للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْقَبُولُ فِي النِّصْفِ قَبُولٌ فِي الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ كَانَ الْقَبُولُ فِي النِّصْفِ قَبُولًا فِي الْكُلِّ اتِّفَاقًا وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ لِمَوْلَاهُ: أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَوْ كَانَ بِالْبَاءِ يَعْتِقُ نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ.

كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْعَبْدِ كُلِّهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَّا إذَا أَجَازَ الْآخَرُ يَجِبُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَعْتَقْتُ نَصِيبِي بِأَلْفٍ فَقَبِلَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ لِلْمُعْتِقِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ السَّاكِتُ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ بِمُقَابَلَةِ نَصِيبِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَالِ فَشَمِلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ مِنْ النَّقْدِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ فَشَابَهَ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَكَذَا الطَّعَامُ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَلَا يَضُرُّهُ جَهَالَةُ الْوَصْفِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ وَيَلْزَمُهُ الْوَسَطُ فِي تَسْمِيَةِ الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ بَعْدَ بَيَانِ جِنْسِهِمَا مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ وَلَوْ أَتَاهُ بِالْقِيمَةِ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ بِأَنْ قَالَ: عَلَى ثَوْبٍ، أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ دَابَّةٍ فَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى قِيمَةِ رَقَبَتِهِ فَقَبِلَ عَتَقَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْقَبُولِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مِلْكًا لِلْغَيْرِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى عَبْدٍ مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ لَا يَنْفَسِخُ الْعِتْقُ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَعَلَى الْعَبْدِ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْوَسَطُ فِي الْقِيَمِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَكَذَا عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنَّمَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ الْفَاحِشِ كَالْعَيْبِ فِي الْمَهْرِ وَقَالَا بِالْيَسِيرِ أَيْضًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَالِ جِنْسِهِ، أَوْ مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْمَالِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا بِالْأَدَاءِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهَا قَوْلُ الْمَوْلَى، وَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمَالِ الْخَمْرَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهَا مَالٌ عِنْدَهُمْ فَلَوْ أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالْقَبُولِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمُسَمَّى فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْرِ فَعِنْدَهُمَا عَلَى الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُخَاطَبِ بِالْعِتْقِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْهُولًا كَمَا إذَا قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ، وَالْآخَرُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَبِلَا عَتَقَا بِلَا شَيْءٍ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُمَا مُتَيَقَّنٌ وَمَنْ عَلَيْهِ الْمَالُ مَجْهُولٌ فَلَا يَجِبُ كَرَجُلَيْنِ قَالَا لِرَجُلٍ لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفٌ وَتَمَامُ تَفْرِيعَاتِهِ فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: أَنْت حُرٌّ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَنِّي فَلَمْ يَحُجَّ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ حَجٍّ وَسَطٍ، سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِعَبْدِهِ: صُمْ عَنِّي يَوْمًا وَأَنْتَ حُرٌّ وَصَلِّ عَنِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَصُمْ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ، وَلَوْ قَالَ: حُجَّ عَنِّي وَأَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَحُجَّ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ مِمَّا لَا تَجْرِي فِيهِمَا النِّيَابَةُ، وَالْحَجَّ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَلِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ بَدَلٍ، وَالْحَجُّ فِيهِ مُؤْنَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ شَرَطَ ذَلِكَ بَدَلًا اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى مَالٍ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى تَعْلِيقٌ - وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِشَرْطِ قَبُولِ الْعِوَضِ فَيُرَاعَى فِيهِ مِنْ جَانِبِهِ أَحْكَامُ التَّعْلِيقِ حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ الْمَوْلَى لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهُ قَبْلَ قَبُولِ الْعَبْدِ وَلَا الْفَسْخُ وَلَا النَّهْيُ عَنْ الْقَبُولِ وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْعَبْدِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، وَإِضَافَتُهُ إلَى وَقْتٍ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ -، وَمِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ مُعَاوَضَةٌ فَتُرَاعَى أَحْكَامُهَا فَمَلَكَ الرُّجُوعَ لَوْ ابْتَدَأَ وَبَطَلَ بِقِيَامِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمَوْلَى وَبِقِيَامِ الْمَوْلَى وَلَا يَقِفُ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ كَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرَيْت نَفْسِي مِنِّي بِأَلْفٍ إذَا جَاءَ غَدٌ، أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَعْتِقْنِي عَلَى كَذَا جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا تَوْكِيلٌ مِنْهُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>