للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَامِهِ. وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ تَقَيَّدَ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْإِذْنِ أَوْ حَلَفَ لَا يُقْبِلُهَا فَخَرَجَتْ بَعْدَمَا أَبَانَهَا أَوْ قَبْلَهَا بَعْدَمَا أَبَانَهَا حَيْثُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ دَلَالَةُ التَّقْيِيدِ فِي حَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِك طَالِقٌ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهَا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَقَيَّدُ بِهِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ الْإِذْنِ وَالْمَنْعِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ.

وَمِنْهَا لَوْ أَنَّ سُلْطَانًا حَلَّفَ رَجُلًا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِدُونِ إذْنِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَقَيَّدَتْ بِحَالِ قِيَامِ السَّلْطَنَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَلَّفَهُ وَالٍ لَيُعْلِمَنَّهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ ثُمَّ عُزِلَ مِنْ وَظِيفَتِهِ وَتَوَلَّى وَظِيفَةً أُخْرَى أَعْلَى مِنْهَا كَالدُّوَيْدَارِ إذَا حَلَّفَ حَقِيرًا ثُمَّ صَارَ وَالِيًا، وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بالصوباشاه وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إزَالَةِ الْفَسَادِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ (يَبَرُّ بِالْهِبَةِ بِلَا قَبُولٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِذَا حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ فَإِنَّهُ يَبَرُّ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَبِيعَنِّ كَذَا فَبَاعَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي لَا يَبَرُّ، وَكَذَا فِي طَرَفِ النَّفْيِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَيَتِمُّ بِالْمُتَبَرِّعِ، وَلِهَذَا يُقَالُ وَهَبْت وَلَمْ يَقْبَلْ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إظْهَارُ السَّمَاحَةِ، وَذَلِكَ يَتِمُّ بِهِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَمُعَاوَضَةٌ فَاقْتَضَى الْفِعْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ اسْمَ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّهْنِ وَالْخُلْعِ بِإِزَاءِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا، وَفِي عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ بِإِزَاءِ الْإِيجَابِ فَقَطْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْعَطِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْعُمْرَى وَالْإِقْرَارِ وَالْهَدِيَّةِ، وَقَالَ زُفَرُ هِيَ كَالْبَيْعِ، وَفِي الْبَيْعِ، وَمَا مَعَهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لِلْمَجْمُوعِ فَلِذَا، وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك أَمْسِ هَذَا الثَّوْبَ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ بَلْ قَبِلْت أَوْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ بَلْ قَبِلْت الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْبَيْعِ تَضَمَّنَ إقْرَارَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَقْبَلْ رُجُوعٌ عَنْهُ، وَكَذَا عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَأَوْجَبَ فَقَطْ، وَعَلَى الْحِنْثِ لَوْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ الْيَوْمَ فَأَوْجَبَ فِيهِ فَقَطْ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ لَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْقَرْضُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ قَبُولَ الْمُسْتَقْرِضِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ.

وَالْإِبْرَاءُ يُشْبِهُ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِاللَّفْظِ دُونَ قَبْضٍ وَالْهِبَةَ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ فِي الْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِمَا كَالْهِبَةِ، وَقِيلَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَلْحَقَ الْإِبْرَاءُ بِالْهِبَةِ لِعَدَمِ الْعِوَضِ وَالْقَرْضِ بِالْبَيْعِ، وَلَا يُعْلَمُ خِلَافٌ أَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ كَالْهِبَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ، وَهَاهُنَا دَقِيقَةٌ، وَهِيَ أَنَّ حَضْرَةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ شَرْطٌ فِي الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ الْحَالِفُ مِنْهُ، وَهُوَ غَائِبٌ لَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ إنْ وَهَبَ لِي فُلَانٌ هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ فُلَانٌ وَهَبْته لَك فَقَالَ الْحَالِفُ قَبِلْت، وَقَبَضْته قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ هِبَةٌ قَبْلَ الْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا لَا يَحْنَثُ بِشَمِّ وَرْدٍ وَيَاسَمِينَ) ؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا لِسَاقِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَا لِوَرِقِهِ، وَقِيلَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ الْبُقُولِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وَقِيلَ اسْمُ مَا لَيْسَ لَهُ شَجَرٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا طَابَ رِيحُهُ مِنْ النَّبَاتِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي دِيَارِنَا إهْدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ مُتَعَارَفٌ لِنَوْعٍ وَهُوَ رَيْحَانُ الْحَمَاحِمِ، وَأَمَّا الرَّيْحَانُ التَّرْنَجِيُّ مِنْهُ فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يُلْزِمُونَهُ التَّقْيِيدَ فَيُقَالُ رَيْحَانٌ تَرَنْجِيٌّ وَعِنْدَنَا يُطَلِّقُونَ اسْمَ الرَّيْحَانِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْحَمَاحِمَ فَلَا يَحْنَثُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَتْنًا فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ لَا يُقَالُ إنَّ الْبُطْلَانَ لِتَقْيِيدِهِ بِامْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ لِإِضَافَتِهَا إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَخَرَجَتْ، وَفِيمَا لَوْ قَالَ إنْ قَبَّلْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ. اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ سَكَنْت فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَخَرَجَ عَلَى الْفَوْرِ وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ سَكَنَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِامْرَأَتِهِ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ. اهـ.

فَقَدْ بَطَلَتْ الْيَمِينُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ هُنَا فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>