للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْفِعْلَيْنِ عِنْدَ آخِرِهِمَا، وَالْمُضَافُ إلَى أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ كَقَوْلِهِ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ بَعْدَ غَدٍ وَلَوْ عَلَّقَ بِأَحَدِ الْفِعْلَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا، وَالْمُعَلَّقُ بِفِعْلٍ أَوْ وَقْتٍ يَقَعُ بِأَيِّهِمَا سَبَقَ، وَفِي الزِّيَادَاتِ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ أَوَّلًا يَقَعُ وَلَا يُنْظَرُ وُجُودُ الْوَقْتِ، وَإِنْ وُجِدَ الْوَقْتُ أَوَّلًا لَا يَقَعُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْفِعْلُ اهـ.

وَفِيهَا مِنْ فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً غَدًا أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا تَعَلَّقَ ثِنْتَانِ لِمَجِيءِ الْغَدِ وَكَلَامِ فُلَانٍ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ تَطْلِيقَةً تَقَعُ عَلَيْك غَدًا تَطْلُقُ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ فَإِنَّهُ وَصَفَ التَّطْلِيقَةَ بِمَا تَتَّصِفُ بِهِ فَإِنَّهَا تَتَّصِفُ بِالْوُقُوعِ غَدًا بِأَنْ كَانَتْ مُضَافَةً إلَى الْغَدِ فَلَا تَقَعُ بِدُونِ ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَلَوْ قَالَ: تَطْلِيقَةً لَا تَقَعُ إلَّا غَدًا طَلُقَتْ لِلْحَالِ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ إذْ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ مَا لَا يَقَعُ إلَّا فِي الْغَدِ بَلْ يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ حَالًا وَاسْتِقْبَالًا فَلَغَا ذِكْرُ الْوَصْفِ فَبَقِيَ مُرْسَلًا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ تَطْلِيقَةً تَصِيرُ أَوْ تُصْبِحُ غَدًا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى تَطْلُقُ حِينَ يَمْضِي الْيَوْمُ لِأَنَّ الْبَعْدِيَّةَ صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ لِمَا بَيَّنَّا فَصَارَ الطَّلَاقُ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى فَلَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ لِلْحَالِ لِأَنَّ الْبَعْدِيَّةَ صِفَةٌ لِلْيَوْمِ فَيَتَأَخَّرُ الْيَوْمُ عَنْ الطَّلَاقِ فَبَقِيَ الطَّلَاقُ مُرْسَلًا غَيْرَ مُضَافٍ، وَلَوْ قَالَ مَعَ يَوْمِ الْأَضْحَى طَلُقَتْ حِينَ يَطْلُعُ فَجْرُهُ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ فَقَدْ جَعَلَ الْوُقُوعَ مُقَارِنًا لِيَوْمِ الْأَضْحَى وَلَوْ قَالَ مَعَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ لِلْحَالِ لِأَنَّ حَرْفَ مَعَ هُنَا دَخَلَتْ عَلَى الْوَقْتِ فَصَارَ مُضِيفًا الْوَقْتَ إلَى الطَّلَاقِ وَإِضَافَةُ الْوَقْتِ إلَى الطَّلَاقِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَيَبْقَى الطَّلَاقُ مُرْسَلًا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ قَبْلَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ لِلْحَالِ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: الْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا أُضِيفَ إلَى وَقْتٍ لَا يَقَعُ مَا لَمْ يَجِئْ ذَلِكَ الْوَقْتُ، وَإِنْ أُضِيفَ الْوَقْتُ إلَى الطَّلَاقِ وَقَعَ لِلْحَالِ، وَتَوْضِيحُهُ فِيهَا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ غَدًا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لَا بَلْ غَدًا طَلُقَتْ السَّاعَةَ وَاحِدَةً، وَفِي الْغَدِ أُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَالْمَشِيئَةُ إلَيْهَا لِلْحَالِ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْت فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ إلَيْهَا فِي الْغَدِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ غَدًا إذَا دَخَلْت الدَّارَ يَلْغُو ذِكْرُ الْغَدِ فَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ طَلُقَتْ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ إذَا أَلْغَى ذِكْرَ الْغَدِ يَصِيرُ فَاصِلًا بَيْنَ الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَجَزَّأَ الْجَزَاءُ وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ وَقَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ غَدًا يَتَعَلَّقُ طَلَاقُ الْغَدِ بِالدُّخُولِ اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَأْتِ بَعْدَهُ تَعْلِيقٌ لِتَعَارُضِ الْإِضَافَةِ، وَالتَّعْلِيقِ فَيَتَرَجَّحُ الْمُتَأَخِّرُ.

قَوْلُهُ: (وَنِيَّةُ الْعَصْرِ تَصِحُّ فِي الثَّانِي) أَيْ نِيَّةُ آخِرِ النَّهَارِ تَصِحُّ مَعَ ذِكْرِ كَلِمَةِ فِي وَلَا تَصِحُّ عِنْدَ حَذْفِهَا قَضَاءً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا تَصِحُّ فِي الثَّانِي كَالْأَوَّلِ، وَالْفَرْقُ لَهُ عُمُومُ مُتَعَلَّقِهَا بِدُخُولِهَا مُقَدَّرَةً لَا مَلْفُوظَةً لُغَةً لِلْفَرْقِ بَيْنَ صُمْت سَنَةً، وَفِي سَنَةٍ لُغَةً وَكَذَا شَرْعًا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصُومَن عُمْرَهُ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ عُمُرِهِ حَتَّى لَا يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ إلَّا بِصَوْمِ جَمِيعِ الْعُمُرِ وَلَوْ قَالَ لَأَصُومَن فِي عُمُرِي فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ سَاعَةً مِنْ عُمُرِهِ حَتَّى لَوْ صَامَ سَاعَةً بَرَّ فِي يَمِينِهِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ فَنِيَّةُ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ مَعَ ذِكْرِهَا نِيَّةُ الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ وَمَعَ حَذْفِهَا نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَوَّلُ أَجْزَائِهِ مَعَ عَدَمِهَا لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ وَجَعْلُهُمْ لَفْظَةَ غَدٍ عَامًّا مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً فِي الْإِثْبَاتِ لِتَنْزِيلِ الْأَجْزَاءِ مَنْزِلَةَ الْأَفْرَادِ وَكَانَ يَكْفِيهِمْ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ الزَّمَانُ فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَذْفِ، وَالْإِثْبَاتِ كَصَمْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ قَضَاءً لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً فِيهِمَا اتِّفَاقًا، وَالْيَوْمُ، وَالشَّهْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ كَالْغَدِ فِيهِمَا وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِي غَدٍ قَوْلُهُ: فِي شَعْبَانَ مَثَلًا فَإِذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَعْبَانَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتْ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، وَإِنْ نَوَى آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَمِمَّا تَفَرَّعَ عَلَى حَذْفِ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ مَا لَا يَقَعُ إلَّا فِي الْغَدِ. . . إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ كَوْنَ الطَّلْقَةِ لَا تَقَعُ إلَّا غَدًا وَصْفٌ مُمْكِنٌ لَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا قَبْلَهُ إذَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ أَوْ عُلِّقَتْ بِمَجِيئِهِ، وَالْقَصْرُ شَائِعٌ سَائِغٌ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ اهـ.

وَيَتَلَخَّصُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ دِيَانَةً إذَا أَرَادَ التَّخْصِيصَ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْكَلَامِ لَغْوٌ كَمَا قَالُوا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ أَعَمِّ الْأَوْقَاتِ أَيْ لَا تَقَعُ عَلَيْك فِي الْأَوْقَاتِ الْحَالَّةِ، وَالْمُسْتَقْبِلَةِ إلَّا فِي الْغَدِ فَيَلْغُو الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ. . . إلَخْ) أَقُولُ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا سَيَأْتِي بَعْدَ وَرَقَةٍ وَنِصْفٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَوَقَّفَ الْمُنَجَّزُ لِاتِّصَالِ مُغَيِّرِ الْأَوَّلِ بِالْآخِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>