للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُزَادَ جَارِيَتُهُ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ فِي الرَّضَاعِ وَجَارِيَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَالِاسْتِقْرَاءُ يُفِيدُك غَيْرَ ذَلِكَ أَيْضًا كَالزَّوْجَةِ الَّتِي حَرُمَتْ بِرِدَّتِهَا أَوْ مُطَاوَعَتِهَا لِابْنِهِ أَوْ جِمَاعِهِ لِأُمِّهَا ثُمَّ جَامَعَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا عَلَيْهِ حَرَامٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ فَاسْتَحْسَنَ أَنْ يَدْرَأَ بِذَلِكَ الْحَدَّ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى السِّتَّةِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً وَزَنَى بِهَا ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ وَعَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ كَمَا يَذْكُرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيه اهـ.

رَجُلٌ زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُحَدُّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ وَذَكَرَ أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَلَى عَكْسِ هَذَا وَقَالَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ، وَالشِّرَاءِ أَنَّهُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ عَيْنَهَا وَمِلْكُ الْعَيْنِ فِي مَحَلِّ الْحِلِّ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْحِلِّ فَيُجْعَلُ الطَّارِئُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَالْمُقْتَرِنِ بِالسَّبَبِ كَمَا فِي بَابِ السَّرِقَةِ، فَإِنَّ السَّارِقَ إذَا مَلَكَ الْمَسْرُوقَ قَبْلَ الْقَطْعِ يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ، فَأَمَّا بِالنِّكَاحِ فَلَا يَمْلِكُ عَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهُ مِلْكُ الِاسْتِيفَاءِ وَلِهَذَا لَوْ وُطِئَتْ الْمَنْكُوحَةُ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْعَقْرُ لَهَا فَلَا يُوَرِّثُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِيمَا تَقَدَّمَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهَا فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ، وَإِذَا زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتهَا وَصَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ وَقَالَ مَوْلَاهَا كَذَبَ لَمْ أَبِعْهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَإِذَا جُنَّتْ الْأَمَةُ فَزَنَى بِهَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ قَتَلَتْ رَجُلًا عَمْدًا فَوَطِئَهَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ وَلَمْ يَدَّعْ شُبْهَةً، فَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَتْ رَجُلًا خَطَأً فَوَطِئَهَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى شَيْئًا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَأَمَّا إذَا اخْتَارَ دَفْعَ الْجَارِيَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُحَدَّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُحَدُّ وَبِالْقِيَاسِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَبِالِاسْتِحْسَانِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الْكِنَايَاتِ فَشَمِلَ الْمُخْتَلِعَةَ وَفِي الْمُجْتَبَى الْمُخْتَلِعَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِحُرْمَتِهَا إجْمَاعًا وَفِي جَامِعِ النَّسَفِيِّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ حُرْمَتَهَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي كَوْنِهِ بَائِنًا اهـ.

قَوْلُهُ (وَبِشُبْهَةٍ فِي الْفِعْلِ إنْ ظَنَّ حِلَّهُ كَمُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ وَأَمَةِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَسَيِّدِهِ) أَيْ لَا حَدَّ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ فِي الْفِعْلِ بِشَرْطِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْوَطْءَ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ، وَالْحَقَّ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي هَذَا النَّوْعِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا مَقْطُوعٌ بِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَلَا حَقٌّ غَيْرَ أَنَّهُ بَقِيَ فِيهَا بَعْضُ الْأَحْكَامِ كَالنَّفَقَةِ، وَالسُّكْنَى، وَالْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَحُرْمَةِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَجَارِيَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي وَطْءٍ هُوَ زِنًا سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَهَذِهِ فِيهَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ وَطْئِهَا لِعَارِضِ اشْتِبَاهِ النَّسَبِ كَمَا مُنِعَ مِنْ وَطْءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِلْأَذَى مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ) قَدَّمَ عَنْ الْمُحِيطِ عَنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَنُدِبَ تَلْقِينُهُ أَنَّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ بَلْ سَيَذْكُرُ آخِرَ هَذَا الْبَابِ عَنْ جَامِعِ قَاضِي خَانْ لَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ الْمُخْتَلِعَةَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ كَلَامٍ وَبِهَذَا يُعْرَفُ خَطَأُ مَنْ بَحَثَ فِي الْمُخْتَلِعَةِ وَقَالَ يَنْبَغِي كَوْنُهَا مِنْ ذَوَاتِ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي الْخُلْعِ وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ فَسْخًا أَوْ طَلَاقًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ عَلَى مَالٍ تَقَعُ فُرْقَتُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا اهـ.

وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الشرنبلالية أَقُولُ: قَوْلُهُ وَبِهَذَا عُرِفَ خَطَأُ مَنْ بَحَثَ فِي الْمُخْتَلِعَةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُخْتَلِعَةَ عَلَى مَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ آخِرًا فَظَاهِرٌ لَكِنَّ قَوْلَ الْمُجْتَبَى يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ أَعْنِي شُبْهَةَ الْمَحَلَّ بَلْ مِنْ الشُّبْهَةِ فِي الْفِعْلِ وَهَذَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْكَرْخِيِّ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَكُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْمُجْتَبَى وَالْكَرْخِيِّ لَمْ يُعَلَّلْ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ بَلْ بِحُرْمَتِهَا إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُخْتَلِعَةَ لَا عَلَى مَالٍ كَمَا هُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي يَذْكُرُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ النَّسَفِيِّ أَيْضًا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ إلَّا بِإِثْبَاتِ اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الرَّجْعِيِّ بِهِ أَيْضًا كَاَلَّذِي عَلَى مَالٍ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ) قَالَ فِي الشرنبلالية هَذَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا صَرِيحًا إمَّا لَوْ نَوَاهَا بِالْكِنَايَةِ فَوَقَعَتْ فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ لَا يُحَدُّ لِتَحَقُّقِ الِاخْتِلَافِ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَهَذِهِ يُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثٌ وُطِئَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ عَلِمْت حُرْمَتَهَا وَلَا يُحَدُّ وَهِيَ مَا وَقَعَ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ بِالْكِنَايَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>