للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْخَادِمِ دَيْنًا عَلَيْهِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا قِيلَ فِي نَفَقَتِهَا ذَلِكَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ الْآيَةِ وَحَدِيثِ هِنْدَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْخَادِمِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَلَا تُقَدَّرُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ بِالدَّرَاهِمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ، بَلْ يُفْرَضُ لَهَا مَا يَكْفِيهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَلَكِنْ لَا تَبْلُغُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا نَفَقَتَهَا؛ لِأَنَّ الْخَادِمَ تَبَعٌ لِلْمَرْأَةِ فَتَنْقُصُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ عَنْ نَفَقَتِهَا وَلَمْ يُرِدْ بِالنُّقْصَانِ النُّقْصَانَ فِي الْخُبْزِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ وَعَسَى أَنْ تَسْتَوْفِيَ الْخَادِمَ مِنْ الْخُبْزِ فِي الْأَكْلِ أَكْثَرَ مِمَّا تَسْتَوْفِي الْمَرْأَةُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النُّقْصَانَ فِي الْإِدَامِ اهـ.

وَفِيهِ أَيْضًا وَالْكِسْوَةُ لِلْخَادِمِ عَلَى الْمُعْسِرِ قَمِيصُ كِرْبَاسٍ فِي الشِّتَاءِ وَإِزَارٌ وَرِدَاءٌ كَأَرْخَصِ مَا يَكُونُ وَفِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِزَارٌ وَعَلَى الْمُوسِرِ فِي الشِّتَاءِ قَمِيصٌ وَطِيءٌ وَإِزَارُ كِرْبَاسٍ وَكِسَاءٌ رَخِيصٌ وَفِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِزَارٌ، ثُمَّ لَمْ يَفْرِضْ لِلْخَادِمَةِ الْخِمَارَ وَفَرَضَهَا لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْخِمَارَ لِسَتْرِ الرَّأْسِ، وَرَأْسُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ وَرَأْسُ الْخَادِمِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَفَرَضَ لَهَا الْإِزَارَ؛ لِأَنَّ الْخَادِمَ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ قَالَ مَشَايِخُنَا مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ مِنْ ثِيَابِ الْخَادِمِ فَهُوَ بِنَاءً عَلَى عَادَاتِهِمْ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ بِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَعَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ فِيمَا يُفْرَضُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كِسْوَةِ الْخَادِمِ عَلَى الْمُعْسِرِ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَالْيَسَارُ مُقَدَّرٌ بِنِصَابِ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ لَا بِنِصَابِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ اهـ.

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ وَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ وَالْعَدَالَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ بِإِزَاءِ الْخِدْمَةِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَأَعْمَالِ الْبَيْتِ لَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ بِمُقَابَلَتِهَا بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاحْتِبَاسِ فَإِذَا لَمْ تَعْمَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بِعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لَبَطَلَ حَقُّهُ، وَلَوْ لَمْ يُفَرِّقْ لَتَأَخَّرَ حَقُّهَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى فِي الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَصِيرُ دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي فَيَسْتَوْفِي فِي الثَّانِي وَفَوْتُ الْمَالِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي النِّكَاحِ فَلَا يُلْحَقُ بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ التَّوَالُدُ فَلَا يُقَاسُ الْعَجْزُ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ الْجِمَاعِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ وَأَطْلَقَ فِي النَّفَقَةِ فَشَمِلَ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ فَلَا يُفَرِّقُ بِعَجْزِهِ عَنْ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَقَيَّدَ بِالنَّفَقَةِ لِيَعْلَمَ حُكْمَ الْمَهْرِ بِالْأُولَى وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الْفُصُولِ إذَا ثَبَتَ الْعَجْزُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ بِالتَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالتَّفْرِيقِ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ إلَّا إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا وَوَقَعَ اجْتِهَادُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قَضَى مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِ وَلَكِنْ أَمَرَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَقَضَى بِالتَّفْرِيقِ نَفَذَ إذَا لَمْ يَرْتَشِ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَرَفَعَتْ الْمَرْأَةُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ عَاجِزٌ عَنْ النَّفَقَةِ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا فَقَدْ ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ جَازَ تَفْرِيعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى فِي فَصْلَيْنِ مُخْتَلَفٍ فِيهِمَا التَّفْرِيقُ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَقَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ لَا يَصِحُّ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ إنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَيَنْفُذُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا ثَبَتَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَهُنَا لَمْ يَثْبُتْ الْمَشْهُودُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ الْعَجْزُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الْغَائِبَ صَارَ غَنِيًّا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الشَّاهِدُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَسَافَةِ فَكَانَ الشَّاهِدُ مُجَازِفًا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ اعْتَبَرَ فِيهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ لَهَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَهِيَ فَقِيرَةٌ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ.

(قَوْلُهُ: فَشَمِلَ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ) أَيْ الْمَأْكُولَ وَالْكِسْوَةَ وَالسُّكْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>