لَا تَصْلُحُ جُزْءًا لِلطَّلَاقِ فِي الْغَدِ اهـ.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ غَدًا أَوْ وَسَطَ غَدٍ وَقَعَا فِيهِ لِإِضَافَتِهِمَا إلَيْهِ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَعَبْدُهُ حُرٌّ غَدًا كَانَ كَمَا قَالَ وَلَوْ ذَكَرَ غَدًا مُتَقَدِّمًا يَتَأَخَّرُ الْعِتْقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ اسْتَثْنَى فِي آخِرِهِ انْصَرَفَ إلَى الْكُلِّ اهـ.
ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْحِنْثِ يَقَعُ بِأَمْرَيْنِ أَوْ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ، وَفِي الْخَانِيَّةِ طَلِّقْ امْرَأَتِي غَدًا فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ أَنْت طَالِقٌ غَدًا كَانَ بَاطِلًا.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْيَوْمِ غَدًا أَوْ غَدًا الْيَوْمَ يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ) أَيْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتَيْنِ تَفَوَّهَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ نَجَّزَهُ فَلَا يَقَعُ مُتَأَخِّرًا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يُعْتَبَرُ لِإِضَافَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ الْيَوْمَ كَانَتْ غَدًا كَذَلِكَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ وَقَعَ مُضَافًا بَعْدَهُ فَلَا يَكُونُ مُنَجَّزًا بَعْدَهُ بَلْ لَوْ اُعْتُبِرَ كَانَ تَطْلِيقًا آخَرَ وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِوَاحِدَةٍ فَلَزِمَ إلْغَاءُ الثَّانِي ضَرُورَةً وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ نَسْخًا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ النَّسْخَ إنَّمَا يَكُونُ بِكَلَامٍ مُسْتَجَدٍّ مُتَرَاخٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ الْيَوْمَ غَدًا لِأَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَوَقَّفَ الْمُنَجَّزُ لِاتِّصَالِهِ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ بِالْآخَرِ، وَقَدْ جَعَلُوا الشَّرْطَ مُغَيِّرًا لِلْأَوَّلِ دُونَ الْإِضَافَةِ، وَقَدْ طُولِبُوا بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَمَا ذَكَرُوا مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ فِي الشَّرْطِ لِبَيَانِ وَقْتِ التَّعْلِيقِ لَا لِبَيَانِ وَقْتِ الْوُقُوعِ، وَفِي الْإِضَافَةِ لِبَيَانِ وَقْتِ الْوُقُوعِ لَا يُفِيدُ فَرْقًا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ وَأُخْرَى فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمَجِيءَ شَرْطٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِيقَاعِ، وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَالْمُوَقَّعُ لِلْحَالِ لَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِشَرْطٍ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ تَطْلِيقَةً أُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَالْأُخْرَى غَدًا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ تَقَعُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ أُخْرَى اهـ.
وَذِكْرُ الْوَاوِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَدَمُ ذِكْرِهَا سَوَاءٌ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا أَوْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا إذَا نَوَى أُخْرَى فَيَتَعَدَّدُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا، وَالْيَوْمَ وَقَعَتْ ثِنْتَانِ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَكَذَا لَوْ قَالَ أَمْسِ، وَالْيَوْمَ فَهِيَ ثِنْتَانِ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْيَوْمِ لَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي الْأَمْسِ فَاقْتَضَى أُخْرَى وَلَوْ قَالَ الْيَوْمَ وَأَمْسِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ مِثْلُ قَوْلِهِ الْيَوْمَ وَغَدًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِيهِ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا، وَالْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ، وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولٌ بِهَا يَقَعُ ثَلَاثًا خِلَافًا زُفَرَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى فِي الْأُولَى أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا وَاحِدَةً صَحَّ وَوَقَعَتْ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ تَقَعُ وَاحِدَةً بِلَا نِيَّةٍ فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَعْنَ كَذَلِكَ وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِالنَّهَارِ أَنْت طَالِقٌ بِاللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ يَقَعُ عَلَيْهِ تَطْلِيقَتَانِ وَلَوْ قَالَ بِالنَّهَارِ، وَاللَّيْلِ تَقَعُ وَاحِدَةً وَلَوْ كَانَ بِاللَّيْلِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ لِلْمَحْبُوبِيِّ وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ آخِرَ النَّهَارِ وَأَوَّلُهُ تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَوْ كَانَتْ فِي آخِرِ النَّهَارِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّ الطَّلَاقَ مَتَى أُضِيفَ إلَى وَقْتَيْنِ مُسْتَقْبَلَيْنِ نَزَلَ فِي أَوَّلِهِمَا لِيَصِيرَ
ــ
[منحة الخالق]
لَا تَصْلُحُ جُزْءًا لِلطَّلَاقِ فِي الْغَدِ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ قُلْت فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْغُوَ الْيَوْمُ فَيَتَعَلَّقُ بِالْغَدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ تَأَخُّرَ الْعِتْقِ عَلَى الْأَصَحِّ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا بَيَاضٌ بَعْدَ قَوْلِهِ ذَكَرُوا فِي بَعْضِهَا وَلَوْ ذَكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ تَأَخَّرَ الْعِتْقُ، وَفِي بَعْضِهَا وَلَوْ ذَكَرَ غَدًا مُتَقَدِّمًا تَأَخَّرَ الْعِتْقَ وَهِيَ أَنْسَبُ أَيْ بِأَنْ قَالَ: غَدًا أَنْت طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْيَوْمَ وَأَمْسِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْأَمْسِ، وَالْيَوْمِ تَأْتِي فِي الْيَوْمِ، وَالْأَمْسِ فَتَدَبَّرْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ دَقِيقٌ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الضَّابِطِ أَيْ الْآتِي قَرِيبًا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فِي الْأَمْسِ، وَالْيَوْمِ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْكَائِنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ.
قُلْت قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ: وَفِي الذَّخِيرَةِ طَالِقٌ أَمْسِ، وَالْيَوْمَ تَقَعُ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ الْيَوْمَ وَأَمْسِ تَقَعُ ثِنْتَانِ وَنُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ خِلَافُهُ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ إيقَاعَهُ فِي أَمْسِ إيقَاعٌ فِي الْيَوْمِ فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ الْيَوْمَ اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ فِي آخِرِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ) قَالَ فِي النَّهْرِ: يَعْنِي فَيَقَعُ فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ إذَا قَالَهُ فِي آخِرِ النَّهَارِ ثِنْتَانِ، وَفِي آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِهِ وَاحِدَةٌ وَأَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ وَسَطَ النَّهَارِ أَنْت طَالِقٌ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْوَقْتِ الْكَائِنِ فَجَعَلَ الْمَاضِي بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِيهِ كَائِنًا وَهَذَا يُفِيدُ لَوْ كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَقَعَتْ وَاحِدَةً أَيْضًا لِأَنَّهُ بَدَأَ