للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَاءِ الْمُحْتَرَمِ عَنْ الْخَلْطِ وَاحْتِرَازًا عَنْ اشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْمُحِيطِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ فَقَدْ نَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَا نَصُّهُ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْأَصْلِ إذَا تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوُّجِهَا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ فَقَدْ اعْتَبَرَهُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لَا مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِرَاشَ يَنْعَقِدُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالدُّخُولِ اهـ.

فَهُوَ صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ وَيَتْبَعُهُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ فَكَانَ مَا فِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ سَهْوًا، وَفِي الْخَانِيَّةِ أُمُّ وَلَدٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَوَلَدَتْ لِسِتَّةٍ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ لِلزَّوْجِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا اهـ.

وَأَمَّا عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ فَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ فَأَشْبَهَ عِدَّةَ النِّكَاحِ وَفِرَاشُ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ أَضْعَفَ مِنْ فِرَاشِ الْمَنْكُوحَةِ إلَّا أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي أَصْلِ الْفِرَاشِ وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ الِاحْتِيَاطِ فَأُلْحِقَ الْقَاصِرُ بِالْكَامِلِ احْتِيَاطًا، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي عِدَّتِهِ وَإِمَامُنَا فِيهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ قَالَ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَغَيْرِهِ عِتْقُهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ وَمَاتَ مَوْلَاهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضْعُ الْحَمْلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِأَنْ لَا تَكُونَ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً لِزَوْجٍ فَإِنْ كَانَتْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَوْلَى إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَا فِرَاشَ لَهَا مِنْ الْمَوْلَى وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ بِزَوَالِهِ وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ الشَّرْطُ فِي وُجُوبِ عِدَّةِ الْمَوْلَى أَنْ لَا تَحْرُمَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَأَسْبَابُ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ نِكَاحُ الْغَيْرِ وَعِدَّتُهُ، وَالثَّالِثُ: تَقْبِيلُ ابْنِ الْمَوْلَى فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى أَوْ إعْتَاقِهِ بَعْدَ تَقْبِيلِ ابْنِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ وَلِذَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ حُرْمَتِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مَا لَمْ يَدَّعِهِ اهـ.

فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْحَرَائِرِ وَبِانْقِضَاءِ عِدَّةِ النِّكَاحِ تَعُودُ عِدَّةُ الْمَوْلَى ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ وَلَا يُدْرَى الْأَوَّلُ فَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتِهِمَا أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَا يَجِبُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى شَيْءٌ وَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ عِدَّةَ الْحُرَّةِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَاتَ أَوَّلًا وَهِيَ أَمَةٌ لَزِمَهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلَا يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةُ الزَّوْجِ فَفِي حَالٍ يَلْزَمُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَفِي حَالٍ نِصْفُهَا فَلَزِمَهَا الْأَكْثَرُ احْتِيَاطًا وَلَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ فِي الْمَوْتِ.

الثَّانِي: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ مَاتَ أَوَّلًا لَمْ تَلْزَمْهَا عِدَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ وَبَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ يَلْزَمُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوَّلًا لَزِمَهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مُصَوِّرَةٌ أَنَّ بَيْنَهُمَا هَذِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَمَوْتُ الْمَوْلَى بَعْدَهُ يُوجِبُ عَلَيْهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ فَتَجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُعْلَمَ كَمْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا وَلَا الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَكَالْأَوَّلِ عِنْدَهُ وَكَالثَّانِي عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَ بِأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَةَ وَالْأَمَةَ إذَا أُعْتِقَتْ أَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهِمَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَلَا تُغَسِّلُ مَوْلَاهَا فِي عِدَّتِهِ إذَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِدَّةَ النِّكَاحِ بَلْ هِيَ اسْتِبْرَاءٌ اهـ.

وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأُمِّ الْوَلَدِ حِكَايَةٌ لَطِيفَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمِعْرَاجِ لَمَّا أُخْرِجَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ السِّجْنِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ أُمَّهَاتَ الْأَوْلَادِ مِنْ خُدَّامِهِ الْأَحْرَارِ فَسَأَلَ الْعُلَمَاءَ عَنْ هَذِهِ فَقَالُوا نِعْمَ مَا فَعَلْت فَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَهُ أَخْطَأْت؛ لِأَنَّ تَحْتَ كُلِّ خَادِمٍ حُرَّةً وَهَذَا تَزَوُّجُ الْأَمَةِ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>