للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ وَلَدِ الْمَوْلَى، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْجَنِينِ بَدَلَ الْوَلَدِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي أَوْصَافِهَا إلَّا الْحَمْلُ، أَمَّا الْوَلَدُ بَعْدَ الْوَضْعِ فَلَا يَتْبَعُهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ.

وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ هُنَا الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ، أَمَّا الطَّارِئَةُ فَقَدْ أَفَادَهَا أَوَّلًا بِقَوْلِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَا وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْمُدَبَّرَةُ فِي وَلَدِهَا فَقَالَ الْمَوْلَى وَلَدْتِيهِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ رَقِيقٌ، وَقَالَتْ هِيَ وَلَدْته بَعْدَهُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرَةِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ التَّدْبِيرِ عِتْقٌ فَقَالَ الْمَوْلَى لِلْمُعْتَقَةِ وَلَدْتِيهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهُوَ رَقِيقٌ، وَقَالَتْ وَلَدْته بَعْدَ الْعِتْقِ وَهُوَ حُرٌّ يُحَكَّمُ فِيهِ الْحَالُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهَا فِي يَدِ الْمَوْلَى فَكَذَا وَلَدَهَا. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى فِي مَسْأَلَةِ إعْتَاقِهَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي أَيْدِيهِمَا فَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي الْوِلَادَةَ فِي أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَفِيهِ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمَوْلَى قَامَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِتْقِ وَبَيِّنَتَهَا قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْكِتَابَةِ، أَمَّا فِي التَّدْبِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى رَقِّ الْوَلَدِ، وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْوَلَدُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ يُرْجَعُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْوَلَدِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مِنْهُمَا اهـ.

وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِعَطْفِ الرِّقِّ عَلَى الْمِلْكِ إلَى الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمِلْكَ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ ابْتِدَاءً فَخَرَجَ الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ وَالْوَكِيلُ، أَمَّا الرِّقُّ فَعَجْزٌ حُكْمِيٌّ عَنْ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَمَالِكِيَّةِ الْمَالِ كَائِنٌ عَنْ جَعْلِهِ شَرْعًا عُرْضَةً لِلتَّمَلُّكِ وَالِابْتِذَالِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقُّ الْعَامَّةِ فَقِيلَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا اسْتَنْكَفُوا عَنْ عِبَادَتِهِ جَعَلَهُمْ اللَّهُ أَرِقَّاءَ لِعِبَادِهِ فَكَانَ سَبَبَ رِقِّهِمْ كُفْرَهُمْ أَوْ كُفْرُ أُصُولِهِمْ، وَقِيلَ بِالثَّانِي لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى نَفْعِهِمْ وَإِقَامَةِ مَصَالِحِهِمْ وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهُمْ قَالُوا أَوَّلُ مَا يُؤْخَذُ الْمَأْسُورُ يُوصَفُ بِالرِّقِّ وَلَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ إلَّا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالْمِلْكُ يُوجَدُ فِي الْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ دُونَ الرِّقِّ وَبِالْبَيْعِ يَزُولُ مِلْكُهُ دُونَ الرِّقِّ وَبِالْعِتْقِ يَزُولُ مِلْكُهُ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَيَزُولُ الرِّقُّ ضِمْنًا ضَرُورَةَ فَرَاغِهِ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَيَتَبَيَّنُ لَك الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِنِّ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فَإِنَّ الْمِلْكَ وَالرِّقَّ كَامِلَانِ فِي الْقِنِّ، وَرِقُّ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ نَاقِصٌ حَتَّى لَا يَجُوزُ عِتْقُهَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَالْمِلْكُ فِيهَا كَامِلٌ حَتَّى جَازَ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ، وَالْمُكَاتَبُ رِقُّهُ كَامِلٌ حَتَّى جَازَ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَمِلْكُهُ نَاقِصٌ حَتَّى خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَحَاصِلُهُ أَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَعْتَمِدُ كَمَالَهُمَا وَحِلَّ الْوَطْءِ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الْمِلْكِ فَقَطْ وَجَوَازَ الْعِتْقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الرِّقِّ فَقَطْ وَقَيَّدَ بِالتَّبَعِيَّةِ فِيمَا ذَكِرَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ النَّسَبِ فَإِنَّهُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لِلتَّعْرِيفِ وَحَالُ الرِّجَالِ مَكْشُوفَةٌ دُونَ النِّسَاءِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ أَمَةَ إنْسَانٍ فَأَتَى بِوَلَدٍ فَهُوَ هَاشِمِيٌّ تَبَعًا لِأَبِيهِ رَقِيقٌ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ رَضِيَ بِرِقِّ الْوَلَدِ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى تَزَوُّجِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِرِقِّهَا بِخِلَافِ الْمَغْرُورِ فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ الْأَمَةِ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ فَانْعَلَقَ حُرًّا وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ وَهُوَ مِمَّا يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْمِلْكِ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي بَابِ دَعْوَةِ النَّسَبِ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ الدِّينِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا؛ لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهُ انْعَلَقَ حُرًّا لِلْقَطْعِ بِأَنَّ إبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ قَطُّ إلَّا حُرٌّ إلَّا أَنَّهُ يَعْلَقُ مَمْلُوكًا، ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْمَبْسُوطِ الْوَلَدُ يَعْلَقُ حُرًّا مِنْ الْمَاءَيْنِ؛ لِأَنَّ مَاءَهُ حُرٌّ وَمَاءُ جَارِيَتِهِ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُعَارَضَةُ بِخِلَافِ ابْنِهِ مِنْ جَارِيَةِ الْغَيْرِ فَإِنَّ مَاءَهَا مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُعَارَضَةُ فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُهَا بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهَا بِيَقِينٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

ــ

[منحة الخالق]

فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالشَّاةِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْجُرْجَانِيِّ إنْ كَانَ يُشْبِهُ الْأُمَّ يَجُوزُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>