للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ وَاسْتَثْنَى الْأَشْجَارَ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَثْنِيًا لِلْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا فَيَصِيرُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْوَقْفِ مَجْهُولًا. اهـ.

وَالْأَكَرَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ الْحَرَّاثُونَ مِنْ أَكَرْت الْأَرْضَ حَرَثْتهَا وَاسْمُ الْفَاعِلِ أَكَّارٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْجَمْعُ أَكَرَةٌ كَأَنَّهُ جَمْعُ آكِرٍ وِزَانُ كَفَرَةٍ جَمْعُ كَافِرٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفِي الْعِنَايَةِ الْأَكَرَةُ جَمْعُ أَكَّارٍ وَهُوَ الزَّرَّاعُ كَأَنَّهَا جَمْعُ آكِرٍ تَقْدِيرًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ لِصِحَّةِ وَقْفِ الْعَقَارِ تَحْدِيدَهُ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ كَوْنُ الْمَوْقُوفِ مَعْلُومًا وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَا أَشْهَدَنَا عَلَى أَرْضِهِ أَنَّهُ وَقَفَهَا وَهُوَ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا حُدُودَهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى وَقْفِ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ جِيرَانَ الْحُدُودِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْخَلَلُ فِي شَهَادَتِهِمَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ أَرْضَهُ وَذَكَرَ حُدُودَهَا وَلَكِنَّا لَا نَعْرِفُ تِلْكَ الْأَرْضَ فِي أَنَّهَا فِي أَيِّ مَكَان جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيُكَلَّفُ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَدَّعِيهَا هَذِهِ الْأَرْضُ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ وَلَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا وَلَكِنَّا نَعْرِفُ أَرْضَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَعَلَّ لِلْوَاقِفِ أَرْضًا أُخْرَى وَكَذَا لَوْ قَالَا لَا نَعْرِفُ لَهُ أَرْضًا أُخْرَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَعَلَّ لِلْوَاقِفِ أَرْضًا أُخْرَى وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ. اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اشْتِرَاطُ تَحْدِيدِهَا فَإِنَّهُ قَالَ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مَشْهُورَةً مَعْرُوفَةً صَحَّ وَقْفُهَا وَإِنْ لَمْ تُحَدَّدْ اسْتِغْنَاءً بِشُهْرَتِهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا. اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إنَّمَا ذَلِكَ الشَّرْطُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِوَقْفِيَّتِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي الْقُنْيَةِ وَقَفَ ضَيْعَةً يَذْكُرُ حُدُودَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْمَقَابِرِ وَالطُّرُقَاتِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْحِيَاضِ الْعَامَّةِ ثُمَّ رَقَمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ إنْ أَمْكَنَ ثُمَّ رَقَمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ بِدُونِ التَّحْدِيدِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَفَ عَقَارًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ هَيَّأَ مَكَانًا لِبِنَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تُبْنَى فَإِذَا بُنِيَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا الْغَلَّةُ أَخْذًا مِنْ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَا أَوْلَادَ لَهُ حَكَمُوا بِصِحَّتِهِ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ اهـ.

وَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْعَبِيدَ يَصِحُّ وَقْفُهُمْ تَبَعًا لِلضَّيْعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْكَامَهُمْ فِي الْبَقَاءِ مِنْ التَّزْوِيجِ وَالْجِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَحُكْمُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه بِلَا إذْنٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ جَارِيَةَ الْوَقْفِ جَازَ وَعَبْدَهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ أَمَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْإِسْعَافِ وَإِنْ جَنَى أَحَدٌ مِنْهُمْ جِنَايَةً فَعَلَى الْمُتَوَلِّي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ وَلَوْ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي الزَّائِدِ فَيَضْمَنُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ فِدَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ وَيَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِي الصَّدَقَةِ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَجِنَايَةُ عَبْدِ الْوَقْفِ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَأَمَّا حُكْمُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَتَلَ عَبْدَ الْوَقْفِ عَمْدًا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ قُتِلَ خَطَأً وَيَشْتَرِي بِهِ الْمُتَوَلِّي عَبْدًا وَيَصِيرُ وَقْفًا كَمَا لَوْ قُتِلَ الْمُدَبَّرُ خَطَأً وَأَخَذَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا وَيَصِيرُ مُدَبَّرًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَصَّافِ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ فَمِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهُمْ مِنْ غَلَّتِهَا ثُمَّ مَرِضَ بَعْضُهُمْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ نَفَقَاتُهُمْ مِنْ غَلَّتِهَا أَبَدًا مَا كَانُوا أَحْيَاءً وَإِنْ قَالَ لِعَمَلِهِمْ فِيهَا لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ تَعَطَّلَ مِنْهُمْ عَنْ الْعَمَلِ وَلَوْ بَاعَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْفَتْحِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ إنَّمَا ذَلِكَ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْمَشْهُورَةِ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا مَا لَمْ تُحَدَّدْ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ فَإِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ لَا لِصِحَّةِ الْوَقْفِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ الْفَتْحِ وَكَوْنُ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ لَا يُنَافِي هَذَا تَأَمَّلْ وَفِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ وَقَفَ أَرْضَهُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَقَالَا لَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا قَالَ الْوَقْفُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَشْهُورَةً تُغْنِي شُهْرَتُهَا عَنْ تَحْدِيدِهَا فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ قَضَيْت بِأَنَّهَا وَقْفٌ. اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَعْدَمَا قَسَّمَ مَسْأَلَةَ التَّحْدِيدِ إلَى سَبْعَةِ صُوَرٍ قَالَ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَيْ مَا لَوْ لَمْ يُحَدِّدْهَا أَصْلًا وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا فَقَالَ الْخَصَّافُ فِيهَا الْوَقْفُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَشْهُورَةً إلَخْ وَقَالَ هِلَالٌ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْخَصَّافُ يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ التَّحْدِيدُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ يَصِحُّ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ الْوَقْفِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشُّهُودِ لَمْ يُحَدِّدْهَا لَنَا وَلَا نَعْرِفُهَا وَلَا هِيَ مَشْهُورَةٌ.

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ تَأْوِيلُ قَوْلِ الْخَصَّافِ الْوَقْفُ بَاطِلٌ بِمَعْنَى: الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ كَمَا قَالَ هِلَالٌ وَغَيْرُهُ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ وَالتَّيَقُّظُ لِفَهْمِهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>