للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِنَاءُ لَهُ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ أَيْضًا.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ مَعْنَى الْقَبُولِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَفِيهِ يَقْضِي بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلْمُدَّعِي فَلَا يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ أَوْهَمْت وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَقِيلَ يَقْضِي بِمَا بَقِيَ إنْ تَدَارَكَ بِنُقْصَانٍ وَإِنْ بِزِيَادَةٍ يَقْضِي بِهَا إنْ ادَّعَاهَا الْمُدَّعِي لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ يُجْعَلُ كَحُدُوثِهِ عِنْدَهَا وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَاضِي خَانْ وَعَزَاهُ إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْقَبُولِ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ الثَّانِي فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالتَّاءِ تُقْبَلُ أَيْ الشَّهَادَةُ وَعَلَى الثَّانِي بِالْيَاءِ أَيْ يَقْبَلُ بِقَوْلِهِ أَوْهَمْت وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ شُبْهَةٍ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي قَدْرِ الْمَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الْكَلَامِ مِثْلَ أَنْ يَدَعَ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَإِنْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي الْكُلِّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا لَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْحُدُودِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ ثُمَّ تَذَكَّرَ ذَلِكَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي اهـ.

وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَبَيَانَ اسْمِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةَ إلَيْهَا شَرْطُ الْقَضَاءِ وَأَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ الْقَبُولَ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَضْمَنُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ جَزَمَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَوْهَمْت أَخْطَأْت بِنِسْيَانِ مَا كَانَ يَحِقُّ عَلَيَّ ذِكْرُهُ أَوْ بِزِيَادَةٍ كَانَتْ بَاطِلَةً كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَوْهَمَ مِنْ الْحِسَابِ مِائَةً مِثْلَ أَسْقَطَ وَزْنًا وَمَعْنًى وَأَوْهَمَ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةً تَرَكَهَا اهـ.

وَقَوْلُ الشَّاهِدِ شَكَكْت أَوْ غَلِطْت أَوْ نَسِيت مِثْلَ أَوْهَمْت كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ غَلِطُوا فِي جَدٍّ أَوْ جَدَّيْنِ ثُمَّ تَدَارَكُوا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ يُقْبَلُ عِنْدَ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَقُولُوا كَانَ اسْمُهُ فُلَانًا ثُمَّ صَارَ اسْمُهُ فُلَانًا أَوْ بَاعَ فُلَانٌ وَاشْتَرَاهُ الْمَذْكُورُ اهـ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْضُ شَهَادَتِي يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْهَمْت الْحَقَّ إنَّمَا هُوَ لِفُلَانٍ آخَرَ لَا هَذَا لَمْ يُقْبَلْ وَلِذَا قَالَ فِي السِّرَاجِيَّةِ شَهِدَا أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَا غَلِطْنَا سَرَقَ مِنْ هَذَا لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا بِالْغَفْلَةِ وَلَمْ يُعَلِّلْ بِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ كَذَلِكَ لِلتَّعْلِيلِ بِالْغَفْلَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَقِيلَ يَقْضِي بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ إلَخْ) هَذَا التَّعْبِيرُ وَكَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا تَدَارَكَ بِزِيَادَةٍ لَكِنَّ عِبَارَةَ فَتْحِ الْقَدِيرِ تُفْهِمُ أَنَّهُ يَقْضِي بِالزِّيَادَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ لِهَذَا الْقِيل وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الزِّيَادَةَ فَإِنَّهُ لَوْ شَهِدَ لَهُ بِأَلْفٍ وَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَا يَدْفَعُ إلَّا إنْ ادَّعَى الْأَلْفَ وَخَمْسَمِائَةٍ وَصُورَةُ الزِّيَادَةِ حِينَئِذٍ عَلَى تَقْدِيرِ الدَّعْوَى أَنْ يَدَّعِيَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَيَشْهَدُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَقُولُ أَوْهَمْت إنَّمَا هُوَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْعِنَايَةِ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ قَالَ كَمَا إذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت بَلْ هِيَ خَمْسُمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ إذَا قَالَ فِي الْمَجْلِسِ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ أَوَّلًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِمَا بَقِيَ وَزَادَ عِنْدَ آخَرِينَ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِقَوْلِهِ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ الْأُولَى أَيْ عَدَمُ رَدِّهَا لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَقْضِيَ بِمَا اسْتَدْرَكَهُ وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَلَمْ تُرَدَّ فَبِمَاذَا يَقْضِي قِيلَ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ وَقِيلَ بِمَا بَقِيَ فَقَطْ إلَخْ فَجَعَلَ كَلَامَ الْهِدَايَةِ مُحْتَمِلًا لِلْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْعِنَايَةِ ذَكَرَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ إشَارَةٌ إلَى مَا مَالَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ عَادَ وَقَالَ أَوْهَمْت؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الزِّيَادَةَ مِنْ الْمُدَّعِي بِتَلْبِيسٍ وَخِيَانَةٍ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ وَلِأَنَّ الْمَجْلِسَ إذَا اتَّحَدَ لَحِقَ الْمُلْحَقَ بِأَصْلِ الشَّهَادَةِ فَصَارَ كَكَلَامٍ وَاحِدٍ وَلَا كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ اهـ.

فَفِي الدَّلِيلِ الثَّانِي إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بَلْ قَالَ فِي السَّعْدِيَّةِ فِي الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا إشَارَةٌ إلَيْهِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ.

وَرَجَّحَ فِي السَّعْدِيَّةِ أَيْضًا الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي قَوْلُ الْآخَرِينَ فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ يَكُونُ الشَّاهِدُ مُكَذَّبًا فِي قَوْلِ الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا اهـ. فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالتَّاءِ) فِيهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَابِعَةٌ لِلرَّسْمِ وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ كَوْنُهُ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ أَوْ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ لَا يُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّاهِدُ أَوَّلًا وَثَانِيًا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَوْلٌ وَشَهَادَةٌ (قَوْلُهُ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي قَدْرِ الْمَالِ) أَيْ فَهَذَا يَشْرِطُ فِيهِ الْمَجْلِسَ وَعَدَمَ الْبَرَاحِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي إلَخْ تَقْيِيدَ الْقَبُولِ الْمُقَيَّدِ بِعَدَمِ الْبَرَاحِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَجْلِسِ فِي دَعْوَى التَّوَهُّمِ لَوْ ذَكَرَ الشَّرْقِيَّ مَكَانَ الْغَرْبِيِّ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بَدَلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ فَإِنْ تَدَارَكَهُ قَبْلَ الْبَرَاحِ عَنْ الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا عِنَايَةَ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ) عِبَارَتُهَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُجَرَّدِ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَهَادَةٍ ثُمَّ زَادَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَمَا قَضَى أَوْ قَالَا وَهِمْنَا وَهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ قَبِلَ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُمَا ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي الْوَاقِعَاتِ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ تَعَمَّدْت وَلَمْ أَغْلَطْ ثُمَّ بَدَا لِي فَرَجَعْت كَانَ ذَلِكَ رُجُوعًا عَنْ شَهَادَتِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَمَّا تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ وَتَعْيِينُ الْمُحْتَمَلِ يَصِحُّ مِنْ الشُّهُودِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَتَمَامُهُ فِيهَا فِي فَصْلِ فِيمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلتُّهْمَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكِ أَيْضًا فَيُؤَيِّدُ مَا رَجَّحَهُ فِي السَّعْدِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>