للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ لَهُ إجَارَةُ الْمُسَقَّفِ قُلْتُ: لَا إلَّا بِتَوْكِيلِ النَّاظِرِ وَهَذِهِ الْوَظَائِفُ إنَّمَا يَبْتَنِي حُكْمُهَا عَلَى الْعُرْفِ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الْمُشْرِفِ وَأَمَّا بَيَانُ مَا لَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَهُ الْمَشْرُوطُ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا تَعْيِينِ الْقَاضِي فَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ أَوَّلًا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ نَصَبَ قَيِّمًا مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَجْرًا فَسَعَى فِيهِ سَنَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ وَثَانِيًا أَنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ سَعْيِهِ سَوَاءٌ شَرَطَ لَهُ الْقَاضِي أَوْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَجْرًا أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِوَامَةَ ظَاهِرًا إلَّا بِأَجْرٍ وَالْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ قَالَ وَقَالُوا إذَا عَمِلَ الْقَيِّمُ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَالْوَقْفِ كَعَمَلِ الْأَجِيرِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ أَجْرَ الْقِوَامَةِ وَأَجْرَ الْعَمَلِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْقِوَامَةِ أَجْرًا اهـ.

وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ النَّاظِرُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى مَوَالِيهِ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ فَجَعَلَ الْقَاضِي لِلْوَقْفِ قَيِّمًا وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ فِي الْوَقْفِ وَلِلْوَقْفِ طَاحُونَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ بِالْمُقَاطَعَةِ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْقَيِّمِ وَأَصْحَابُ الْوَقْفِ يَقْبِضُونَ غَلَّتَهَا مِنْهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَيِّمُ عُشْرَ غَلَّتِهَا لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ وَلَا أُجْرَةَ بِدُونِ الْعَمَلِ. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَعْدَ نَقْلِهِ فَهَذَا عِنْدَنَا فِيمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ أَمَّا إذَا شَرَطَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى قَطْعِ الْمَعْلُومِ فِي زَمَنِ التَّعْمِيرِ وَأَمَّا عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَمَلِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ نَاظِرٍ وَنَاظِرٍ وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِقَوْلِ قَاضِي خَانْ وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لِلْمُتَوَلِّي عُشْرَ الْغَلَّاتِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ عُزِلَ الْقَاضِي فَادَّعَى الْقَيِّمُ أَنَّهُ قَدْ أَجْرَى لَهُ كَذَا مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً وَصَدَّقَهُ الْمَعْزُولُ فِيهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ إنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ دُونَهُ يُعْطِيهِ الثَّانِي وَإِلَّا يَحُطُّ الزِّيَادَةَ وَيُعْطِيهِ الْبَاقِيَ. اهـ.

فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يَحُطُّ مَا زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ فَأَفَادَ عَدَمَ صِحَّةِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي لِلنَّاظِرِ مَعْلُومًا أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ قُلْتُ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ هِلَالِيًّا وَقَدْ أَحَالَ النَّاظِرُ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ السُّكَّانِ هَلْ يَسْتَحِقُّ النَّاظِرُ مَعْلُومًا قُلْتُ: لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومًا لِأَجْلِ الْهِلَالِيِّ لِعَدَمِ عَمَلِهِ فِيهِ إلَّا لِأَجْلِ التَّعْمِيرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ وَلِلْقَيِّمِ التَّوْكِيلُ وَعَزْلُ وَكِيلِهِ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْوَكِيلِ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْئًا وَلَهُ قَطْعُهُ عَنْهُ.

وَلَوْ شَرَطَ

ــ

[منحة الخالق]

خَصْمٌ فِي ذَلِكَ فَمَا هُنَا مُقَيَّدٌ بِالْجَابِي الْمَنْصُوبِ مِنْ جَانِبِ الْوَاقِفِ مَعَ النَّاظِرِ كَمَا إذَا شَرَطَ نَاظِرًا وَجَابِيًا فَلَيْسَ لِلْجَابِي الدَّعْوَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَفِي كَلَامِ هَذَا الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيَانُ مَا لَهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا إذَا جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ فَيَأْخُذُهُ عَلَى أَنَّهُ أُجْرَةٌ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا كَتَبْنَا فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ وَالْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ أَوَّلًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا (قَوْلُهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْقِوَامَةِ أَجْرًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا شُرِطَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ مَعْهُودًا تَوْفِيقًا (قَوْلُهُ وَجَعَلَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى قَطْعِ الْمَعْلُومِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الْمُتَعَيِّنُ خِلَافُ هَذَا الظَّاهِرِ إذْ لَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ لَفَسَدَ الْمَعْنَى إذْ يَرْجِعُ وَالْحَالُ هَذِهِ إلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ إذَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ لَا فِي غَيْرِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ تَأَمَّلْ وَأَقُولُ: أَيْضًا كَيْفَ يُقَالُ هَذَا وَقَدْ قَدَّمَ أَوَّلًا قَوْلَهُ فِيهِ وَلَا تُؤَخَّرُ الْعِمَارَةُ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا وَتُقْطَعُ الْجِهَاتُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا لَهَا إنْ لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ خِيفَ قُدِّمَ.

وَأَمَّا النَّاظِرُ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ مِنْ الْوَاقِفِ فَهُوَ كَأَحَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ فَإِذَا قَطَعُوا لِلْعِمَارَةِ قَطَعَ إلَّا أَنْ يَعْمَلَ فَيَأْخُذَ قَدْرَ أُجْرَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا. اهـ.

ثُمَّ نَقَلَ مَسْأَلَةَ الطَّاحُونِ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ ثُمَّ أَعْقَبَهَا بِقَوْلِهِ فَهَذَا عِنْدَنَا فِيمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ إلَخْ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَقْطَعُ فِي زَمَنِ التَّعْمِيرِ مُطْلَقًا اشْتَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا أَنْ يَعْمَلَ فَيَأْخُذَ قَدْرَ أُجْرَتِهِ وَلَا تَعَرُّضَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونِ لِلتَّعْمِيرِ فَعَوْدُهُ لِذَلِكَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ بَلْ الْمُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ نَاظِرٍ وَنَاظِرٍ فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ إنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِنَا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْوَاقِفُ وَعَيَّنَ لَهُ الْقَاضِي أُجْرَةَ مِثْلِهِ جَازَ وَإِنْ عَيَّنَ أَكْثَرَ يُمْنَعُ عَنْهُ الزَّائِدُ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.

هَذَا إنْ عَمِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَبِمِثْلِهِ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَإِنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ شَيْئًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَعْهُودُ أَنْ لَا يَعْمَلَ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ كَالْمَشْرُوطِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَيْهِ الْمَصِيرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلِمَاتِهِمْ وَقَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْحُكْم الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونِ وَقَوْلُهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَيْ فَيَسْتَحِقُّ الرِّيعَ بِالشَّرْطِ لَا بِالْعَمَلِ كَاسْتِحْقَاقِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ بِالشَّرْطِ لَا بِالْعَمَلِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي فَهْمِ عِبَارَتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>