الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدُهُ صَحَّ إعْتَاقُهُ وَيُجْعَلُ قَبْضًا وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ كَمَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ فِي بَحْثِ الْقَضَاءِ.
وَأُخْرِجَ بِاشْتِرَاطِ الْمَمْلُوكِيَّةِ عِتْقُ الْحَمْلِ إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ وَقْتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمِلْكِ لِلْمُعْتِقِ وَقْتَ وُجُودِ الْإِعْتَاقِ لِيَنْفُذَ إنْ كَانَ مُنْجَزًا وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِمَا سِوَى الْمِلْكِ وَسَبَبِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمِلْكِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ كَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ وَقْتَ نُزُولِ الْجَزَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْمِلْكِ فِيمَا بَيْنَهُمَا، أَمَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِالْمِلْكِ كَأَنْ مَلَّكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَكُونَ صَاحِيًا وَلَا طَائِعًا لِصِحَّةِ عِتْقِ السَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ عِنْدَنَا كَطَلَاقِهِمَا، وَكَذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَمْدَ لِصِحَّةِ عِتْقِ الْمُخْطِئِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَبُولَ الْعَبْدِ لِلْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ فَإِنَّ قَبُولَهُ شَرْطٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ، وَكَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خُلُوُّهُ عَنْ الْخِيَارِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْخِيَارِ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى فَيَقَعُ الْعِتْقُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، أَمَّا مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ فَلَا بُدَّ مِنْ خُلُوِّهِ عَنْ خِيَارِهِ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْعَبْدُ الْعِتْقَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَلَا يَعْتِقُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، وَكَذَا الصُّلْحُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لِلْقَاتِلِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنْ فُسِخَ الْعَقْدُ فَفِي الْقِيَاسِ يَبْطُلُ الْعَفْوُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَبْطُلُ وَيَلْزَمُ الْقَاتِلَ الدِّيَةُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا إسْلَامَ الْمُعْتِقِ وَهُوَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَلَوْ مُرْتَدَّةً، أَمَّا إعْتَاقُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ عِنْدَ الْإِمَامِ نَافِذٌ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ مِنْ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَشَرَطَ فِي الْبَدَائِعِ عَدَمَ الشَّكِّ فِي ثُبُوتِ الْإِعْتَاقِ فَإِنْ كَانَ شَاكًّا فِيهِ لَا يَحْكُمُ بِثُبُوتِهِ.
أَمَّا الثَّانِي وَهُوَ صَرِيحُهُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ الْحُرِّيَّةُ وَالْعِتْقُ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ فِعْلًا أَوْ وَصْفًا فَالْفِعْلُ نَحْوُ أَعْتَقْتُك وَحَرَّرْتُك أَوْ أَعْتَقَك اللَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالْوَصْفُ نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ وَمُحَرَّرٌ وَعَتِيقٌ وَمُعْتَقٌ وَسَيَأْتِي حُكْمُ النِّدَاءِ بِهَا وَمِنْهُ الْمَوْلَى أَيْضًا كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ فَلَوْ ذَكَرَ الْخَبَرَ فَقَطْ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ حُرٌّ فَقِيلَ لَهُ لِمَنْ عَنَيْت فَقَالَ عَبْدِي عَتَقَ عَبْدُهُ، أَمَّا الْمَصْدَرُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِلتَّفْصِيلِ فِيهِ فَإِنْ قَالَ الْعَتَاقُ عَلَيْك أَوْ عِتْقُك عَلَيَّ كَانَ صَرِيحًا إلَّا إذَا زَادَ قَوْلَهُ عِتْقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ لِجَوَازِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِكَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ بِخِلَافِ طَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الطَّلَاقِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ حُكْمُهُ وَحُكْمُهُ وُقُوعُهُ وَاقْتَضَى هَذَا وُقُوعَهُ، أَمَّا الْعِتْقُ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، أَمَّا إذَا قَالَ أَنْت عِتْقٌ أَوْ عَتَاقٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ.
قَالَ الْكَمَالُ: فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ ضَابِطِ الصَّرِيحِ قُلْتُ: إنَّ مَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ ضَعِيفٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ أَنْتَ عِتْقٌ يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَلَاقٌ. اهـ.
فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحِ الضَّابِطِ، أَمَّا إذَا كَانَ تَلَفَّظَ بِالْعِتْقِ مُهَجًّى كَقَوْلِهِ أَنْت ح ر فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ يَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ كَالطَّلَاقِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
أَمَّا التَّلَفُّظُ بِالْعِتْقِ الْعَامِّ فَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ كُلُّ مَالِي حُرٌّ لَا يَعْتِقُ عَبِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الصَّفَا وَالْخُلُوُّ عَنْ شَرِكَةِ الْغَيْرِ، وَلَوْ قَالَ عَبِيدُ أَهْلِ بَلْخٍ أَحْرَارٌ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدَهُ أَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ فِي الْأَرْضِ حُرٌّ أَوْ قَالَ كُلُّ عَبِيدِ أَهْلِ الدُّنْيَا أَحْرَارٌ أَوْ كَانَ مَكَانَ الْعِتْقِ طَلَاقٌ اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ لَا يَعْتِقُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ يَعْتِقُ، أَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَقَالَ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ لَا يَعْتِقُ، وَقَالَ شَدَّادٌ يَعْتِقُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ عِصَامٍ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبِيدٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَحْرَارٌ وَعَبْدُهُ فِيهِمْ عَتَقَ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ قَالَ وَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ لَا يَعْتِقُ عَبْدُهُ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ طَلَاقُك عَلَى وَاجِبٌ إلَى قَوْلِهِ وُقُوعُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِيهِ نَظَرٌ أَوَّلًا بِالْمَنْعِ إذْ هُوَ وَاجِبٌ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ، وَثَانِيًا بِالتَّسْلِيمِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهِ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ، وَقَدْ قَدَّمَ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ قَوْلَهُ لَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ لَا يَقَعُ، وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَطَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ فَرْضٌ فَفَعَلَ، تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ نَوَى أَوْ أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَقَعُ وَفِي قَوْلِهِمَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِ لَازِمٌ وَفِي قَوْلِهِ وَاجِبٌ لَا يَقَعُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقَعُ نَصَّ عَلَيْهِ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute