للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَاحَ عِنْدَهُ، وَقَاضِيَ بَلْدَةٍ أُخْرَى جَعَلَهُ عِيدًا قَالَ إذَا حَكَمَ قَاضِي بَلْدَةٍ بِكَوْنِهِ عِيدًا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْمَطَالِعُ كَمَا فِي الْحُكْمِ بالرمضانية وَسُئِلَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ حَلَفَ غَرِيمُهُ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ غَدًا وَيُرِيَهُ وَجْهَهُ فَأَتَاهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَقَدْ غَابَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. اهـ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْبِضَ كُلَّهُ مُتَفَرِّقًا لَا بِتَفْرِيقٍ ضَرُورِيٍّ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْكُلِّ لَكِنَّهُ بِوَصْفِ التَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَضَافَ الْقَبْضَ إلَى دَيْنٍ مُعَرَّفٍ مُضَافًا إلَيْهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّفْرِيقِ الضَّرُورِيِّ وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ فِي وَزْنَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِعَمَلِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ قَبْضُ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً عَادَةً فَيَصِيرُ هَذَا الْقَبْضُ مُسْتَثْنًى عَنْهُ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَوْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِالْيَوْمِ بِأَنْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ الْيَوْمَ فَقَبَضَ الْبَعْضَ فِي الْيَوْمِ مُتَفَرِّقًا أَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ أَخْذُ الْكُلِّ فِي الْيَوْمِ مُتَفَرِّقًا، وَلَمْ يُوجَدْ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الْكُلَّ جُمْلَةً ثُمَّ وُجِدَ بَعْضُهَا سَتُّوقَةٌ فَرَدَّ لَمْ يَحْنَثْ بِالرَّدِّ مَا لَمْ يَسْتَبْدِلْ؛ لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا فَلَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْكُلِّ حَتَّى يَقْبِضَ الْبَدَلَ فَإِذَا قَبَضَهُ وُجِدَ قَبْضُ الْكُلِّ مُتَفَرِّقًا بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ بَعْضُهَا زُيُوفًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بَرَّ حِينَ وُجِدَ قَبْضُ الْكُلِّ وَبِالرَّدِّ لَمْ يَنْتَقِضْ الْقَبْضُ فِي حَقِّهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ دَيْنَهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا يَقْبِضُ مِنْ دَيْنِهِ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ أَوْ إنْ قَبَضْت مِنْ دَيْنِي دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ أَوْ إنْ أَخَذْت مِنْ دَيْنِي دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ الْبَعْضَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ هُنَا قَبْضُ الْبَعْضِ مِنْ الدَّيْنِ مُتَفَرِّقًا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ قَبْضُ الْكُلِّ بِصِفَةِ التَّفْرِيقِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْحِيَلِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا جُمْلَةً أَوْ إلَّا جَمْعًا ثُمَّ أَرَادَ وَتُطَّلَقَ عَلَى التَّفَارِيقِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتْرُكَ مِنْ حَقِّهِ دِرْهَمًا وَيَأْخُذَ الْبَاقِيَ كَيْفَ يَشَاءُ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ دُونَ شَيْءٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى التَّفَارِيقِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ حَقِّهِ يَحْنَثُ لَكِنَّ الْحِيلَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ قَضَاءً عَنْهُ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَطْلُوبِ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ، وَكَانَ لِلطَّالِبِ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَتَقَاضَى فُلَانًا فَلَزِمَهُ وَلَمْ يَتَقَاضَهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ.

وَفِيهَا، وَلَوْ قَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي الْيَوْمِ، وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يَتْرُكَ لُزُومَهُ فَمَضَى الْيَوْمُ ثُمَّ فَارَقَهُ لَا يَحْنَثُ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةً أَوْ غَيْرَ أَوْ سِوَى فَكَذَا لَمْ يَحْنَثْ بِمِلْكِهَا أَوْ بَعْضِهَا) ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ نَفْيُ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ فَكَانَ شَرْطُ حِنْثِهِ مِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمِائَةِ اسْتِثْنَاؤُهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَغَيْرُ وَسِوَى كَإِلَّا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ أَدَاةُ الِاسْتِثْنَاءِ. قَيَّدَ بِكَوْنِهِ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ أَوْ بَعْضَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَرَاهِمُ، وَكَانَ لَهُ دَنَانِيرُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ مَالُ الزَّكَاةِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَكُونُ مَالُ الزَّكَاةِ، وَالدَّنَانِيرُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ سَوَائِمَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ نِصَابًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ مَلَكَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّكَاةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُسَمَّاةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كُنْت أَمْلِكُ إلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا عَشَرَةً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمُسْتَثْنَى، وَلَوْ مَلَكَ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِينَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِ الزَّكَاةِ حَنِثَ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَهُ عُرُوضٌ وَضِيَاعٌ وَدُورٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَمْ يَحْنَثْ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَقَالَ لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ خَمْسُونَ فَقَالَ إنْ كَانَ لِي عَلَيْهِ إلَّا مِائَةً فَهَذَا لِنَفْيِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِيَمِينِهِ الرَّدَّ عَلَى الْمُنْكِرِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَى زَيْدًا الْمِائَةَ مَثَلًا فَقَالَ زَيْدٌ لَمْ يُعْطِنِي إلَّا خَمْسِينَ فَقَالَ إنْ كُنْت أَعْطَيْته إلَّا مِائَةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَقَلِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ إنْ قَبَضْت مَا لِي عَلَى فُلَانٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا وَلَوْ قَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِذِكْرِ الْيَوْمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ زَيْدٍ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ لُزُومَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ، وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَحْنَثُ، وَلَوْ قَدِمَ الْيَوْمُ فَقَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي فَمَضَى الْيَوْمُ، وَلَمْ يُفَارِقْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْفِرَاقِ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>