للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ حَرَامًا، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَتَحِلُّ الذِّمِّيَّةُ بِوَطْءِ الذِّمِّيِّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ، وَسَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ خَافَتْ ظُهُورَ أَمْرِهَا فِي التَّحْلِيلِ تَهَبُ لِمَنْ تَثِقُ بِهِ ثَمَنَ عَبْدٍ فَيَشْتَرِي لَهَا مُرَاهِقًا فَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ بِشَاهِدَيْنِ ثُمَّ يَهَبُ الْعَبْدَ لَهَا فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ ثُمَّ تَبْعَثُ الْعَبْدَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَلَا يَظْهَرُ أَمْرُهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي النِّكَاحِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الِانْعِقَادِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْمُفْتَى بِهَا فَلَا يُحِلُّهَا الْعَبْدُ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَيُحِلُّهَا اتِّفَاقًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا فَإِنَّ مَالِكًا يَشْتَرِطُ الْإِنْزَالَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَأَشَارَ بِالْوَطْءِ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُوطَأَ مِثْلُهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِهَذَا الْوَطْءِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَقُّنِ بِكَوْنِهِ فِي الْمَحَلِّ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُفْضَاةً لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي إلَّا إذَا حَبِلَتْ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْوَطْءَ كَانَ فِي قُبُلِهَا.

وَفِي الْقُنْيَةِ الْمُحَلِّلُ إذَا أَوْلَجَ فِي مَكَان الْبَكَارَةِ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، وَالْمَوْتُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الدُّخُولِ فِي حَقِّ التَّحْلِيلِ اهـ.

مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ فِي الْمُحِيطِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى امْرَأَةً، وَهِيَ عَذْرَاءُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُنْزِلْ لِأَنَّ الْعُذْرَةَ مَانِعَةٌ مِنْ مُوَارَاةِ الْحَشَفَةِ. اهـ.

وَأَرَادَ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحُ النَّافِذُ فَخَرَجَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، وَالْمَوْقُوفُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يُحِلُّهَا إلَّا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِنْزَالَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ مُشْبِعٌ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ لَا بِمِلْكِ يَمِينٍ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثِنْتَيْنِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَوَطِئَهَا الْمَوْلَى لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الثَّانِيَةُ لَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الثِّنْتَيْنِ لَا تَحِلُّ لَهُ بِوَطْئِهِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ الثَّالِثَةُ لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّتْ، وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اسْتَرَقَّهَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَفِي مَنَاقِبِ الْبَزَّازِيِّ إذَا كَانَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ بَلْ بِعِبَارَةِ الْمَرْأَةِ أَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ فَاسِقِينَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ تَحِلَّ لَهُ بِلَا زَوْجٍ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى شَافِعِيٍّ فَيُفْضِي بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ، وَيُزَوِّجُهَا لَهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَلَا يُرَدَّانِ الْقَضَاءُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ يَسْتَلْزِمُ حُرْمَةَ الْوَطْءِ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَنَّ الْأَوْلَادَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَطْءٍ حَرَامٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْقَضَاءُ يَعْمَلُ فِي الْقَائِمِ، وَالْآتِي لَا فِي الْمَاضِي. اهـ. وَفِي فَتَاوِيه.

وَإِنْ خَافَتْ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا الْمُحَلِّلُ تَقُولُ لَهُ حَتَّى يَقُولَ إنْ تَزَوَّجْتُك، وَجَامَعْتُك، وَأَنْتِ طَالِقٌ. اهـ.

وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ مُعْتَرِفًا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ مُنْكِرًا بَعْدَ أَنْ كَانَ الْوَاقِعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَلِذَا قَالُوا وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنْكَرَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ، وَتُحَلِّلُ نَفْسَهَا سِرًّا مِنْهُ إذَا غَابَ فِي سَفَرٍ فَإِذَا رَجَعَ الْتَمَسَتْ مِنْهُ تَجْدِيدَ النِّكَاحِ لِشَكٍّ خَالَجَ قَلْبَهَا لَا لِإِنْكَارِ الزَّوْجِ النِّكَاحَ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فَرَقَمَ لِلْأَصْلِ بِأَنَّهَا إنْ قَدَرَتْ عَلَى الْهُرُوبِ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَعْتَدَّ، وَتَتَزَوَّجَ بِآخَرَ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ زَوْجِيَّةِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْفُرْقَةِ ثُمَّ رَمَزَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ، وَقَالَ قَالُوا هَذَا فِي الْقَضَاءِ، وَلَهَا ذَلِكَ دِيَانَةً، وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَتْهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ جَحَدَ، وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، وَرَدَّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ لَمْ يَسَعْهَا الْمَقَامُ مَعَهُ، وَلَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ أَيْضًا قَالَ يَعْنِي الْبَدِيعَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ جَوَابُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ وَنَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ وَالسَّيِّدِ أَبِي شُجَاعٍ وَأَبِي حَامِدٍ وَالسَّرَخْسِيِّ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى جَوَابِ الْبَاقِينَ لَا يَحِلُّ انْتَهَى، وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ إذَا أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا، وَهُوَ غَائِبٌ وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالدِّيَانَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ نُقِلَ فِي الْقُنْيَةِ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ مَا صُورَتُهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَغَابَ عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ دِيَانَةً

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ الْمُحَلِّلُ إذَا أَوْلَجَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَكَأَنَّهُ ضَعِيفٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِيلَاجُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي طَهَارَةِ الْمُحِيطِ، لَوْ أَتَى امْرَأَةً إلَخْ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ لَا بِمِلْكِ يَمِينٍ ثَلَاثُ صُوَرٍ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِيهِ أَبْعَدُ مِنْ الْبَعِيدِ اهـ.

لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا الْمُبَانَةُ حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ مَعْنَاهُ لَا يَنْكِحُ الْمُبَانَةَ حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ فَالْمُغَيَّا عَدَمُ النِّكَاحِ، وَاَلَّذِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا يَنْكِحُ الْمُبَانَةَ، وَلَا يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ إلَخْ لَصَحَّ ذَلِكَ فَسَاوَى قَوْله تَعَالَى {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] حَيْثُ جُعِلَ غَايَةً لِعَدَمِ الْحِلِّ الشَّامِلِ لَمَّا إذَا كَانَ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ لَا تَحِلُّ لَهُ بِوَطْئِهِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ لَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِهِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لَمْ تَحِلَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ، وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ مَلَكَهَا أَوْ ثَلَاثًا لِحُرَّةٍ فَارْتَدَّتْ، وَلَحِقَتْ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَمَلَكَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا فَيَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ يُطَلِّقَهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى شَافِعِيٍّ إلَخْ) الَّذِي حَرَّرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سُقُوطِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَحِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>