ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمَاءٍ قَرِيبٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ:، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ إلَّا بِثَمَنٍ وَلَهُ ثَمَنُهُ لَا يَتَيَمَّمُ، وَإِلَّا تَيَمَّمَ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا إنْ أَعْطَاهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّذِي يَعُزُّ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ أَوْ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ لِتَحَقُّقِ الْقُدْرَةِ، فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْبَدَلِ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَاءِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى ثَمَنِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِوُجُودِ الضَّرَرِ، فَإِنَّ حُرْمَةَ مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ نَفْسِهِ وَالضَّرَرُ فِي النَّفْسِ مُسْقِطٌ فَكَذَا فِي الْمَالِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَنَظِيرُهُ الثَّوْبُ النَّجَسُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ الثَّوْبِ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَفِي النَّوَادِرِ هُوَ ضَعْفُ الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ إذَا قَدَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ لَا يَتَيَمَّمُ وَقِيلَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَقِيلَ مَا لَا يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ مُسْقِطٌ وَاقْتَصَرَ فِي الْبَدَائِعِ وَالنِّهَايَةِ عَلَى مَا فِي النَّوَادِرِ فَكَانَ هُوَ الْأَوْلَى وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ وَأَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَازِمٌ وَلَا مُطَالَبَةَ قَبْلَ حُلُولِهِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ قُيِّدَ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَ إذَا قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ الثَّوْبِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْثَرُهُ مَجْرُوحًا تَيَمَّمَ وَبِعَكْسِهِ يَغْسِلُ) أَيْ لَوْ كَانَ أَكْثَرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مِنْهُ مَجْرُوحًا فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ أَكْثَرُ جَمِيعِ بَدَنِهِ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ تَيَمَّمَ، وَإِذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَجْرُوحِ يَغْسِلُ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجِرَاحَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِرْقَةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ مِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ مِنْ حَيْثُ عَدَدُ الْأَعْضَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ فِي نَفْسِ كُلِّ عُضْوٍ، فَلَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ جِرَاحَةٌ وَالرِّجْلُ لَا جِرَاحَةَ بِهَا يَتَيَمَّمُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَعْضَاءِ الْجِرَاحَةِ جَرِيحًا أَوْ صَحِيحًا وَالْآخَرُونَ قَالُوا إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الْمَذْكُورَةِ جَرِيحًا فَهُوَ الْكَثِيرُ الَّذِي يَجُوزُ مَعَهُ التَّيَمُّمُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَفِي الْحَقَائِقِ الْمُخْتَارُ اعْتِبَارُ الْكَثْرَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَدُ الْأَعْضَاءِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُضُوءِ، وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَكْثَرَ الْبَدَنِ صَحِيحًا أَوْ جَرِيحًا الْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْمِسَاحَةُ فَلَوْ اسْتَوَيَا لَا رِوَايَةً فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ أَصْلًا وَقِيلَ يَغْسِلُ
ــ
[منحة الخالق]
وَفِي السِّرَاجِ قِيلَ يَجِبُ الطَّلَبُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ وَالثَّانِي عَلَى مَا فِي الْهِدَايَة (قَوْلُهُ: قُيِّدَ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَ إذَا قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ الثَّوْبِ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَيَاضٌ بَعْدَ قَوْلِهِ الثَّوْبُ وَفِي بَعْضِهَا لَفْظَةُ لَا يَجِبُ وَفِي بَعْضِهَا لَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَهَاتَانِ النُّسْخَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا يَجِبُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي السِّرَاجِ فَقَالَ وَلَوْ مَلَكَ ثَمَنَ الثَّوْبِ هَلْ يُكَلَّفُ شِرَاءَهُ قَالَ إسْمَاعِيلُ الْإِمَامُ لَا وَلَوْ مَلَكَ ثَمَنَ الْمَاءِ يُكَلَّفُ شِرَاءَهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ وَأَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَا سَوَاءً وَيُكَلَّفُ شِرَاءَ الثَّوْبِ كَمَا يُكَلَّفُ شِرَاءَ الْمَاءِ اهـ.
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ قُيِّدَ بِالْمَاءِ إلَخْ الْمَشْيُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَالْأَنْسَبُ نُسْخَةُ لَا يَجِبُ وَسَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَالنُّسَخُ هُنَاكَ مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا فَفِي بَعْضِهَا التَّرْدِيدُ وَفِي بَعْضِهَا الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَكَانَ صَاحِبُ النَّهْرِ لَمْ يَرَ عِبَارَةَ السِّرَاجِ فَقَالَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ قِيَاسًا عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ اهـ وَمَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَخِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَجْرُوحِ يَغْسِلُ) أَيْ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ غَسْلُ الصَّحِيحِ بِدُونِ إصَابَةِ الْمَوْضِعِ الْجَرِيحِ بِالْمَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ إلَّا بِإِصَابَةِ الْمَاءِ لِلْجَرِيحِ عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّهُ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَفِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْجُنُبُ إذَا كَانَ بِهِ جِرَاحَاتٌ فِي عَامَّةِ جَسَدِهِ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ غَسْلَ الْجِرَاحَةِ وَيَسْتَطِيعُ غَسْلَ مَا بَقِيَ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَسَلَ غَيْرَ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ رُبَّمَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهَا فَيَضُرُّهُ لَا جَرَمَ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَغْسِلَ غَيْرَ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ وَيَمْسَحَ عَلَى الْجِرَاحَةِ بِالْمَاءِ إنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ الْمَسْحُ أَوْ يَعْصِبَهَا بِخِرْقَةٍ وَيَمْسَحَ عَلَى الْخِرْقَةِ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَعْضَائِهِ صَحِيحًا بِأَنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرُ جَسَدِهِ صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ يَدَعُ الرَّأْسَ وَيَغْسِلُ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ اهـ.
كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ فَأَفَادَ أَنَّ الْجِرَاحَةَ لَوْ كَانَتْ بِظَهْرِهِ مَثَلًا بِحَيْثُ لَوْ غَسَلَ مَا فَوْقَهَا أَصَابَهَا الْمَاءُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ وَأَفَادَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ مَسْحُ الْجِرَاحَةِ إلَّا إذَا عَصَبَهَا لَزِمَهُ تَعْصِيبُهَا وَمَسْحُ الْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْغَسْلِ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute