدِي بَعْدَهَا لِمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلِهَذَا قَيَّدَ بِالظُّهْرِ وَقَيَّدَ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا لِأَنَّهُ بِمَحَلِّ الرَّفْضِ وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ وَقَعَدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوطٌ لِلتَّحَلُّلِ وَهَذَا قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلٍ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ عَنْ الظُّهْرِ لَا يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَتَكْفِيهِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْقَطْعِ اهـ.

وَهَكَذَا صَحَّحَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا عَادَ هَلْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ قِيلَ نَعَمْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ قُعُودَ خَتْمٍ وَقِيلَ يَكْفِيهِ ذَلِكَ التَّشَهُّدُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَعَدَ ارْتَفَضَ ذَلِكَ الْقِيَامُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا أَنَّ التَّطَوُّعَ بِجَمَاعَةٍ مَكْرُوهٌ خَارِجَ رَمَضَانَ وَأُجِيبُ بِنَعَمْ إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُتَطَوِّعِينَ أَمَّا إذَا أَدَّى الْإِمَامُ الْفَرْضَ وَالْقَوْمُ النَّفَلَ فَلَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلرَّجُلَيْنِ «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا صَلَاةَ قَوْمٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ وَاجْعَلَا صَلَاتَكُمَا مَعَهُمْ سُبْحَةً» أَيْ نَافِلَةً كَذَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي) لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى لَفَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لِوُجُودِ الْفَرَاغِ حَقِيقَةً فِي الْفَجْرِ أَوْ شَبَهِهِ فِي الْمَغْرِبِ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَقَيَّدَ بِالرَّكْعَةِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا قَيَّدَ الثَّانِيَةَ بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا وَيُتِمُّهَا وَلَا يَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَذَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَّلَهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّهُ إنْ وَافَقَ إمَامَهُ خَالَفَ السُّنَّةَ بِالتَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ وَإِنْ وَافَقَ السُّنَّةَ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا خَالَفَ إمَامَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ فَإِنْ شَرَعَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ أَحْوَطُ إذْ فِيهِ زِيَادَةُ الرَّكْعَةِ وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ أَحَقُّ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَسْبُوقِ فِيمَا يَقْضِي وَالْمُقْتَدِي إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ وَمُخَالَفَةُ السُّنَّةِ لَمْ تُشْرَعْ أَصْلًا كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالثَّلَاثِ مَكْرُوهٌ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ أَنَّهُ حَرَامٌ وَالظَّاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةُ لِأَنَّ الْمَشَايِخَ يَسْتَدِلُّونَ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ الْبُتَيْرَاءِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ ظَنِّيِّ الثُّبُوتِ قَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ فَيُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ عَلَى أُصُولِنَا

ــ

[منحة الخالق]

ذَلِكَ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ فَعَسَى تَظْفَرُ بِالْمَنْقُولِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَفْضَلَ التَّرْتِيبُ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَعَنْ الْإِسْنَوِيِّ الْبُدَاءَةُ بِالْحَاضِرَةِ جَمَاعَةً ثُمَّ قَالَ فَانْظُرْ كَيْفَ اخْتَلَفَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْأَجِلَّاءِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَى ذَلِكَ فِي سَاقِطِ التَّرْتِيبِ فَإِنَّ مَذْهَبَنَا كَمَذْهَبِهِمْ فِيهِ اهـ.

وَيَظْهَرُ لِي أَرْجَحِيَّةُ مَا رَجَّحَهُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا أَوْ فِي حُكْمِ الْوَاجِبِ وَمُرَاعَاةُ خِلَافِ الْإِمَامِ مَالِكٍ مُسْتَحَبَّةٌ فَلَا يَنْبَغِي تَفْوِيتُ الْوَاجِبِ لِأَجْلِ الْمُسْتَحَبِّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ) قَالَ أَيْ الرَّمْلِيُّ وُجُوبًا فَلَوْ قَطَعَ وَاقْتَدَى كَانَ آثِمًا اهـ.

قُلْت: لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فَرْضُهُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَالْحِيلَةُ أَنْ لَا يَقْعُدَ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي أَدَّاهَا وَحْدَهُ وَيُصَلِّي الْخَامِسَةَ وَالسَّادِسَةَ وَيَصِيرُ ذَلِكَ نَفْلًا وَيَكُونُ فَرْضُهُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ أَيْضًا الْحِيلَةَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّابِعَةَ قَاعِدًا فَتَنْقَلِبُ هَذِهِ نَفْلًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ذَكَرَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ يُتِمُّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ بِحِيلَةٍ مِثْلُ أَنْ لَا يَقْعُدَ عَلَى الرَّابِعَةِ وَيُصَيِّرَهَا سِتًّا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَمِثْلُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّابِعَةَ قَاعِدًا لِتَنْقَلِبَ نَفْلًا لِأَنَّ الْإِتْمَامَ فَرْضٌ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَيَّدَ بِالظُّهْرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهْرِ الرُّبَاعِيَّةُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ شَبَهِهِ فِي الْمَغْرِبِ) عَلَّلَهُ فِي النَّهْرِ بِغَيْرِ هَذَا وَهُوَ لُزُومُ النَّفْلِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>