للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَعْمَلُ فَيُجَدِّدَانِ فَيَجُوزُ زَادَ الْيَمِينُ انْعَقَدَتْ عَلَى تَزَوُّجٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا إذَا قَالَ فِي حَلِفِهِ وَأُجِيزُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ قَالَ النَّسَفِيُّ يُزَوِّجُ الْفُضُولِيُّ لِأَجْلِهِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا إذْ الشَّرْطُ تَزْوِيجُ الْغَيْرِ لَهُ مُطْلَقًا، وَلَكِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ أَقُولُ: فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمِلْكِ مُحَالٌ. اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَهِيَ طَالِقٌ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَصِيرُ حَلَالًا لِي، وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى فُضُولِيٌّ عَبْدًا فَأَجَازَ هُوَ بِالْفِعْلِ يَحْنَثُ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ لِلْمِلْكِ أَسْبَابًا كَثِيرَةً. اهـ.

وَعَلَّلَ فِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ هُوَ النِّكَاحُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَهُ أَوْ لَا. اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِي فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَجَازَ بِالْفِعْلِ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَإِنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ بِيَدِهَا. اهـ.

وَهَاهُنَا تَعْلِيقٌ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي مِصْرَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ فَهِيَ طَالِقٌ فَهَلْ لَهُ مُخَلِّصٌ؟ . قُلْتُ: إذَا أَجَازَ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ بِالْفِعْلِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَفْسِي وَالْعَامِلُ فِيهِ تَزَوَّجْت، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى إجَازَتِهِ بِالْقَوْلِ فَقَطْ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِي أَوْ فِي عِصْمَتِي فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الدُّخُولَ فِيهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ أَجَزْت نِكَاحَ فُضُولِيٍّ، وَلَوْ بِفِعْلٍ فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْمُتَزَوِّجَةِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَفْسَخَ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَدَارُهُ بِالْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهُ بِالْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَسْكَنُ عُرْفًا فَدَخَلَ مَا يَسْكُنُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ مِلْكٍ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْحَقِيقَةِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْمَجَازِ لَا بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ قَيَّدْنَا بِأَنْ تَكُونَ مَسْكَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهَا، وَهِيَ مِلْكُهُ لَا يَحْنَثُ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا بَيْنَ فُلَانٍ وَغَيْرِهِ، وَفُلَانٌ سَاكِنُهَا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَطْلَقَ فِي الْمِلْكِ فَشَمِلَ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ) أَقُولُ: مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا إلَخْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِي وَبَيْنَ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي أَوْ تَصِيرُ حَلَالًا لِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ هَذَيْنِ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْجَوَابُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إلَخْ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي وَظَاهِرٌ أَنَّ تَزْوِيجَ الْغَيْرِ يُوجَدُ بِدُونِ الْإِجَازَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَتَزَوَّجُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِجَازَةِ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ تَزَوُّجُهُ بِدُونِهَا. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِي فَإِنَّهُ مِثْلُ أَتَزَوَّجُهَا لَا مِثْلُ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي، وَأَنَّهُ بِتَزْوِيجِ الْفُضُولِيِّ لَا تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِهِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ أَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْمُتَزَوِّجَةِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى شَافِعِيٍّ) أَقُولُ: مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ عَدَمُ الْحَاجَةِ إلَى الرَّفْعِ إلَى الشَّافِعِيِّ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ بِلَا أَمْرِهِمَا فَيُجِيزُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَجَزْت نِكَاحَ فُضُولِيٍّ وَلَوْ بِالْفِعْلِ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرُهَا لِأَجْلِي وَأُجِيزُهُ تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدَارُهُ بِالْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَالْوَاقِفُ عَلَى السَّطْحِ دَاخِلٌ عَنْ الْمُجْتَبَى لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ دَخَلْت دَارَ عَمْرٍو فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَدَخَلَ دَارَ زَيْدٍ، وَهِيَ فِي يَدِ عَمْرٍو بِإِجَارَةِ يَعْتِقُ وَتَطْلُقُ إذَا لَمْ يَنْوِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا صُدِّقَ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْمِلْكَ هُنَا خَاصَّةً يَصْدُقُ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ: قَيَّدْنَا بِأَنْ تَكُونَ مَسْكَنَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَإِنْ جَعَلْت بُسْتَانًا أَوْ حَمَّامًا إلَخْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ لَوْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانِ وَفُلَانٍ لَا يَسْكُنُهَا يَحْنَثُ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَسْكُونَةً لِغَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً فَيَحْنَثُ إذْ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهَا عَنْهُ، وَإِضَافَتُهَا إلَيْهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ حَذْفُ لَا مِنْ قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ وَالسِّبَاقُ وَالسِّيَاقُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَدَوَامُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ حَيْثُ قَالَ عَازِيًا إلَى الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا مُشْتَرَكَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>