للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا مُنَافَاةَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ خِدْمَتِهِ لَهَا وَطْؤُهَا فَقَدْ صَرَّحَ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا وَقَدَّمْنَا عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ مَا يُفِيدُهُ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ تُحْبَسُ أَنَّهَا لَا تُسْتَرَقُّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَدَّمْنَا فِيهِ رِوَايَةً فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ مَعَ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ رِدَّتِهَا فَارْجِعْ إلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تُضْرَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُونَ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ أَنَّهَا إذَا ارْتَدَّتْ تُضْرَبُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَهُوَ اخْتِيَارٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي نِهَايَةِ التَّعْزِيرِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ فِي كُلِّ تَعْزِيرٍ بِالضَّرْبِ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَذُكِرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُنَا وَيُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُضْرَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ وَعَنْ الْحَسَنِ تُضْرَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سَوْطًا إلَى أَنْ تَمُوتَ أَوْ تُسْلِمَ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِحُرَّةٍ وَلَا أَمَةٍ وَهَذَا قَتْلٌ مَعْنًى لِأَنَّ مُوَالَاةَ الضَّرْبِ تُفْضِي إلَيْهِ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي حَبْسِهَا فَشَمِلَ مَا إذَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَتْ وَاسْتُرِقَّتْ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ وَلَا تُقْتَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَلَا يَكُونُ اسْتِرْقَاقُهَا مُسْقِطًا عَنْهَا الْجَبْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ الْأَمَةُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً عَاقِلَةً لِمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ مَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَا يَجِبُ جَزَاءً عَلَى الرِّدَّةِ يَجُوزُ أَنْ تُؤَاخَذَ الصَّغِيرَةُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُحْبَسُ عَلَى الرِّدَّةِ كَمَا تُحْبَسُ الْكَبِيرَةُ وَالْحَبْسُ جَزَاءُ الرِّدَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ عَنْ مَالِهِ زَوَالًا مَوْقُوفًا فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَ مِلْكُهُ) قَالُوا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُحْتَاجٌ فَإِلَى أَنْ يُقْتَلَ يَبْقَى مِلْكُهُ كَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ وَالْقِصَاصِ وَلَهُ أَنَّهُ حَرْبِيٌّ مَقْهُورٌ تَحْتَ أَيْدِينَا حَتَّى يُقْتَلَ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِالْحِرَابِ وَهَذَا يُوجِبُ زَوَالَ مِلْكِهِ وَمَالِكِيَّتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ مَدْعُوٌّ إلَى الْإِسْلَامِ بِالْإِجْبَارِ عَلَيْهِ وَيُرْجَى عَوْدُهُ إلَيْهِ فَتَوَقَّفْنَا فِي أَمْرِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ جُعِلَ الْعَارِضُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا وَلَمْ يَعْمَلْ بِالسَّبَبِ وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحُكِمَ بِلِحَاقِهِ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ فَعَمِلَ السَّبَبُ عَمَلَهُ وَزَالَ مِلْكُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ فِي حُكْمِ تَبَرُّعَاتِهِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَتَصَرُّفِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ فَتَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ لِكَوْنِهِ عَلَى شَرَفِ التَّلَفِ وَفِي الْبَدَائِعِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ أَنَّ أَمْوَالَهُ بَاقِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّهَا تَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي زَوَالِهَا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ الرِّدَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ فَعِنْدَهُمَا نَافِذَةٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَعِنْدَهُ مَوْقُوفَةٌ لِوُقُوفِ أَمْلَاكِهِ اهـ.

قَيَّدَ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَا تَوَقُّفَ فِي إحْبَاطِ طَاعَاتِهِ وَوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَتَجْدِيدِ الْإِيمَانِ فَإِنَّ الِارْتِدَادَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا قَدْ عَمِلَ عَمَلَهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُسْلِمُ دَارًا أَوْ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ تَبْطُلُ إجَارَتُهُ كَأَنَّهُ مَاتَ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثُمَّ ارْتَدَّ.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَهُ قَيِّمًا فِي مَالِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ بَطَلَ إيصَاؤُهُ وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ وَلَحِقَ بِدَارَ الْحَرْبِ يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ عَادَ إلَيْنَا مُسْلِمًا هَلْ يَعُودُ وَكِيلًا ذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ أَنَّهُ يَعُودُ وَلَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ وَلَحِقَ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَعُودُ وَكِيلًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعُودُ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَوَقُّفَ فِي إبْطَالِ عِبَادَاتِهِ وَبَيْنُونَةِ امْرَأَتِهِ وَإِيجَارِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ وَوَصِيَّتِهِ وَإِيصَائِهِ وَتَوْكِيلِهِ وَوَكَالَتِهِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ عِبَادَاتِهِ الَّتِي يُطْلَبُ بِرِدَّتِهِ وَقْفَهُ وَأَنَّهُ لَا يَعُودُ بِإِسْلَامِهِ وَقَيَّدَ بِالْمُرْتَدِّ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَا يَزُولُ مِلْكُهَا عَنْ مَالِهَا بِلَا خِلَافٍ فَيَجُوزُ تَصَرُّفَاتُهَا فِي مَالِهَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ فَلَمْ تَكُنْ رِدَّتُهَا سَبَبًا لِزَوَالِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>