للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِرَارِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ قِيَامِ الْعِدَّةِ لِإِرْثِهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَيْهَا فَتَرِثُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ لِكَوْنِهَا وَارِثَةً وَقْتَ الرِّدَّةِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ قِيَامِ الْعِدَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ فَلَا تَرِثُ غَيْرُ الْمَدْخُولَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ تَبِينُ غَيْرُ الْمَدْخُولَةِ لَا إلَى عِدَّةٍ فَتَصِيرُ أَجْنَبِيَّةً وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ الرِّدَّةُ مَوْتًا حَقِيقِيًّا حَتَّى أَنَّ الْمَدْخُولَةَ إنَّمَا تَعْتَدُّ فِيهَا بِالْحَيْضِ لَا بِالْأَشْهُرِ لَمْ تَنْتَهِضْ سَبَبًا لِلْإِرْثِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لِحَاقِهِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِرْثَ وَإِنْ اسْتَنَدَ إلَى الرِّدَّةِ لَكِنْ يَتَقَرَّرُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبِهَذَا أَيْضًا لَا تَرِثُ الْمُنْقَضِيَةُ عِدَّتُهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا أَيْضًا عَلَى غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَيْهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولَةِ وَغَيْرِهَا وَقَيَّدَ الْوَارِثَ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ وَفِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ قُتِلَ الْأَبُ عَلَى رِدَّتِهِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْعُلُوقَ حَصَلَ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ قَطْعًا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ لَمْ يَرِثْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلِقَ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ فَلَا يَرِثُ مَعَ الشَّكِّ وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ دُونَ الْمَرْأَةِ أَوْ كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ مُسْلِمَةٌ وَرِثَهُ مَعَ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ.

وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْأُمَّ مُسْلِمَةٌ فَكَانَ الْوَلَدُ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِأُمِّهِ فَيَرِثُ أَبَاهُ اهـ.

وَأَمَّا مَا كَانَ كَسْبًا لَهُ زَمَنَ رِدَّتِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَقَالَا هُوَ كَالْأَوَّلِ مِيرَاثٌ لِأَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَيَنْتَقِلُ بِمَوْتِهِ إلَى وَرَثَتِهِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قُبَيْلَ رِدَّتِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ فَيْءٌ يُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَاللُّقَطَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الِاسْتِنَادُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ لِوُجُودِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِنَادُ فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ لِعَدَمِهِ قَبْلَهَا وَمِنْ شَرْطِ اسْتِنَادِ التَّوْرِيثِ وُجُودُهُ قَبْلَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ زَمَنَ رِدَّتِهِ حَيْثُ مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَمَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَهُمَا لَمَّا قَالَا بِأَنَّ أَمْلَاكَهُ لَا تَزُولُ بِرِدَّتِهِ قَالَا بِأَنَّ كَسْبَهُ زَمَنَهَا مَمْلُوكٌ لَهُ فَيُورَثُ عَنْهُ فَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي زَوَالِ أَمْلَاكِهِ بِالرِّدَّةِ وَفِي الْقَامُوسِ الْفَيْءُ مَا كَانَ شَمْسًا فَيَنْسَخُهُ الظِّلُّ وَالْغَنِيمَةُ وَالْخَرَاجُ وَالْقِطْعَةُ مِنْ الطَّيْرِ وَالرُّجُوعُ اهـ.

فَلَهُ خَمْسَةُ مَعَانٍ لُغَةً وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَمَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا حُكْمُ دُيُونِهِ فَأَفَادَ أَنَّ دُيُونَ إسْلَامِهِ تُقْضَى مِنْ كَسْبِ إسْلَامِهِ وَأَنَّ دَيْنَ رِدَّتِهِ يُقْضَى مِنْ كَسْبِ رِدَّتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ الْكَسْبَيْنِ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِلْكُهُ حَتَّى يَجْرِيَ الْإِرْثُ فِيهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ إلَّا أَنْ لَا يَفِي بِهِ فَيَقْضِي الْبَاقِي مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ أَنَّهُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ لَا يَفِي بِهِ فَيَقْضِي الْبَاقِي مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ دَيْنَ الْإِنْسَانِ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ وَكَذَا دَيْنُ الْمَيِّتِ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ وَارِثِهِ وَمَالُهُ كَسْبُ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا كَسْبُ الرِّدَّةِ فَمَالُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِذَا لَمْ يَفِ بِهِ كَسْبُ الْإِسْلَامِ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ فَيُقْضَى الْبَاقِي مِنْهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا صَحَّحَ الْوَلْوَالِجِيُّ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ لَيْسَ عَلَى قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ قَوْلًا لِلْحَسَنِ وَزُفَرَ فَقَالَ وَقَالَ الْحَسَنُ دَيْنُ الْإِسْلَامِ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ وَدَيْنُ الرِّدَّةِ فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ اهـ.

وَالْحَقُّ أَنَّهَا رِوَايَةُ زُفَرَ عَنْ الْإِمَامِ أَيْضًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ رِوَايَةُ زُفَرَ عَنْهُ لَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ كَمَا عَلِمْت وَظَاهِرُ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَحَدُ النَّوْعَيْنِ يَقْضِي الدَّيْنَانِ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَسَنُوَضِّحُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُرِّ.

وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ خَارِجٌ عَنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فَلِذَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّ مَا اكْتَسَبَهُ الْمُكَاتَبُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ لَا يَكُونُ فَيْئًا وَإِنَّمَا يَكُونُ لِمَوْلَاهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ وَسَنُوَضِّحُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَيَّدَ بِالْمُرْتَدِّ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ كَسْبَاهَا لِوَرَثَتِهَا

ــ

[منحة الخالق]

وَهُوَ كَوْنُهُ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ أَوْ قَتْلِهِ أَوْ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ وَقَوْلُهُ فَعَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>