أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْمَهْرِ غَيْرُ سَيِّدِهِ فَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ يَجِبُ الْمَهْرُ ثُمَّ يَسْقُطُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ حَقُّ الشَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَجِبُ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ الْوُجُوبَ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّمَا يَجِبُ لِلْمَوْلَى وَلَوْ جَازَ وُجُوبُهُ لِلْمَوْلَى سَاعَةً لَجَازَ وُجُوبُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَاعَةٍ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ ثَمَرَةً لِهَذَا الِاخْتِلَافِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ أَمَةَ الصَّغِيرِ مِنْ عَبْدِهِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ يَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَصْلًا بِعَدَمِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمَا وَقَدْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْمَأْذُونِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ نِكَاحٌ لِلْأَمَةِ بِغَيْرِ مَهْرٍ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْعَبْدِ فِي كَسْبِهِ لِلْحَالِ فَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَرْأَةُ، وَالْعَبْدُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ عَبْدٌ تَزَوَّجَ حُرَّةً ثُمَّ قَالَ الْعَبْدُ: لَمْ يَأْذَنْ لِي الْمَوْلَى، وَقَدْ نَقَضَ النِّكَاحُ هُوَ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ أَذِنَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ فَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَيُنَصَّفُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَوْلَى إنْ صَدَّقَهَا فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَتِهِ كُلًّا وَنِصْفًا وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ حُرَّتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَمَةً فَأَجَازَ الْمَوْلَى نِكَاحَهُنَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ وَقَالَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى نِكَاحَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَأَمَةً ثُمَّ حُرَّةً وَأَمَةً فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْكُلَّ جَازَ نِكَاحُ الْحُرَّتَيْنِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَنِكَاحُهُنَّ فَاسِدٌ الْكُلُّ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَهْرَ الْأَمَةِ وَفِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ كُلُّ مَا وَجَبَ مِنْ مَهْرِ الْأَمَةِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ وَجَبَ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَهْرُ مُسَمًّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ قِنَّةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا الْمُكَاتَبَةُ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا فَإِنَّ الْمَهْرَ لَهَا اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ مَهْرَ الْأَمَةِ يَثْبُتُ لَهَا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ قُضِيَ مِنْ الْمَهْرِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى جَارِيَةً تَحْتَ زَوْجٍ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَالْمَهْرُ لِلْبَائِعِ وَفِي الْمُحِيطِ مُسْلِمٌ أَذِنَ لِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ فِي التَّزَوُّجِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شُهُودًا نَصَارَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ نَصْرَانِيٌّ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا، وَالْمَوْلَى نَصْرَانِيًّا لَا تُقْبَلُ لِمَا عُرِفَ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ هَذِهِ وَهُوَ يَجْحَدُ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْعِتْقِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَيْهِمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ الْقَضَاءِ جَازَ نِكَاحُهُ اهـ.
كَأَنَّهُ لِمَا فِي زَعْمِ الشَّاهِدِ أَنَّهَا أَمَةٌ فَلَمْ يَجُزْ نِكَاحُهُ وَبَعْدَ الْقَضَاءِ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا لِأَخْذِهِ الْعِوَضَ فَجَازَ نِكَاحُهُ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: تَزَوَّجْ عَلَى رَقَبَتِك فَتَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَذِنَ مَوْلَاهَا جَازَ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهِ يَثْبُتُ لِمَوْلَاهَا فَلَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ وَلَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَنْكُوحَةِ فِي رَقَبَتِهِ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ وَأَنَّهُ مُفْسِدٌ لَهُ إذَا طَرَأَ فَإِذَا قَارَنَ أَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ جَوَازُهُ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا صَحَّ النِّكَاحُ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّقْلَ مِنْ مِلْكِ مَوْلَاهُمَا وَيَكُونُ الْمَهْرُ الْقِيمَةَ
ــ
[منحة الخالق]
بِدُونِ رِضَا الْمَرْأَةِ وَهَذَا كَمَا قُلْنَا فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ إذَا بَاعَهُ بِدُونِ رِضَا الْغُرَمَاءِ فَلَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ الْفَسْخَ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ كَذَلِكَ هَاهُنَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْمَهْرَ دَيْنٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ ثَمَرَةً لِهَذَا الِاخْتِلَافِ) قَالَ فِي الرَّمْزِ، وَفِي الْفَتْحِ: مَهْرُ الْأَمَةِ يَثْبُتُ لَهَا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ قُضِيَ مِنْهُ اهـ.
أَقُولُ:: يَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ بِهَذَا ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ وَيَتَرَجَّحُ هَذَا فَلِذَا قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ الْأَصَحُّ الْوُجُوبُ اهـ.
لَكِنْ فِي النَّهْرِ: قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مَأْذُونَةً مَدْيُونَةً فَإِنْ كَانَتْ بِيعَ أَيْضًا ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِعِبَارَةِ الْفَتْحِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قِيلَ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمَوْلَى وَقِيلَ يَسْقُطُ لِأَنَّهُ يَجِبُ لَهَا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْلَى إذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ يُصْرَفُ إلَى حَاجَتِهَا اهـ.
وَالْأَظْهَرُ مَا فِي الرَّمْزِ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْفَتْحِ، وَالْمُحِيطِ أَنَّ الصَّرْفَ إلَى حَاجَتِهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ الْأَظْهَرُ مَا فِي النَّهْرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحِيطِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ غَيْرَ عَبْدِهِ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا عَبْدَهُ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ فِيهَا أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ لِلْمَوْلَى ثُمَّ يَسْقُطُ أَمْ لَا يَجِبُ أَصْلًا؟ فَالثَّمَرَةُ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الْخِلَافِ فِي الْأُولَى لِأَنَّ مَنْ قَالَ: الْحَقُّ لِلْمَوْلَى لَا يَقُولُ بِالصَّرْفِ إلَى حَاجَتِهَا، وَمَنْ قَالَ الْحَقُّ لَهُ مُتَنَقِّلًا عَنْهَا يَقُولُ بِالصَّرْفِ أَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَا تَظْهَرُ الثَّمَرَةُ فَقَوْلُ النَّهْرِ يَنْبَغِي. . . إلَخْ تَقْيِيدٌ لِلْقَوْلَيْنِ فِيهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَحْذُورَ فِي وُجُوبِهِ لَهَا لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِسُقُوطِهِ بَعْدَ وُجُوبِهِ يَدَّعِي عَدَمَ الْفَائِدَةِ فِي بَقَائِهِ، وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَصْلًا يَدَّعِي أَنَّ عَدَمَ بَقَائِهِ دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهِ تَأَمَّلْ