بِرِدَّتِهِمَا إلَّا إذَا لَحِقَا بِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ كَانَ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُمَا أَوْ لِلدَّارِ وَقَدْ انْعَدَمَ الْكُلُّ فَيَكُونُ الْوَلَدُ فَيْئًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إذَا بَلَغَ كَمَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ ذَهَبَ بِهِ وَحْدَهُ وَالْأُمُّ مُسْلِمَةٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ فَيْئًا لِأَنَّهُ بَقِيَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأُمِّهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِأَنْ وُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ بَعْدَ لُحُوقِهِمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُهُمَا مِنْ كَوْنِهِ فَيْئًا وَمِنْ الْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَبَلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلِذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَقْيِيدُهُ فِي الْهِدَايَةِ بِكَوْنِ الْحَبَلِ فِي دَارِ الْحَرْبِ اتِّفَاقِيٌّ لِيُعْلَمَ حُكْمُ مَا إذَا حَبِلَتْ بِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ مَعَ بُعْدِهِ عَنْهُ بِبُعْدِهِ عَنْ دَارِهِ فَمَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ أَوْلَى كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ لَيْسَ حُكْمُ هَذَا الْوَلَدِ كَحُكْمِهِمَا مِنْ جِهَةِ الْقَتْلِ وَلِذَا قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ لَا يُقْتَلُ لَوْ أَبَى كَوَلَدِ الْمُسْلِمِ إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَصِفْ الْإِسْلَامَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَلُ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ وَلَدُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إمَّا بِالتَّبَعِيَّةِ لِجَدِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ وَلَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّ رِدَّةَ أَبِيهِ كَانَتْ تَبَعًا وَالتَّبَعُ لَا يَسْتَتْبِعُ خُصُوصًا وَأَصْلُ التَّبَعِيَّةِ ثَابِتَةٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ حَقِيقَةً وَلِذَا يُجْبَرُ بِالْحَبْسِ لَا بِالْقَتْلِ بِخِلَافِ أَبِيهِ وَإِذَا لَمْ يَتْبَعْ الْجَدَّ فَيُسْتَرَقُّ أَوْ تُوضَعُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ يُقْتَلُ لِأَنَّ حُكْمَهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ سَائِرِ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا أُسِرُوا وَأَمَّا الْجَدُّ فَيُقْتَلُ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ الْمُرْتَدُّ بِالْأَصَالَةِ أَوْ يُسْلِمُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ كَالْأَبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي ثَمَانِ مَسَائِلَ أَرْبَعَةٌ فِي الْفَرَائِضِ وَأَرْبَعَةٌ فِي غَيْرِهَا أَمَّا الثَّانِي فَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ جَدِّهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ يَتْبَعُهُ وَهَذِهِ وَهُوَ أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ لَا يُجْبَرُ كَجَدِّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا وَالثَّانِيَةُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ جَدُّهُ مُوسِرًا أَوْ لَا أَبَ لَهُ أَوْ لَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ أَوْ عَبْدٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَالثَّالِثَةُ جَرُّ الْوَلَاءِ صُورَتُهَا مُعْتَقَةٌ تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ وَلَهُ أَبٌ عَبْدٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ فَإِذَا عَتَقَ جَدُّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ حَافِدِهِ إلَى مَوَالِيهِ عَنْ مَوَالِي أُمِّهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ يَجُرُّهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَبُوهُ وَالرَّابِعَةُ الْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ لَا يَدْخُلُ الْوَلَدَانِ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ لَا يَدْخُلُ كَالْأَبِ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْفَرَائِضِ فَرَدُّ الْأُمِّ إلَى ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَحَجْبُ أُمِّ الْأَبِ وَالْإِخْوَةِ لَا تَسْقُطُ بِالْجَدِّ عِنْدَهُمَا وَتَسْقُطُ بِالْأَبِ اتِّفَاقًا وَالرَّابِعَةُ ابْنُ الْمُعْتِقِ يَحْجُبُ الْجَدَّ عَنْ مِيرَاثِ الْمُعْتِقِ اتِّفَاقًا وَلَا يَحْجُبُ الْأَبَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلَهُ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْأَكْمَلُ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ وَذَكَرُوا هُنَا الْأَرْبَعَةَ الْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ مَسْأَلَتَنَا مَذْكُورَتَانِ فِي النَّفَقَاتِ الْأُولَى الْأُمُّ تُشَارِكُ الْجَدَّ فِي نَفَقَةِ الصَّغِيرِ أَثْلَاثًا بِخِلَافِ الْأَبِ، الثَّانِيَةُ لَا تُفْرَضُ النَّفَقَةُ عَلَى الْجَدِّ الْمُعْسِرِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَصَارَتْ الْمَسَائِلُ عَشْرًا وَقَدْ يُزَادُ أُخْرَى هِيَ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَتَّصِفُ بِعَدَمِ الْيُتْمِ بِحَيَاةِ جَدِّهِ وَيَتَّصِفُ بِهِ بِحَيَاةِ أَبِيهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.
قَيَّدَ بِرِدَّتِهِمَا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَوَلَدَتْ هُنَاكَ ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُ أَبَاهُ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَدَتْهُ حَتَّى سُبِيَتْ ثُمَّ وَلَدَتْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ مَرْقُوقٌ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ لِأَنَّ الرِّقَّ مِنْ أَسْبَابِ الْحِرْمَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَارْتِدَادُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ صَحِيحٌ كَإِسْلَامِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَلُ) بَيَانٌ لِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ وَرِدَّتِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فِي الْإِسْلَامِ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ فِيهِ فَلَا يُجْعَلُ أَصْلًا وَلَا نُلْزِمُهُ أَحْكَامًا يَشُوبُهَا الْمَضَرَّةُ فَلَا يُؤَهَّلُ لَهُ وَلَنَا أَنَّ «عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْلَمَ فِي صِبَاهُ وَصَحَّحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إسْلَامَهُ» وَافْتِخَارُهُ بِذَلِكَ مَشْهُورٌ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِحَقِيقَةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ مَعَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَنْ طَوْعٍ دَلِيلٌ عَلَى الِاعْتِقَادِ عَلَى مَا عُرِفَ وَالْحَقَائِقُ لَا تُرَدُّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سَعَادَةٌ أَبَدِيَّةٌ وَنَجَاةٌ عَقْبَاوِيَّةٌ وَهُوَ مِنْ أَجْلِ الْمَنَافِعِ وَهُوَ الْحُكْمُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute