للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَقَدَ الزُّيُوفَ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْجِيَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِمَا اشْتَرَى، وَقَدْ اشْتَرَى بِالْجِيَادِ. وَالثَّانِيَةُ الْكَفِيلُ إذَا كَفَلَ بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الزُّيُوفَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِالْجِيَادِ. وَالثَّالِثَةُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الْبَائِعُ الزُّيُوفَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ الْجِيَادُ. وَالرَّابِعَةُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ الْيَوْمَ، وَكَانَ عَلَيْهِ جِيَادٌ فَقَضَاهُ الزُّيُوفَ لَا يَحْنَثُ. وَالْخَامِسَةُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ جِيَادٍ فَقَبَضَ الزُّيُوفَ فَأَنْفَقَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْجِيَادِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا لَوْ قَبَضَ الْجِيَادَ. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَازِلِ إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ مَالَك الْيَوْمَ فَأَعْطَاهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ قَالَ إنْ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ لَوْ أَرَادَ لَا يَحْنَثُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَقْبِضَ الْمَغْصُوبَ فَجَاءَ بِهِ الْغَاصِبُ، وَقَالَ سَلَّمْته إلَيْك فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَا أَقْبَلُ لَا يَحْنَثُ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ ضَمَانِ الرَّدِّ. اهـ.

وَفِيهَا رَجُلٌ حَلَفَ لَيَجْهَدَنَّ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُ مَا كَانَ الْقَاضِي يَبِيعُهُ عَلَيْهِ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي.

قَوْلُهُ (وَالْبَيْعُ بِهِ قَضَاءً لَا الْهِبَةُ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَبَاعَ مَتَاعًا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَقَدْ قَضَاهُ دَيْنَهُ وَبَرَّ، وَلَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ فَلَيْسَ بِقَضَاءٍ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَلَا مُقَاصَّةَ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَعْلُهُ وَالْهِبَةَ إسْقَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ، أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَاشْتِرَاطُ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا لِيَتَقَرَّرَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْبِرِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَا يَرْتَفِعُ الْبِرُّ الْمُحَقَّقُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ وَشَمِلَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَبِيعِ فِيهِ لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ قَبْلَهُ فِيهِ لِتَحْصُلَ الْمُقَاصَّةُ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الطَّالِبَ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَقْبِضَنَّ دَيْنِي الْيَوْمَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِلْحَالِفِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَكَذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ مِلْكًا فَاسِدًا فَمِلْكُ الْمَدْيُونِ مَا فِي ذِمَّتِهِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَيْعِ إلَى كُلِّ مَوْضِعٍ حَصَلَتْ فِيهِ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا فَلِذَا قَالُوا لَوْ تَزَوَّجَ الطَّالِبُ أَمَةَ الْمَطْلُوبِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْمَطْلُوبِ دَيْنٌ بِالْجِنَايَةِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لَا يَحْنَثُ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا الْهِبَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ؛ لِأَنَّ الْبَرَّ غَيْرُ مُمْكِنٍ مَعَ هِبَةِ الدَّيْنِ، وَإِمْكَانُ الْبَرِّ شَرْطُ الْبَقَاءِ كَمَا هُوَ شَرْطُ الِابْتِدَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ أَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا غَدًا فَمَاتَ الْيَوْمَ أَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَتَقَدَّمَ نَظَائِرُهَا، وَهُنَا فُرُوعٌ حَسَنَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك حَقِّي ثُمَّ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِهِ عَبْدًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ ثُمَّ فَارَقَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى قَوْلٍ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ حَانِثًا إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ وَقَبْلَ الْمَدْيُونِ ثُمَّ فَارَقَهُ لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَهَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهُ حَانِثًا فِي الْهِبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ حَانِثًا هَاهُنَا، وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ وَلَوْ بَاعَهُ الْمَدْيُونُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ فَارَقَهُ الْحَالِفُ بَعْدَمَا قَبَضَ الْغَرِيمُ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ اسْتَحَقَّهُ وَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ مَلَكَ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِهَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ مِلْكًا فَاسِدًا، وَلَوْ بَاعَهُ الْمَدْيُونُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِ وَقَبَضَهُ الْحَالِفُ ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى امْرَأَةٍ فَحَلَفَ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهَا فَتَزَوَّجَهَا الْحَالِفُ عَلَى مَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَلَوْ بَاعَ الْمَدْيُونُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ كَانَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ ثُمَّ فَارَقَهُ الطَّالِبُ بَعْدَمَا قَبَضَهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْأَلْفَ لِلْغَرِيمِ فَقَبِلَهُ أَوْ أَحَالَ الطَّالِبُ رَجُلًا لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ بِمَالِهِ عَلَى مَدْيُونِهِ

ــ

[منحة الخالق]

قَوْلُهُ: فَدَخَلَ بِهَا) قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ التَّقْيِيدُ بِالدُّخُولِ وَقَعَ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْتُ: قَيَّدَ بِهِ لِيَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ كُلُّ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ بِعُرْضَةِ السُّقُوطِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْتُ: إنَّ الْبِرَّ لَا يَنْتَقِضُ بِانْتِقَاضِ الْمُقَاصَّةِ فِي نِصْفِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ فِي انْتِقَاضِ الْمُقَاصَّةِ بِالثَّمَنِ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا سِوَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْقَبْضِ أَيْ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي جَانِبِ الْبَيْعِ، وَقَعَ اتِّفَاقًا لَا أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْبَرِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَا يَرْتَفِعُ الْبَرُّ الْمُحَقَّقُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ. اهـ.

فَلْيَكُنْ التَّقْيِيدُ بِالدُّخُولِ فِي جَانِبِ التَّزَوُّجِ اتِّفَاقِيًّا أَيْضًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ التَّزَوُّجِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفُرُوعِ عَقِيبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>