الِاسْتِغْرَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَقَعَ بَائِنًا اهـ.
وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي الْفَتَاوَى، وَفِي بَعْضِهَا، وَفِي الْفَتْوَى، وَالْأُولَى لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَمَشَايِخُنَا أَفْتَوْا فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَالْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنَّ الْكُلَّ بَائِنٌ بِلَا نِيَّةٍ، وَإِذَا حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى فِعْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَفَعَلَ، وَلَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْحَلِفِ، وَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْمُتَزَوِّجَةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ حَلِفَهُ صَارَ حَلِفًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ الْوُجُودِ فَلَا يَنْقَلِبُ طَلَاقًا خَالَعَهَا ثُمَّ قَالَ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ شَرِبَ إلَى سَنَةٍ، وَشَرِبَ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَالْإِضَافَةِ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْتُك فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَتَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْقَائِمَةِ لَا عَلَى الْمُتَزَوِّجَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي نِكَاحِهِ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ امْرَأَةٌ لَا يَقَعُ عَلَى فُلَانَةَ أَيْضًا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَفِي قَوْلِهِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلَقَتَا، وَإِنْ نَوَى إحْدَاهُمَا دُيِّنَ لَا فِي الْقَضَاءِ، وَفَتْوَى الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، وَكَانَ فَعَلَهُ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، وَأَكْثَرُ بِنَّ، وَإِنْ لَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْيَمِينِ فَهُوَ غَمُوسٌ، وَفِي فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا، وَفَعَلَهُ، وَحَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ فَعَلَ كَذَا، وَفَعَلَهُ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ هَذَيْنِ الطَّلَاقَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ فَعَلَ كَذَا فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ ثُمَّ حَلَفَ كَذَلِكَ عَلَى فِعْلٍ آخَرَ، وَحَنِثَ فِي الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ قِيلَ لَا يَقَعُ، وَالْأَشْبَهُ الْوُقُوعُ لِالْتِحَاقِ الْبَائِنِ بِالْبَائِنِ إذَا كَانَ مُعَلَّقًا قَالَتْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ لَا أَدْرِي أَحَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ قَالَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ مَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا فَلْيَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ فَفَعَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَقِيلَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْحُرْمَةِ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
ــ
[منحة الخالق]
نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ إبْدَالُهُ بِحَلَالِ اللَّهِ أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ الْفَتَاوَى مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَحْكُوا فِي هَذَا خِلَافًا بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ أَنَّهَا اتِّفَاقِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ رَادًّا عَلَى الدُّرَرِ فِي ذِكْرِهِ التَّصْحِيحَ فِي الصَّرِيحِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِيمَا يَظْهَرُ بَيْنَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَبَيْنَ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ فِي كَوْنِهِ لَا يَشْمَلُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فِيمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ أَكْثَرُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَيُتَّبَعُ فَجَعْلُ الْعَزْمِيَّةِ مَحَلَّ الْخِلَافِ امْرَأَتِي حَرَامٌ فِي كَوْنِهِ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ أَوْ عَلَى وَاحِدَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَخْرَجَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ وَامْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ وَانْظُرْ فِي تَعْلِيلِ الْفَتْحِ يَتَقَوَّى عِنْدَك مَا قُلْنَا.
(قَوْلُهُ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَقُولُ: يُؤَيِّدُ النُّسْخَةَ الثَّانِيَةَ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا فِي الْأَيْمَانِ كُلُّ حِلٍّ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ فِي شَرْحِهِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَازِلِ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ اهـ.
يَعْنِي: إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لِانْصِرَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ اهـ. كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَاكَ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ بِلَفْظٍ غَيْرِ عَامٍّ أَمَّا اللَّفْظُ الْعَامُّ مِثْلُ كُلِّ حِلٍّ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَوْ عَلَى الْبَيْنُونَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْحَلِفِ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ طَلَاقًا) أَقُولُ: هَكَذَا عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا رَأَيْته فِي نُسْخَتِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ سَقْطًا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَيْمَانِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ فَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَ إلَى الطَّلَاقِ وَقْتَ وُجُودِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ تَبِينُ الْمُتَزَوِّجَةُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَبِينُ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ يَمِينَهُ جُعِلَ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ وُجُودِهَا فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute