للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُعَيَّنَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ وَحِيطَانُهُ قَائِمَةٌ فَدَخَلَهُ يَحْنَثُ فِي الْمُعَيَّنِ، وَلَا يَحْنَثُ فِي الْمُنَكَّرِ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ بِمَنْزِلَةِ الصُّفَّةِ فِيهِ، وَهِيَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ، وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرَةٌ. اهـ. الثَّالِثَةُ: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَهُدِمَ وَبُنِيَ آخَرُ فَدَخَلَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِانْهِدَامِ، وَهَذَا الْمَبْنَى غَيْرُ الْبَيْتِ الَّذِي مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ دُخُولِهِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى جِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَهُوَ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ إلَى هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةِ أَوْ إلَى هَذَا الْحَائِطِ فَهُدِمَا ثُمَّ بُنِيَا بِنَقْضِهِمَا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا هُدِمَ زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ، وَكَذَا الْأُسْطُوَانَةُ فَبَطَلَتْ الْيَمِينُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ فَكَسَرَهُ ثُمَّ بَرَاهُ فَكَتَبَ بِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَبْرِيِّ لَا يُسَمَّى قَلَمًا، وَإِنَّمَا يُسَمَّى أُنْبُوبًا فَإِذَا كَسَرَهُ فَقَدْ زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ فَبَطَلَتْ الْيَمِينُ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى مِقَصٍّ فَكَسَرَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ مِقَصًّا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ قَدْ زَالَ بِالْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ سِكِّينٍ وَسَيْفٍ، وَقِدْرٍ كُسِرَ ثُمَّ صُنِعَ مِثْلُهُ، وَلَوْ نُزِعَ مِسْمَارٌ لِنَقْصٍ، وَلَمْ يَكْسِرْهُ ثُمَّ أَعَادَ فِيهِ مِسْمَارًا آخَرَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَزُلْ بِزَوَالِ الْمِسْمَارِ، وَكَذَلِكَ إنْ نَزَعَ نِصَابَ السِّكِّينِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ نِصَابًا آخَرَ؛ لِأَنَّ السِّكِّينَ اسْمٌ لِلْحَدِيدِ.

وَلَوْ حَلَفَ عَلَى قَمِيصٍ لَا يَلْبَسُهُ أَوْ قَبَاءٍ مَحْشُوًّا أَوْ مُبَطَّنًا أَوْ جُبَّةٍ مُبَطَّنَةً أَوْ مَحْشُوَّةً أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ خُفَّيْنِ فَنَقَضَ ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ أَعَادَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ بَقِيَ بَعْدَ النَّقْضِ يُقَالُ قَمِيصٌ مَفْتُوقٌ وَجُبَّةٌ مَفْتُوقَةٌ وَالْيَمِينُ الْمُنْعَقِدَةُ عَلَى الْعَيْنِ لَا تَبْطُلُ بِتَغَيُّرِ الصِّفَةِ مَعَ بَقَاءِ اسْمِ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ بِهَذَا السَّرْجِ فَنَقَضَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ السَّفِينَةَ فَنَقَضَهَا ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا بِذَلِكَ الْخَشَبِ فَرَكَّبَهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سَفِينَةً بَعْدَ النَّقْضِ وَزَوَالُ الِاسْمِ يُبْطِلُ الْيَمِينَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَفَتَقَهُ وَغَسَلَهُ ثُمَّ حَشَاهُ بِحَشْوٍ وَخَلَطَهُ وَنَامَ عَلَيْهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ فَتْقَ الْفِرَاشِ لَا يُزِيلُ الِاسْمَ عَنْهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَقَّةَ غَزْلٍ بِعَيْنِهَا فَنَقَضَهَا وَغُزِلَتْ وَجُعِلَتْ شَقَّةً أُخْرَى لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهَا إذَا نُقِضَتْ صَارَتْ خُيُوطًا وَزَالَ الِاسْمُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى قَمِيصٍ لَا يَلْبَسُهُ فَقَطَعَهُ جُبَّةً مَحْشُوَّةً فَلَبِسَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ قَدْ زَالَ فَزَالَتْ الْيَمِينُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ فِي هَذَا الْمُصْحَفِ فَخَلَعَهُ ثُمَّ أَلَّفَ وَرَقَهُ وَخَرَزَ دَفَّتَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ فِيهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمُصْحَفِ بَاقٍ، وَإِنْ فَرَّقَهُ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى نَعْلٍ لَا يَلْبَسُهَا فَقَطَعَ شِرَاكَهَا وَشَرَكَهَا بِغَيْرِهِ ثُمَّ لَبِسَهَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ اسْمَ النَّعْلِ يَتَنَاوَلُهَا بَعْدَ قَطْعِ الشِّرَاكِ.

، وَلَوْ حَلَفَتْ امْرَأَةٌ لَا تَلْبَسُ هَذِهِ الْمِلْحَفَةَ فَخِيطَ جَانِبُهَا فَجُعِلَتْ دِرْعًا وَجَعَلَتْ لَهَا جَيْبًا ثُمَّ لَبِسَتْهَا لَمْ تَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا دِرْعٌ، وَلَيْسَتْ بِمِلْحَفَةٍ فَإِنْ أُعِيدَتْ مِلْحَفَةً فَلَبِسَتْهَا حَنِثَتْ؛ لِأَنَّهَا عَادَتْ مِلْحَفَةً بِغَيْرِ تَأْلِيفٍ، وَلَا زِيَادَةٍ، وَلَا نُقْصَانٍ فَهِيَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَزِيدَ فِيهِ طَائِفَةٌ فَدَخَلَهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ، وَقَعَتْ عَلَى بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهَا، وَلَوْ قَالَ مَسْجِدَ بَنِي فُلَانٍ ثُمَّ زِيدَ فِيهِ فَدَخَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي زِيدَ فِيهِ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ الدَّارُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ يَمِينَهُ عَلَى الْإِضَافَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْفُسْطَاطِ، وَهُوَ مَضْرُوبٌ فِي مَوْضِعٍ فَقُلِعَ وَضُرِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَدَخَلَ فِيهِ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ الْقُبَّةُ مِنْ الْعِيدَانِ، وَكَذَلِكَ دُرْجٌ مِنْ عِيدَانٍ أَوْ مِنْبَرٍ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَزُولُ بِنَقْلِهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَاقِفُ عَلَى السَّطْحِ دَاخِلٌ، وَفِي طَاقِ الْبَابِ لَا) أَيْ لَيْسَ بِدَاخِلٍ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ مِنْ الْبَابِ بِأَنْ تَوَصَّلَ إلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقِيلَ فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ، وَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلسَّطْحِ حَضِيرٌ وَحُمِلَ مُقَابِلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَضِيرٌ أَيْ سَاتِرٌ.

وَأَشَارَ

ــ

[منحة الخالق]

وَالْآخَرُ فِي طَائِفَةٍ حَنِثَ، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ فِي يَمِينِهِ، وَلَكِنْ ذَكَرَ دَارًا عَلَى التَّنْكِيرِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا يَحْنَثُ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ حَيْثُ صَلَحَ؛ لَأَنْ يُبَاتَ فِيهِ فَتَدَبَّرْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>