للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَطْلُقُ كَذَا هَذَا، وَأَوْقَعَهُ أَبُو يُوسُفَ بِإِلْغَاءِ الظَّرْفِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيقَاعِ فِيهِ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا فِي غَيْرِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ، وَلَوْ قَالَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا حَنِثَ حَيْثُمَا تَزَوَّجَهَا، وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً مَا دُمْت بِالْكُوفَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَفَارَقَ الْكُوفَةَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ تَطْلُقْ لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ بِالْمُفَارَقَةِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك مَا عِشْت فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَالطَّلَاقُ وَاجِبٌ عَلَيَّ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَطْلِيقَةٌ عَلَى الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ، وَيَقَعُ تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى يَصْرِفُهَا إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى انْصَرَفَتْ إلَى الطَّلَاقِ عُرْفًا فَيَنْصَرِفُ إلَى طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَالْيَمِينُ الثَّانِيَةُ يَمِينٌ بِطَلَاقٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً انْحَلَّتْ الْيَمِينَانِ جَمِيعًا اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ ثُمَّ فَعَلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْفِعْلِ طَلَاقُ الْمُتَزَوِّجَةِ بَعْدَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَإِذَا نَوَى تَقْدِيمَ النِّكَاحِ عَلَى الْفِعْلِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَأَنْ يَحْتَمِلَ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ إنْ فَعَلْت.

(قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ زُرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَزَارَتْ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ حِينَ صَدَرَ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ إيقَاعًا لِعَدَمِ الْمَحَلِّ، وَلَا يَمِينًا لِعَدَمِ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ حَامِلًا عَلَى الْبِرِّ لِإِخَافَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مُخِيفًا لِعَدَمِ ظُهُورِ الْجَزَاءِ عِنْدَ الْفِعْلِ، وَهُوَ الزِّيَارَةُ هُنَا لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَحَلِّيَّةِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَمَعْنَى الْإِخَافَةِ هُنَا لُزُومُ نِصْفِ الْمَهْرِ إنْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَيَجِبُ الْمَالُ فَيَمْتَنِعُ عَنْ التَّزَوُّجِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى هَذَا قَوْلَهُ إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَمِينٌ مَعَ أَنَّهُ لَا حَمْلَ فِيهِ، وَلَا مَنْعَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ لِلْغَالِبِ لَا لِلشَّاذِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَسَائِلَ: الْأُولَى لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَجْتَمِعُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَطْلُقُ، وَمِثْلُهُ كُلُّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا حُرَّةً، وَاشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا لَا تَعْتِقُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ يَصِحُّ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك وَطَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ ذِكْرَ الطَّلَاقِ ذِكْرُ النِّكَاحِ الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الطَّلَاقُ لَا ذِكْرَ لِمَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الْجَزَاءُ اهـ.

الثَّانِيَةُ لَوْ قَالَ لِوَالِدَيْهِ إنْ زَوَّجْتُمَانِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَزَوَّجَاهُ امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى مِلْكِ النِّكَاحِ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْوَالِدَيْنِ لَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى مِلْكِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِالتَّزْوِيجِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا فَرْقَ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يُزَوِّجَاهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ زَوَّجْتنِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَزَوَّجَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَمْ يَصِحَّ اهـ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ قَبْلَ فُلَانَةَ فَهُمَا طَالِقَانِ فَتَزَوَّجَ الْأُولَى طَلَقَتْ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ فِي الْمُحِيطِ تَطْلُقُ أَيْضًا، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِيَةِ غَيْرُ مَذْكُورٍ صَرِيحًا وَلَا ضَرُورَةً، وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت زَيْنَبَ قَبْلَ عَمْرَةَ بِشَهْرٍ فَهُمَا طَالِقَتَانِ فَتَزَوَّجَ زَيْنَبَ ثُمَّ عَمْرَةَ بَعْدَهَا بِشَهْرٍ طَلَقَتْ زَيْنَبُ لِلْحَالِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَا يَسْتَنِدُ، وَلَا تَطْلُقُ عَمْرَةُ لِأَنَّهُ مَا أَضَافَ طَلَاقَهَا إلَى نِكَاحِهَا لِأَنَّ تَزَوُّجَهَا لَمْ يَصِرْ مَذْكُورًا، وَتَمَامُهُ فِي الْمُحِيطِ الرَّابِعَةُ لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً أَوْ أَمَرْت إنْسَانًا بِالتَّزَوُّجِ لِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَةُ الْحَالِفِ لِأَنَّهُ حَنِثَ بِالْأَمْرِ لَا إلَى جَزَاءٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَتَقَعُ تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى يَصْرِفُهَا إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّتِي تَزَوَّجَهَا عَلَى امْرَأَتِهِ بَانَتْ بِالتَّطْلِيقَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَكَيْفَ يُخَيَّرُ فِي صَرْفِ الْأُخْرَى إلَيْهَا، وَعِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً انْحَلَّتْ الْيَمِينَانِ جَمِيعًا وَقَعَ بِالْيَمِينِ الْأُولَى عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبِالثَّانِيَةِ تَطْلِيقَةٌ تُصْرَفُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى مِلْكِ النِّكَاحِ هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَكَأَنَّهُ تَكْرَارٌ مِنْ النَّاسِخِ بَلْ التَّعْلِيلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمَا إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَمْ يَصِحَّ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ يُخَالِفُ ظَاهِرُ مَا فِي الْفَتْحِ، وَقَدْ كُنْت بَحَثْت فِيهِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ إذَا زَوَّجَهُ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ إذَا عَلَّقَ بِهِ الطَّلَاقَ يُرَادُ بِهِ الْمُسَبَّبُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمِلْكُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت امْرَأَةً بِتَزْوِيجِك فَهِيَ طَالِقٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِذَا وَقَعَ يَقَعُ طَلَاقَ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَقَدْ وَجَدْت بَحْثِي مَنْقُولًا صَحِيحًا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخَانِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُنْظَرْ. اهـ.

قُلْت، وَعِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ لِوَالِدَيْهِ إنْ زَوَّجْتُمَانِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَزَوْجَاهُ امْرَأَةً بِأَمْرِهِ قَالُوا لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْيَمِينُ، وَلَا تَطْلُقُ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْفَضْلِ يَصِحُّ، وَتَطْلُقُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>