عَضَّهُ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَ أَمَتَهُ فَأَصَابَهَا، ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ لَا يُعْدِمُ الْفِعْلَ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ ظَهِيرُ الدَّيْن الْمَرْغِينَانِيُّ وَقِيلَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَارَفُ وَالزَّوْجُ لَا يَقْصِدُهُ بِيَمِينِهِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْبَقَّالِيُّ فِي فَتَاوَاهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْرِبَ فُلَانًا فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ نُشَّابَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رَمْيٌ، وَلَيْسَ بِضَرْبٍ، وَإِنْ دَفَعَهُ دَفْعًا، وَلَمْ يُوجِعْهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ عَضَّهُ أَوْ خَنَقَهُ أَوْ مَدَّ شَعْرَهُ فَآلَمَهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةِ الْمِزَاحِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ نَفَضَ ثَوْبَهُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ فَآلَمَهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى أَتْرُكَك لَا حَيَّةً، وَلَا مَيِّتَةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ هَذَا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا، وَمَتَى فَعَلَ ذَلِكَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ رَجُلٌ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ بِالسِّيَاطِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ حَتَّى يَقْتُلَهُ فَهُوَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الضَّرْبِ، وَلَوْ قَالَ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ حَتَّى يَسْتَغِيثَ أَوْ حَتَّى يَبْكِيَ فَهَذَا عَلَى حَقِيقَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَى أَنْ يَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ وَيَمُوتَ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا بِالسَّيْفِ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَضَرَبَهُ بِعَرْضِهِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ وَالسَّيْفُ فِي غِمْدِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا بِالسَّوْطِ فَلَفَّ السَّوْطَ فِي ثَوْبٍ وَضَرَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ضَرْبًا بِالسَّوْطِ، وَلَوْ جَرَحَهُ بِالسَّيْفِ، وَهُوَ فِي غِمْدِهِ لَكِنْ بَعْدَمَا انْشَقَّ الْغِمْدُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ رَجُلٌ ضَرَبَ رَجُلًا بِمِقْبَضِ فَأْسٍ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ بِالْفَأْسِ لَا يَحْنَثُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ أَضْرِبْ وَلَدَك عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يَنْشَقَّ نِصْفَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَمْ يَنْشَقَّ وَالْيَمِينُ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِيَوْمٍ فَمَضَى الْيَوْمُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَجَعَلَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى تَبُولَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ.
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ أَحَدٌ عَنْ ضَرْبِهِ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ بَعْدَمَا ضَرَبَهُ خَشَبَةً أَوْ خَشَبَتَيْنِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَضْرِبَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى يَضْرِبَهُ إلَى أَنْ يَطِيبَ قَلْبُهُ فَإِذَا مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَضَعْت يَدِي عَلَى جَارِيَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ فَضَرَبَهَا قِيلَ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ لِغَيْرَةِ الْمَرْأَةِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْجَارِيَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْوَضْعُ الَّذِي يَغِيظُهَا وَيَسُوءُهَا وَالْوَضْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَغِيظُهَا، وَلَا يَسُوءُهَا بَلْ يَسُرُّهَا. رَجُلٌ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَلْفَ مَرَّةٍ فَهَذَا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَضْرِبْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَهَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنْ مَسَّ عُضْوُك عُضْوِيِّ فَعَبْدِي حُرٌّ فَضَرَبَهَا الرَّجُلُ بِخَشَبٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحْنَثْ لِفَقْدِ الشَّرْطِ، وَهُوَ مَسُّ عُضْوِهِ عُضْوَهَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسِّ الْمَذْكُورِ هَاهُنَا الضَّرْبُ عُرْفًا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ وَضَعْت يَدِي عَلَى جَارِيَتِي، وَلَوْ قَالَتْ إنْ ضَرَبْتنِي فَعَبْدِي حُرٌّ فَالْحِيلَةُ أَنْ تَبِيعَ الْمَرْأَةُ الْعَبْدَ مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ ثُمَّ يَضْرِبُهَا الزَّوْجُ ضَرْبًا خَفِيفًا فِي الْيَوْمِ فَيَبَرُّ الزَّوْجُ وَتَنْحَلُّ يَمِينُ الْمَرْأَةِ لَا إلَى جَزَاءِ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا ضَرَبْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهَا بِكَفِّهِ فَوَقَعَتْ الْأَصَابِعُ مُتَفَرِّقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ حَصَلَ بِالْكَفِّ وَالْأَصَابِعُ تَبَعٌ لَهَا، وَإِنْ ضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ قِنًّا اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ عِشْرِينَ سَوْطًا فَإِنَّهُ يَضْرِبُهَا بِعِشْرِينَ شِمْرَاخًا، وَهُوَ السَّعَفُ، وَهُوَ مَا صَغُرَ مِنْ أَغْصَانِ النَّخْلِ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَأْتِنِي حَتَّى أَضْرِبَك فَهُوَ عَلَى الْإِتْيَانِ ضَرَبَهُ أَوْ لَمْ يَضْرِبْهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت فُلَانًا لَأَضْرِبَنَّهُ فَعَلَى التَّرَاخِي إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَوْرَ، وَلَوْ قَالَ إنْ رَايَتك فَلَمْ أَضْرِبْك فَرَآهُ الْحَالِفُ، وَهُوَ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّرْبِ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَقِيتُك فَلَمْ أَضْرِبْك فَرَآهُ مِنْ قَدْرِ مِيلٍ لَمْ يَحْنَثْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَكَذَا، وَهُوَ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ، وَإِلَّا لَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ نُشَّابَةٍ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْيَمِينَ إنْ تَعَلَّقَتْ بِصُورَةِ الضَّرْبِ عُرْفًا وَجَبَ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْخَنْقِ وَنَحْوِهِ أَوْ مَعْنًى وَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ بِالرَّمْيِ بِالْحَجَرِ أَوْ بِهِمَا فَيَحْنَثُ بِالضَّرْبِ مَعَ الْإِيلَامِ مُمَازَحَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ حُصُولُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الضَّرْبُ لَفْظًا، وَعُرْفًا مِثَالُهُ لَا يَبِيعُ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ بِتِسْعَةٍ أَوْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ لَا يَحْنَثُ إنْ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ عُرْفًا فِي الْأَقَلِّ لَمْ يُوجَدْ لَفْظًا، وَفِي الْأَكْثَرِ لَوْ وُجِدَ لَفْظًا لَكِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عُرْفًا قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ غَيْرُ دَافِعٍ بِقَلِيلٍ تَأَمَّلْ كَذَا فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: فَهَذَا عَلَى أَنْ يَضْرِبَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً) ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ قُبَيْلَ بَابِ الْيَمِينِ فِي الْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ حَلَفَ إنْ لَمْ يُجَامِعْ امْرَأَتَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ فَهِيَ طَالِقٌ قَالُوا هَذَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ وَالسَّبْعُونَ كَثِيرٌ. اهـ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute