للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمًا فَهُوَ مَأْخُوذٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ بَعْدَمَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَأَسْلَمَ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَوْضُوعٌ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْحَرْبِيُّ لَا يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِمَا كَانَ أَصَابَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَ ذَلِكَ بَعْدَ الرِّدَّةِ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارُ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ مَوْضُوعًا عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي السَّرِقَةِ وَإِذَا أَصَابَ دَمًا فِي الطَّرِيقِ كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَانَ الْمُرْتَدُّ مَأْخُوذًا بِذَلِكَ وَمَا أَصَابَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْقَتْلِ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ أَصَابَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَفِي مَالِهِ إنْ أَصَابَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ.

وَإِنْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ حَدُّ الشُّرْبِ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الْمُسْكِرِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ وُجُوبَ هَذَا الْحَدِّ ابْتِدَاءً حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ فَإِذَا اعْتَرَضَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْوُجُوبِ يَمْنَعُ الْبَقَاءَ وَإِنْ أَصَابَ ذَلِكَ وَالْمُرْتَدُّ مَحْبُوسٌ فِي يَدِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِحَدِّ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ وَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَمَكَّنُ الْإِمَامُ مِنْ إقَامَةِ هَذَا الْحَدِّ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حِينَ أَصَابَ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ أَيْضًا اهـ.

وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَصَرُّفَاتِهِ وَأَمْلَاكِهِ وَجِنَايَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فِي الْكِتَابِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا قُتِلَ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَرَّعُ فِيهِ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يُتْرَكُ عَلَى رِدَّتِهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَلَا بِأَمَانٍ مُوَقَّتٍ وَلَا بِأَمَانٍ مُؤَبَّدٍ وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ بَعْدَ اللَّحَاقِ مُرْتَدًّا إذَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ أَسِيرًا وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْمُرْتَدَّةِ بَعْدَ اللِّحَاقِ اهـ.

وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ لِأَنَّهَا لِلْمَعُونَةِ وَهُوَ لَا يُعَاوَنُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِرِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَفِي الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ أَحَدٍ لِانْعِدَامِ الْمِلَّةِ وَالْوِلَايَةِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الرِّدَّةَ أَفْحَشُ مِنْ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْقَتْلِ فَشَمِلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَوِلَايَةُ قَتْلِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِلْإِمَامِ لَا لِلْمَوْلَى لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمُرْتَدَّ أَوْ أَمَتَهُ الْمُرْتَدَّةَ جَازَ وَالرِّدَّةُ عَيْبٌ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْقَتْلِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ عَيْبًا وَرِدَّةُ الْأَمَةِ تُفَوِّتُ عَلَى الْمُشْتَرِي مَنْفَعَةَ الْوَطْءِ فَيَكُونُ عَيْبًا أَيْضًا اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَعْزِيًّا إلَى الْحَقَائِقِ وَلَا تُجَالَسُ وَلَا تَوَاكَلُ وَلَا تُبَاعُ اهـ.

وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ أَنْ لَا يَكُونَ إسْلَامُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ صَبِيٌّ أَبَوَيْهِ مُسْلِمَانِ حَتَّى حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ فَبَلَغَ كَافِرًا وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِاللِّسَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يُقْتَلُ لِانْعِدَامِ الرِّدَّةِ مِنْهُ إذْ هِيَ اسْمٌ لِلتَّكْذِيبِ بَعْدَ سَابِقَةِ التَّصْدِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّصْدِيقُ بَعْدَ الْبُلُوغِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ يُقْتَلُ وَلَكِنَّهُ فِي الْأُولَى يُحْبَسُ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ تَبَعًا وَالْحُكْمُ فِي إكْسَابِهِ كَالْحُكْمِ فِي إكْسَابِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ حُكْمًا اهـ.

وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي إسْلَامِهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّ السَّكْرَانَ لَوْ أَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ فَإِنْ رَجَعَ مُرْتَدًّا لَا يُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا ارْتَدَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. .

(قَوْلُهُ وَإِسْلَامُهُ أَنْ يَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا أَوْ عَمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ) أَيْ إسْلَامُ الْمُرْتَدِّ بِذَلِكَ وَمُرَادُهُ أَنْ يَتَبَرَّأَ عَنْ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا سِوَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَتَرْكُهُ لِظُهُورِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَتَيْنِ وَصَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ التَّبَرُّؤَ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ سَأَلَ أَبُو يُوسُفَ كَيْفَ يُسْلِمُ فَقَالَ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَتَبَرَّأُ مِنْ الَّذِي انْتَحَلَهُ وَقَالَ لَمْ أَدْخُلْ فِي هَذَا الدِّينِ قَطُّ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ قَطُّ يُرِيدُ مِنْهُ مَعْنَى أَبَدًا لِأَنَّ قَطُّ ظَرْفٌ لِمَا مَضَى لَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْإِقْرَارُ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ مُسْتَحَبٌّ وَقَوْلُهُ عَمَّا انْتَحَلَهُ أَيْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَفَادَ بِاشْتِرَاطِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>