للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَادَاتِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ فَإِنْ شَاءَ الْقَاضِي فَرَضَهَا أَصْنَافًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَقَضَى بِالْقِيمَةِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَتُفْرَضُ الْكِسْوَةُ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا إذَا تَزَوَّجَ وَبَنَى بِهَا وَلَمْ يَبْعَثْ إلَيْهَا الْكِسْوَةَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْكِسْوَةِ قَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْفَعَهَا إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهَا بِلُبْسِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ اهـ.

وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ أَمْسَكَتْ النَّفَقَةَ وَأَكَلَتْ قَلِيلًا وَقَتَّرَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لِتَأْكُلَ بِمَا فُرِضَ لَهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ الْهُزَالِ فَإِنَّهُ يَضُرُّهُ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَصَّافِ وَيَجْعَلُ لَهَا أَنْ تَنَامَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْفِرَاشِ وَمُضَرَّبَةً وَمُرَقَّعَةً فِي الشِّتَاءِ وَلِحَافًا تَتَغَطَّى بِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي شَرْحِ النَّفَقَاتِ ذَكَرَ لَهَا فِرَاشًا عَلَى حِدَةٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِفِرَاشٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَعْتَزِلُ عَنْهُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ أَوْ فِي زَمَانِ مَرَضِهَا اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ الدِّرْعَ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ الْقَمِيصَ وَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الْقَمِيصَ يَكُونُ مُجَيَّبًا مِنْ قِبَلِ الْكَتِفِ وَالدِّرْعُ مِنْ قِبَلِ الصَّدْرِ، وَفِي الْبَدَائِعِ الْكِسْوَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ كَالنَّفَقَةِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ فَقَطْ أَوْ حَالِهِمَا عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي الْكِسْوَةَ فَهَلَكَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنْهَا أَوْ خَرَقَتْهَا قَبْلَ الْوَقْتِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْسُوَهَا حَتَّى يَمْضِيَ الْوَقْتُ الَّذِي لَا تَبْقَى إلَيْهِ الْكِسْوَةُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ فِي التَّقْدِيرِ يَرُدُّهُ فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ ذَلِكَ لَا يَرُدُّهُ فَإِنْ تَخَرَّقَتْ الْكِسْوَةُ بِالِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ يَنْظُرُ فَإِنْ تَخَرَّقَتْ بِخَرْقِ اسْتِعْمَالِهَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْخَطَأُ فِي التَّقْدِيرِ فَلَا يَقْضِي بِكِسْوَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَمْضِي ذَلِكَ الْوَقْتُ وَإِنْ تَخَرَّقَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِي التَّقْدِيرِ فَيَقْضِي بِكِسْوَةٍ أُخْرَى، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي النَّفَقَةِ إذَا ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ أَوْ أُكِلَتْ أَوْ أَسْرَفَتْ أَوْ لَمْ تُسْرِفْ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ فَهُوَ كَمَا قُلْنَا فِي الْكِسْوَةِ.

وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْكِسْوَةُ بَاقِيَةٌ فَإِنْ لَمْ تَسْتَعْمِلْ تِلْكَ الْكِسْوَةَ أَصْلًا حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ يَفْرِضُ الْقَاضِي لَهَا كِسْوَةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ خَطَأُ الْقَاضِي فِي التَّقْدِيرِ وَإِنْ اسْتَعْمَلَتْ تِلْكَ الْكِسْوَةَ فَإِنْ اسْتَعْمَلَتْ مَعَهَا كِسْوَةً أُخْرَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ يَفْرِضُ لَهَا الْقَاضِي كِسْوَةً أُخْرَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَعْمِلْ مَعَ هَذِهِ الْكِسْوَةِ كِسْوَةً أُخْرَى لَا يَفْرِضُ لَهَا أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فِي التَّقْدِيرِ حَيْثُ وَقَّتَ وَقْتًا تَبْقَى الْكِسْوَةُ وَرَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ نَفَقَةَ شَهْرٍ فَمَضَى الشَّهْرُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ حَيْثُ يَفْرِضُ لَهَا الْقَاضِي فِي النَّفَقَةِ عَشَرَةً أُخْرَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي بَابِ النَّفَقَةِ لَمْ يَظْهَرْ خَطَأُ الْقَاضِي فِي التَّقْدِيرِ بِيَقِينٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ شَيْءٌ لِتَقْتِيرٍ وُجِدَ مِنْهَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا فَبَقِيَ التَّقْدِيرُ مُعْتَبَرًا فَيَقْضِي الْقَاضِي لَهَا بِعَشَرَةٍ أُخْرَى أَمَّا فِي بَابِ الْكِسْوَةِ إذَا لُبِسَتْ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَلَمْ تَتَخَرَّقْ فَقَدْ ظَهَرَ خَطَأُ الْقَاضِي فِي التَّقْدِيرِ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا التَّقْتِيرُ فِي اللُّبْسِ فَرْقٌ بَيْنَ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَكِسْوَتِهِنَّ وَبَيْنَ نَفَقَةِ الْمَحَارِمِ وَكِسْوَتِهِمْ فَإِنَّ فِي الْأَقَارِبِ إذَا مَضَى الْوَقْتُ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْكِسْوَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِأُخْرَى فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي حَقِّهِمْ وَفِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مُعَاوَضَةٌ عَنْ الِاحْتِبَاسِ وَلِهَذَا إذَا ضَاعَتْ النَّفَقَةُ أَوْ الْكِسْوَةُ مِنْ أَيْدِيهِمْ يَفْرِضُ لَهُمْ أُخْرَى لِمَا ذَكَرْنَا اهـ.

وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْمَنْقُولَاتِ أَشْيَاءُ مِنْهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ لِبَاسِ بَدَنِهَا وَفُرُشِ بَيْتِهَا مِمَّا تَنَامُ عَلَيْهِ وَتَتَغَطَّى بِهِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ عَلَى الرَّجُلِ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَإِمَّا أَنْ يَفْرِضَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَصْنَافًا أَوْ دَرَاهِمَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيُعَجِّلَهَا لَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَلِيَ الزَّوْجُ شِرَاءَ الْأَمْتِعَةِ لَهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْإِنْفَاقِ إلَّا إذَا ظَهَرَ مَطْلُهُ أَوْ خِيَانَتُهُ فِي الشِّرَاءِ لَهَا فَحِينَئِذٍ هِيَ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهَا أَوْ بِوَكِيلِهَا وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَ لَهَا أَمْتِعَةٌ مِنْ فُرُشٍ وَنَحْوِهَا لَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>