للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْمَلُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ لِلْمَرِيضَةِ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ النُّقْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُهُ جِمَاعُهَا أَوْ لَا كَانَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ لَا حَيْثُ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى كَافِي الْحَاكِمِ وَالْمَبْسُوطِ وَالشَّامِلِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَالَ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِهِ فَرَّعُوهُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ حَقِيقَةً وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَلَيْسَ هُوَ الْمُخْتَارُ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ إلَّا أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِلْمَرِيضَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَيْثُ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُمْكِنَهَا الِانْتِقَالُ فَلَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ أَصْلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ تَقْدِيرًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي تَوْجِيهِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنَّ التَّسْلِيمَ حَاصِلٌ فِي حَقِّ التَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ انْتِقَالُهَا فَاتَ التَّسْلِيمُ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْفَارِقِينَ بَيْنَ الْمَرِيضَةِ وَالصَّحِيحَةِ فَالْمَرِيضَةُ الَّتِي لَمْ تُزَفَّ لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الِانْتِقَالِ مَعَهُ سَوَاءٌ مَنَعَتْ نَفْسَهَا بِالْقَوْلِ أَوْ لَا وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا لَمْ تُزَفَّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ مَرَضًا لَا تَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْجِمَاعُ لَمْ تَبْطُلْ نَفَقَتُهَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُطْلَقَ هُوَ التَّسْلِيمُ الْمُمَكِّنُ مِنْ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدْ حَصَلَ بِالِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ صَحِيحَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ لَا أَصْلَ لَهُ وَعِبَارَتُهَا إذَا زُفَّتْ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَمَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ مَرَضًا لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ إنْ كَانَ بَنَى بِهَا كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْلَمُ عَنْ الْمَرَضِ فِي عُمُرِهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَمَرِضَتْ مَرَضًا لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا إغْمَاءٌ كَثِيرٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَانْتَقَلَتْ إلَى دَارِ أَبِيهَا قَالُوا إنْ كَانَتْ بِحَالٍ يُمْكِنُ النَّقْلُ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَمْ تَنْتَقِلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ اهـ.

وَقَيَّدَ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَاوَاةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ سِتًّا مِنْ النِّسَاءِ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ لِأَبِي اللَّيْثِ عَشْرٌ مِنْ النِّسَاءِ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَرِيضَةَ وَذَكَرَ خَمْسَةً وَالْأَمَةَ إذَا لَمْ يُبَوِّئْهَا مَوْلَاهَا وَالْمَنْكُوحَةَ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمُرْتَدَّةَ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمَرْأَةَ إذَا قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا بِشَهْوَةٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُ نَفَقَةِ الْأَمَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمُقَبِّلَةُ وَالْمُرْتَدَّةُ فَلَمْ يَفُتْ الْمُصَنِّفَ إلَّا الْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِهِ.

(قَوْلُهُ وَلِخَادِمٍ لَوْ مُوسِرًا) أَيْ تَجِبُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ لِخَادِمِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ كِفَايَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ لِلْخَادِمِ أَدْنَى الْكِفَايَةِ لَا تَبْلُغُ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ، وَكَذَا كِسْوَتُهُ بِأَرْخَصِ مَا يَكُونُ وَيُفْرَضُ لِلْخَادِمِ خُفٌّ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفَسَّرَ فِي الْهِدَايَةِ نَفَقَةَ الْخَادِمِ بِمَا يَلْزَمُ الْمُعْسِرَ مِنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ وَشَرَطَ فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ خَادِمِهَا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شُغُلٌ غَيْرُ خِدْمَتِهَا بِأَنْ يَكُونَ مُتَفَرِّغًا لَهَا وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْخَادِمِ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَيْهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي تَفْسِيرِهِ فَقِيلَ هُوَ كُلُّ مَنْ يَخْدُمُهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مِلْكًا لَهَا أَوْ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ مَمْلُوكُهَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَادِمٌ لَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمٍ؛ لِأَنَّهَا بِسَبَبِ مِلْكِهَا لَهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهَا لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَالْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ لَا يَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ خَادِمَهَا هُوَ الْمَمْلُوكُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ الْخَادِمَ وَاحِدُ الْخُدَّامِ غُلَامًا كَانَ أَوْ جَارِيَةً وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ تَفْسِيرَ الزَّيْلَعِيِّ خَادِمَهَا بِالْجَارِيَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ

ــ

[منحة الخالق]

يُحْمَلُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَرِيضَةَ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَيْثُ لَمْ تُزَفَّ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَوْ لَا، وَهَذَا بِرِوَايَةِ الثَّانِي أَلْيَقُ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا إذَا مَرِضَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَقَالَ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا اهـ.

قُلْت هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْآتِي أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْخَادِمِ مَمْلُوكًا لَهَا فَلَا فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهَا لَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْخَادِمِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ هَكَذَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ خَادِمٌ لَا يُفْرَضُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ عَلَى الزَّوْجِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا نَفَقَةَ الْخَادِمِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْخَادِمِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خَادِمٌ كَيْفَ تَسْتَوْجِبُ نَفَقَةَ الْخَادِمِ وَهُوَ نَظِيرُ الْقَاضِي إلَخْ أَقُولُ: وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لَيْسَتْ نَصًّا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْخَادِمِ مِلْكًا لَهَا.

(قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَوْ قَالَ فِيهِ قُصُورٌ لَكَانَ أَوْلَى عَلَى أَنَّهُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ جَرَى عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>