للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِذَا أَمَّنَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ نَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتَلُوا الرِّجَالَ وَسَبَوْا النِّسَاءَ، وَالْأَمْوَالَ وَاقْتَسَمُوا ذَلِكَ وَوُلِدَ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَوْلَادٌ ثُمَّ عَلِمُوا بِالْأَمَانِ فَعَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا دِيَةَ مَنْ قَتَلُوا وَتُرَدُّ النِّسَاءُ، وَالْأَمْوَالُ إلَى أَهْلِهَا وَتُغْرَمُ لِلنِّسَاءِ أَصْدُقَتُهُنَّ لِمَا أَصَابُوا مِنْ فُرُوجِهِنَّ، وَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ تَبَعًا لِأَبِيهِمْ لَكِنْ إنَّمَا تُرَدُّ النِّسَاءُ بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَفِي زَمَانِ الِاعْتِدَادِ يُوضَعْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَالْعَدْلُ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ ثِقَةٌ لَا الرَّجُلُ وَيَكُونُ الْأَوْلَادُ أَحْرَارًا بِغَيْرِ قِيمَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اهـ.

وَأَمَّا صِفَتُهُ فَهُوَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ رَأَى الْإِمَامُ

الْمَصْلَحَةَ

فِي نَقْضِهِ نَقَضَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَنَنْبِذُ لَوْ شَرًّا) أَيْ نَقَضَ الْإِمَامُ الْأَمَانَ لَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ شَرًّا؛ لِأَنَّ جَوَازَهُ كَانَ لِلْمَصْلَحَةِ مَعَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ الْقِتَالِ الْمَفْرُوضِ، فَإِذَا صَارَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي نَقْضِهِ نَقَضَ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ شَامِلَةٌ لِمَا إذَا أَعْطَى الْإِمَامُ الْأَمَانَ لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ رَأَى فِي نَقْضِهِ وَلِمَا إذَا أَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهِ فَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الثَّانِي مِمَّا لَا يَنْبَغِي، وَإِذَا فَعَلَهُ الْوَاحِدُ وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهِ أَدَّبَهُ الْإِمَامُ لِانْفِرَادِهِ بِرَأْيِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ فَيُعْذَرُ وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْأَمَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ مُطْلَقٌ وَمُؤَقَّتٌ فَالْأَوَّلُ يُنْتَقَضُ بِأَمْرَيْنِ إمَّا بِنَقْضِ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِهِ ثُمَّ يُقَاتِلَهُمْ خَوْفًا مِنْ الْغَدْرِ وَإِمَّا بِمَجِيءِ أَهْلِ الْحِصْنِ إلَى الْإِمَامِ بِالْأَمَانِ ثُمَّ امْتِنَاعُهُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَبُولِ الْجِزْيَةِ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ لَكِنْ يَرُدُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ ثُمَّ يُقَاتِلُهُمْ احْتِرَازًا عَنْ التَّغْرِيرِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا أَنْ يَلْحَقُوا بِمَأْمَنِهِمْ أَجَّلَهُمْ عَلَى مَا يَرَى، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعُوا حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ صَارُوا ذِمَّةً، وَالثَّانِي يَنْتَهِي بِمُضِيِّ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى النَّقْضِ وَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ إلَّا إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ فَمُضِيُّ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهِ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَأْمَنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ أَمَانُ ذِمِّيٍّ وَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ وَعَبْدٍ وَمَحْجُورٍ عَنْ الْقِتَالِ) ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُتَّهَمٌ، وَالْأَسِيرُ، وَالتَّاجِرُ مَقْهُورَانِ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فَلَا يَخَافُونَهُمْ، وَالْأَمَانُ يَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْخَوْفِ، وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَنْ الْقِتَالِ لَا يَخَافُونَهُ فَلَا يُلَاقِي الْأَمَانُ مَحَلَّهُ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنْهُ مُتَحَقِّقٌ وَصَحَّحَ مُحَمَّدٌ أَمَانَهُ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْأَمَانِ مِنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الْأَمِيرَ لَوْ أَمَرَ الذِّمِّيَّ بِأَنْ يُؤَمِّنَهُمْ فَأَمَّنَهُمْ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ لَهُمْ: إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ أَوْ قَالَ لَهُ أَمِّنْهُمْ وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ قَالَ الذِّمِّيُّ قَدْ أَمَّنْتُكُمْ أَوْ أَنَّ فُلَانًا الْمُسْلِمَ قَدْ أَمَّنَكُمْ فَفِي الثَّانِي يَصِحُّ أَمَانُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْأَوَّلِ إنْ قَالَ لَهُمْ الذِّمِّيُّ إنَّ فُلَانًا أَمَّنَكُمْ صَحَّ، وَإِنْ قَالَ أَمَّنْتُكُمْ فَهُوَ بَاطِلٌ وَأَرَادَ بِالْأَسِيرِ، وَالتَّاجِرِ الْمُسْلِمَ الَّذِي فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ وَأَمَّنَ جُنْدًا عَظِيمًا فَخَرَجُوا مَعَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَظَفِرَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَهُمْ فَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ عِشْرُونَ مَعَ الْمُسْلِمِ بِأَمَانٍ فَهُوَ آمِنٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مَقْهُورٌ مَعَهُمْ دُونَ الثَّانِي وَفِي الذَّخِيرَةِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ أَمَانُ الْأَسِيرِ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ فِي حَقِّ بَاقِي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ أَمَّا أَمَانُهُ فِي حَقِّهِ صَحِيحٌ، وَإِذَا صَحَّ أَمَانُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَارَ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الدَّاخِلِ فِيهِمْ بِأَمَانٍ سَوَاءً فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ وَكَذَلِكَ لَا يَأْخُذُ مَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ وَصَارَ مِلْكًا لَهُمْ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَالْإِحْرَازِ بِدَارِهِمْ وَمَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَصِرْ مِلْكًا لَهُمْ بِالِاسْتِيلَاءِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَهُ وَيُخْرِجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَمَعْنَى عَدَمِ صِحَّةِ أَمَانِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فِي حَقِّ بَاقِي الْمُسْلِمِينَ أَمَّا أَمَانُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ، وَالْجَوَابُ فِي الْأَمَةِ كَالْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ إنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَأَمَانُهَا صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

أَطْلَقَ فِي أَمَانِ الذِّمِّيِّ فَشَمِلَ مَا إذَا أَذِنَهُ الْإِمَامُ بِالْقِتَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَهُ الْإِمَامُ بِالْأَمَانِ كَمَا قَدَّمْنَا وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالْقِتَالِ، وَالْفَرْقُ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ، وَالْفَاسِقُ يَصِحُّ أَمَانُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ إعْتَاقِ الْحَرْبِيِّ الْعَبْدَ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>