للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ تَبْقَى الْجُزْئِيَّةُ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً فَضَعُفَ السَّبَبُ فَأَوْجَبَ حُكْمًا مُؤَجَّلًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبَقَاءُ الْجُزْئِيَّةِ حُكْمًا بِاعْتِبَارِ النَّسَبِ وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الرِّجَالِ فَكَذَا الْحُرِّيَّةُ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ حَتَّى إذَا مَلَكَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ بِمَوْتِهَا وَبِثُبُوتِ عِتْقٍ مُؤَجَّلٍ يَثْبُتُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ فَيَمْتَنِعُ جَوَازُ الْبَيْعِ، وَإِخْرَاجُهَا لَا إلَى الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَيُوجَبُ عِتْقُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَطْلَقَ فِي الْوَلَدِ فَشَمِلَ الْوَلَدَ الْحَيَّ وَالْمَيِّتَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ وَلَدٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الْوِلَادَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ وَتَصِيرَ الْمَرْأَةُ نُفَسَاءَ وَشَمِلَ السِّقْطَ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: حَبِلَتْ أَمَةٌ مِنْ السَّيِّدِ مَكَانَ " وَلَدَتْ " لَكَانَ أَوْلَى لِمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: حَمْلُهَا مِنِّي صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْحَمْلِ إقْرَارٌ بِالْوَلَدِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ هِيَ حُبْلَى مِنِّي، أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ مِنِّي وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَهُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَإِنَّمَا كَانَ رِيحًا وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ لِأَنَّ فِي الْحُرِّيَّةِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِإِسْقَاطِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: مَا فِي بَطْنِهَا مِنِّي وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ كَانَ رِيحًا وَصَدَّقَتْهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِاحْتِمَالِ الْوَلَدِ وَالرِّيحِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَتْ حُبْلَى فَهُوَ مِنِّي فَأَسْقَطَتْ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلتَّيَقُّنِ بِحَمْلِهَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الْوِلَادَةِ مِنْ السَّيِّدِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِجِمَاعٍ مِنْهُ أَوْ بِغَيْرِهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا عَالَجَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ فَأَخَذَتْ الْجَارِيَةُ مَاءَهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَدْخَلَتْهُ فَرْجَهَا فِي حَدَثَانِ ذَلِكَ فَعَلِقَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ اهـ.

وَأَفَادَ بِالْوِلَادَةِ مِنْ السَّيِّدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ أَوَّلًا لِتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَإِنَّهُ السَّبَبُ عِنْدَنَا وَثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إقْرَارِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّهُمْ أَخَلُّوا بِقَيْدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ مِنْهُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالِاعْتِرَافِ فَلَا إخْلَالَ خُصُوصًا وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ بَعْدُ، وَأَطْلَقَ فِي السَّيِّدِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ سَيِّدَهَا وَقْتَ الْوِلَادَةِ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةً إنْسَانٌ فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِيلَادِ ثُبُوتُ النَّسَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَنَى بِجَارِيَةِ إنْسَانٍ فَوَلَدَتْ، ثُمَّ مَلَكَهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مَالِكَهَا كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّى فَإِنَّهُ فَرْعُ النَّسَبِ فَيُعْتَبَرُ بِأَصْلِهِ وَشَمِلَ السَّيِّدُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ ذِمِّيًّا أَوْ مُرْتَدًّا، أَوْ مُسْتَأْمَنًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَأَطْلَقَ الْأَمَةَ فَشَمِلَ الْقِنَّةَ وَالْمُدَبَّرَةَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ إلَّا أَنَّ الْمُدَبَّرَةَ إذَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بَطَلَ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ أَنْفَعُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْعَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إعْتَاقُهَا وَتَدْبِيرُهَا وَكِتَابَتُهَا؛ لِأَنَّ فِي الْإِعْتَاقِ إيصَالَ حَقِّهَا مُعَجَّلًا، وَفِي التَّدْبِيرِ اسْتِجْمَاعَ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ وَفِي الْكِتَابَةِ اسْتِعْجَالَ حَقِّهَا فِي الْعِتْقِ مَتَى أَدَّتْ الْبَدَلَ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلَمْ تَتَضَمَّنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ إبْطَالَ حَقِّهَا، وَمِلْكُهُ قَائِمٌ فِيهَا فَصَحَّتْ اهـ.

فَإِنَّهُ عَلَى مَا فِي الْبَدَائِعِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ التَّدْبِيرُ فَإِنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَهُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ بَطَلَ التَّدْبِيرُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ بَطَلَ لِأَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ " لَمْ تُمْلَكْ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا وَلَا إخْرَاجُهَا عَنْ الْمِلْكِ بِوَجْهٍ وَكَذَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَمْ تُمْلَكْ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مَوْلَاهَا بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ جَوَازِ وَطْئِهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ بَيْعِهَا لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُتَأَخِّرَ هَلْ يَرْفَعُ الِاخْتِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ؟ عِنْدَهُمَا لَا يَرْفَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْلِيلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْحَمْلِ إقْرَارٌ بِالْوَلَدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الِاعْتِرَافِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَفِي الشَّرْحِ لَوْ اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ فَجَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ لِلتَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْمُحِيطِ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَمَته حُبْلَى مِنْهُ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ وَلَدًا مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِالشَّكِّ اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَصَيْرُورَتُهَا أُمَّ وَلَدٍ مَوْقُوفٌ عَلَى وِلَادَتِهَا فَلَا جَرَمَ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهَا اهـ. أَيْ: فَلَا حَاجَةَ إلَى إبْدَالِ وَلَدَتْ بِحَبِلَتْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا إخْلَالَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ كَوْنَ الْمَدَارِ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى ثَبَتَ النَّسَبُ مَعَهَا، أَوْ لَا لِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ أَمَتِهِ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>