للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحَيَاةِ لَا يَجُوزُ وَقْفُ أَرْضِهِ عَلَى عِمَارَةِ مَصَاحِفَ مَوْقُوفَةٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهِ وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَعَبِيدِهِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ هِلَالٍ.

وَفِي الْفَتَاوَى وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ تَزَوَّجَ فَلَا شَيْءَ لَهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا لَا يَعُودُ حَقُّهَا السَّاقِطُ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ اسْتَثْنَى وَقَالَ مَنْ طَلُقَتْ فَلَهَا أَيْضًا قِسْطٌ مِنْ الْوَقْفِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ أَوْ عَلَى بَنِي آدَمَ أَوْ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ أَبَدًا فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى الْعُمْيَانِ أَوْ عَلَى الزَّمْنَى فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَسْأَلَةَ الْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى وَقَالَ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ لَا لَهُمَا وَلَوْ وَقَفَ عَلَى قُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَالْفُقَرَاءِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ.

وَذَكَرَ هِلَالٌ الْوَقْفَ عَلَى الزَّمْنَى الْمُنْقَطِعِينَ صَحِيحٌ وَقَالَ الْمَشَايِخُ الْوَقْفُ عَلَى مُعَلِّمِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقِيلَ يَصِحُّ لِأَنَّ الْفَقْرَ غَالِبٌ فِيهِمْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَعَلَى هَذَا إذَا وَقَفَ عَلَى طَلَبَةِ عِلْمِ بَلْدَةِ كَذَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفَقْرَ غَالِبٌ فِيهِمْ فَكَانَ الِاسْمُ مُنْبِئًا عَنْ الْحَاجَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مَصْرِفًا فِيهِ نَصٌّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْحَاجَةِ فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ يُحْصَوْنَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ يُحْصَوْنَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّأْبِيدَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَمَتَى ذَكَرَ مَصْرِفًا يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ صَحَّ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَاجَةِ كَالْيَتَامَى فَحِينَئِذٍ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَالْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ سَوَاءٌ وَإِنْ لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُصْرَفُ إلَى فُقَرَائِهِمْ لَا إلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الزَّمْنَى فَهُوَ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَفِي الْفَتَاوَى لَوْ وَقَفَ عَلَى الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ أَوْ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى أَوْ حَفْرِ الْقُبُورِ يُفْتَى بِالْجَوَازِ وَهَذَا عَلَى خِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ يَجُوزُ وَيُصْرَفُ إلَى فُقَرَائِهِمْ وَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ شَفْعَوِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَيَدْخُلُ الْحَنَفِيُّ إذَا كَانَ فِي طَلَبِهِ.

وَذَكَرَ بَكْرٌ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى أَقْرِبَاءِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا لِعَدَمِ جَوَازِ صَرْفِ الصَّدَقَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ لَكِنْ فِي جَوَازِ الْوَقْفِ وَصَدَقَةِ النَّفْلِ عَلَيْهِمْ رِوَايَتَانِ الْوَقْفُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَصُوفِي خَانَهُ لَا يَجُوزُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يَجُوزُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ. اهـ.

وَفِي الْإِسْعَافِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَا لَا يُحْصَى عَشَرَةٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِائَةٌ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ ثَمَانُونَ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ وَقَفَ عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ فِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَقَعَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَدْ يَكُونَانِ غَنِيَّيْنِ أَوْ فَقِيرَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ فَقِيرًا لَا يَجُوزُ أَيْضًا وَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ فَقِيرٍ بِهَذَا الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَحَلَّةِ فَإِذَا خَرِبَ كَانَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَوْ قَالَ عَلَى كُلِّ مُؤَذِّنٍ فَقِيرٍ لَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَسْلِهِ فَلَمْ يَقْبَلُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ حَدَثَتْ الْغَلَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِلُوا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُمْ فَإِنْ أَخَذُوهَا سَنَةً ثُمَّ قَالُوا لَا نَقْبَلُ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ.

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا الْجَوَابُ يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْغَلَّةِ الْمَأْخُوذَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ لَهُمْ فَلَا يَمْلِكُونَ الرَّدَّ أَمَّا الَّتِي تَحْدُثُ فَلَهُمْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمْ فِيهَا إنَّمَا الثَّابِتُ لَهُمْ مُجَرَّدُ الْحَقِّ وَمُجَرَّدُ الْحَقِّ يَقْبَلُ الرَّدَّ وَإِنْ قَالَ أَقْبَلُ سَنَةً وَلَا أَقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَالْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ قَالَ صَدَقَةٌ عَلَى وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَسْلِهِ فَأَبَى رَجُلٌ مِنْ وَلَدِهِ أَنْ يَقْبَلَ فَالْغَلَّةُ لِمَنْ قَبِلَ مِنْهُمْ وَيُجْعَلُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ.

هَكَذَا ذَكَرَ هِلَالٌ وَالْخَصَّافُ وَلَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍ مَا عَاشَا وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَالَ زَيْدٌ قَبِلْتُ وَقَالَ عَمْرٌو لَا أَقْبَلُ فَلِزَيْدٍ نِصْفُ الْغَلَّةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمَسَاكِينِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ جَائِزًا وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمَسَاكِينَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِزَيْدٍ وَلَدٌ تَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ إذَا حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ رُدَّتْ الْغَلَّةُ إلَيْهِمْ لِأَنَّ زَيْدًا رَجُلٌ بِعَيْنِهِ فَالْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ جَائِزٌ أَمَّا أَهْلُ بَغْدَادَ وَقُرَيْشٍ وَنَحْوُهُمْ فَإِنَّهُمْ مَوْجُودُونَ وَلَكِنْ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ فَلِذَا بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّ أَهْلَ بَغْدَادَ لَا يَنْقَرِضُونَ وَلَا يَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ. اهـ.

مُلَخَّصًا مِنْ الْخَصَّافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>