بِالْقَرَابَةِ وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ مِنْهُ لَوْ وَلَدَتْ فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا اهـ.
أَطْلَقَ فِي التَّزَوُّجِ فَشَمِلَ الصَّحِيحَ، وَالْفَاسِدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّبْيِينِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْهُ يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ فَاسْتَغْنَى عَنْ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ لَهُ، وَفِي النِّهَايَةِ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ كَالنِّكَاحِ وَعِبَارَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطِئَ بِشُبْهَةٍ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَّلَهُ آخِرًا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى تَمَلُّكِهَا لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ بَلْ النِّكَاحُ أَوْ شُبْهَةُ النِّكَاحِ يَكْفِي لِذَلِكَ اهـ.
فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مَحَلُّهُ مَا إذَا وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ وَأَمَّا إذَا وَطِئَ بِالشُّبْهَةِ فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا كَمَا ذَكَرْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ الشُّبْهَةَ أَوْ لَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ لَيْسَ كَالنِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: حُرَّةٌ قَالَتْ لِسَيِّدِ زَوْجِهَا: اعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ فَسَدَ النِّكَاحُ) ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَفْسُدُ وَأَصْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْآمِرِ عِنْدَنَا حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ نَوَى بِهِ الْكَفَّارَةَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَعِنْدَهُ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ طَلَبَ أَنْ يُعْتِقَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ عَنْهُ وَهَذَا مُحَالٌ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ فَلَمْ يَصِحَّ الطَّلَبُ فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَلَنَا أَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِتَقْدِيمِ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ إذْ الْمِلْكُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ عَنْهُ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ: اعْتِقْ طَلَبُ التَّمْلِيكِ مِنْهُ بِالْأَلْفِ ثُمَّ أَمْرُهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِ الْآمِرِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: أَعْتَقْت تَمْلِيكٌ مِنْهُ ثُمَّ إعْتَاقٌ عَنْهُ وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ فَسَدَ النِّكَاحُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الِاقْتِضَاءِ وَهُوَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَسْكُوتٍ يَتَوَقَّفُ صِدْقُهُ عَلَيْهِ أَوْ صِحَّتُهُ فَالْمُقْتَضَى بِالْفَتْحِ مَا اسْتَدْعَاهُ صِدْقُ الْكَلَامِ كَرَفْعِ الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ أَوْ حُكْمٍ لَزِمَهُ شَرْعًا كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَالْمِلْكُ فِيهِ شَرْطٌ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْمُقْتَضِي وَهُوَ الْعِتْقُ إذْ الشُّرُوطُ اتِّبَاعٌ فَلِذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ الْمُقْتَضَى بِالْفَتْحِ بِشُرُوطِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْعِتْقُ لَا بِشُرُوطِ نَفْسِهِ إظْهَارًا لِلتَّبَعِيَّةِ فَسَقَطَ الْقَبُولُ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْبَيْعِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَالْعَيْبِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حَتَّى صَحَّ الْأَمْرُ بِإِعْتَاقِ الْآبِقِ وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَأَعْتَقَهُ وَقَعَ عَنْ الْآمِرِ وَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْقَبْضِ فِي الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي احْتِمَالِ سُقُوطِ الْقَبْضِ هُنَا وَيُعْتَبَرُ فِي الْآمِرِ أَهْلِيَّةُ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا مَأْذُونًا لَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ بِهَذَا الْكَلَامِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْإِعْتَاقِ وَأَشَارَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ إلَى سُقُوطِ الْمَهْرِ لِاسْتِحَالَةِ وُجُوبِهِ عَلَى عَبْدِهَا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ لِمَوْلَاهَا: أَعْتِقْهَا عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَفَسَدَ النِّكَاحُ لِلتَّنَافِي أَيْضًا لَكِنْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ
وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ ثُمَّ أَعْتَقْت لَمْ يَصِرْ مُجِيبًا لِكَلَامِهِ بَلْ كَانَ مُبْتَدَأً وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ يَعْنِي فَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَقُلْ بِأَلْفٍ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّمْلِيكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْقَبْضِ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فَأَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ وَلَهُمَا أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ شُرُوطِهَا الْقَبْضُ بِالنَّصِّ وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُهُ وَلَا إثْبَاتُهُ اقْتِضَاءً لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ، وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: الْفَقِيرُ يَنُوبُ عَنْ الْآمِرِ فِي الْقَبْضِ أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَقَعُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لِيَنُوبَ عَنْهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِعْلَ الْيَدِ الَّذِي هُوَ الْأَخْذُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتَضَمَّنَهُ فِعْلُ اللِّسَانِ وَيَكُونُ مَوْجُودًا بِوُجُودِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ ضِمْنَ قَوْلٍ آخَرَ وَيُعْتَبَرُ مُرَادُهُ مَعَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَوْلُ أَبِي الْيُسْرِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَظْهَرُ لَا يَظْهَرُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الْقَبْضُ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي احْتِمَالِ سُقُوطِ الْقَبْضِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ، وَالْمَآبُ.
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute