للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعْتُوهًا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَأْذُونًا اهـ.

وَأَطْلَقَهَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ خَاصَّةً أَوْ عَامَّةً وَمَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً عَنْ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ أَوْ مُقَيَّدَةً بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ وَهِيَ تَصِحُّ عَامًّا وَخَاصًّا مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا فَكَذَا الشَّرِكَةُ وَهَلْ تَتَوَقَّتُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بِالْوَقْتِ رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَتَوَقَّتُ حَتَّى لَا تَبْقَى الشَّرِكَةُ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِمَّا لَا تَكَادُ تَصِحُّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ أَوْ بِبَيْعِهِ الْيَوْمَ لَا تَتَوَقَّتُ الْوَكَالَةُ بِالْيَوْمِ فَإِذَا لَمْ تَتَوَّقَتْ الْوَكَالَةُ لَا تَتَوَقَّتُ الشَّرِكَةُ ضَرُورَةً، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ صَحِيحَةٌ فِي الشَّرِكَةِ فَصَارَتْ الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي رِوَايَةٍ يَتَوَقَّتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا يَقْبَلَانِ الْخُصُوصَ فِي النَّوْعِ فَيَقْبَلَانِ التَّوْقِيتَ بِالْوَقْتِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَتَوَقَّتَانِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ قَدْ يَكُونُ لِقَصْرِهِمَا عَلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِاسْتِعْجَالِ الْعَمَلِ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّوْقِيتِ وَهُمَا ثَابِتَانِ لِلْحَالِ بِيَقِينٍ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي ارْتِفَاعِهِمَا بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا يَرْتَفِعَانِ بِالشَّكِّ وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّتُ الْإِذْنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ دُونَ الرِّبْحِ وَعَكْسِهِ) وَهُوَ التَّفَاضُلُ فِي الْمَالِ وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَإِنَّ الْمَالَ إذَا كَانَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحُ أَثْلَاثًا فَصَاحِبُ الزِّيَادَةِ يَسْتَحِقُّهَا بِلَا ضَمَانٍ إذْ الضَّمَانُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُمَا فِي الرِّبْحِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ وَلِهَذَا يَشْتَرِطَانِ الْخَلْطَ فَصَارَ رِبْحُ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ نَمَاءِ الْأَعْيَانِ فَيَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فِي الْأَصْلِ وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» وَلَمْ يَفْصِلْ؛ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ كَمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ يُسْتَحَقُّ بِالْعَمَلِ كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ.

وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَحْذَقَ وَأَهْدَى أَوْ أَكْثَرَ عَمَلًا فَلَا يَرْضَى بِالْمُسَاوَاةِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّفَاضُلِ قَيَّدَ بِالشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الرِّبْحِ كُلِّهِ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ الْعَقْدُ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمِنْ الْمُضَارَبَةِ أَيْضًا إلَى قَرْضٍ بِاشْتِرَاطِهِ لِلْعَامِلِ أَوْ إلَى بِضَاعَةٍ بِاشْتِرَاطِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا الْعَقْدُ يُشْبِهُ الْمُضَارَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْمَلُ فِي مَالِ الشَّرِيكِ وَيُشْبِهُ الشَّرِكَةَ اسْمًا وَعَمَلًا فَإِنَّهُمَا يَعْمَلَانِ مَعًا فَعَمِلْنَا بِشَبَهِ الْمُضَارَبَةِ وَقُلْنَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ وَبِشَبَهِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَا تَبْطُلَ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا.

وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ جَوَازَ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ وَقَيَّدَهُ فِي التَّبْيِينِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَشْتَرِطَا الْأَكْثَرَ لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَوْ لِأَكْثَرِهِمَا عَمَلًا أَمَّا إنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدَةِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَكَا وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ، فَلَمَّا حَضَرَ أَعْطَاهُ حِصَّتَهُ، ثُمَّ غَابَ الْآخَرُ وَعَمِلَ الْآخَرُ، فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَعْمَلَا جَمِيعًا وَشَتَّى فَمَا كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ عَمِلَا أَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْآخَرُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَفِي الْمُحِيطِ.

ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْوَضِيعَةُ

ــ

[منحة الخالق]

صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَالتَّصْرِيحُ بِهَا تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ جَائِزٌ فِيهَا فَيَثْبُتُ تَبَعًا لَهَا كَمَا تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ فِي الْمُفَاوَضَةِ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، بَلْ صَرَّحَ بِتَمَامِ مَعْنَاهَا كَمَا مَرَّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِالْكَفَالَةِ فَقَدْ ثَبَتَتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِهَا وَلَمْ تُجْعَلْ قَصْدًا، بَلْ ضِمْنًا

(قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَا لَوْ اشْتَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ وَكَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْقَاعِدُ تِسْعَةَ آلَافٍ مَثَلًا وَوَضَعَ الْعَامِلُ أَلْفًا وَاشْتَرَطَا ثُلُثَيْ الرِّبْحِ لِلْقَاعِدِ وَالثُّلُثَ لِلْعَامِلِ وَهَذِهِ تَقَعُ كَثِيرًا وَيُؤْخَذُ عَدَمُ الْجَوَازِ مِنْ قَوْلِ الْمُحِيطِ الْآتِي قَرِيبًا، وَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَقَلِّهِمَا رِبْحًا خَاصَّةً لَا يَجُوزُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ وَكَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْأَقَلُّ رِبْحًا لَا يَجُوزُ الشَّرْطُ، بَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْصُلُ عَلَى الْعَامِلِ إجْحَاف زَائِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِي صُورَتِنَا الْمَذْكُورَةِ عُشْرُ الرِّبْحِ مَعَ تَعَبِهِ فِي الْعَمَلِ لَكِنْ مَا نَنْقُلُهُ قَرِيبًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ فِيهِ مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إلَخْ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الْأَلْفِ فِي مَعْنَى الْمُضَارِبِ إلَّا أَنَّ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ تَتْبَعُ لِمَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ دُونَ التَّبَعِ فَلَا يَضُرُّهُمَا اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ اشْتَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا أَثْلَاثًا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>