للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَصِفْ، وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ أَوْ أَكْثَرُ لَا يَجُوزُ وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ لَا بُدَّ أَنْ يُضِيفَهُ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُ عَبْدِي مِنْك أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُ سَالِمًا وَاسْمُهُ سَالِمٌ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ بِعْت عَبْدًا لِي فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَوْ بَاعَهُ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ الْبَعْضُ بَطَلَ فِي الْمَعْدُومِ وَفَسَدَ فِي الْمَوْجُودِ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعَيْنِ أَوْ مِنْ نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْبَيْعَ إلَى تِلْكَ الْحِنْطَةِ لَكِنْ قَالَ بِعْت مِنْك كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِمَكَانِهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا. اهـ.

وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ يُضِفْهَا إلَى نَفْسِهِ جَازَ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعَيْنِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَعْدَ هَذَا الْفَرْعِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْبَيْعِ لَا مَكَانُ الْمَبِيعِ.

وَفَرَّعَ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى جَهَالَةِ الْمَبِيعِ الْمُفْسِدَةِ مَا لَوْ قَالَ بِعْت مِنْك جَمِيعَ مَا لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَجْهُولٌ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ إذَا بَاعَ مَا فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَلَجَازَ إذَا بَاعَ مَا فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك جَمِيعَ مَا لِي فِي هَذَا الْبَيْتِ بِكَذَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْبَيْتِ يَسِيرَةٌ وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الدَّارِ وَغَيْرِهَا كَثِيرَةٌ فَإِذَا جَازَ فِي الْبَيْتِ جَازَ فِي الصُّنْدُوقِ وَالْجَوَالِقِ اهـ.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ فِي الْمَبِيعِ لَا تَمْنَعُ وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ عِنْدِي جَارِيَةٌ بَيْضَاءُ بِعْتهَا مِنْك بِكَذَا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْعًا إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْمَوْضِعَ أَوْ غَيْرَهُ فَيَقُولُ أَبِيعُك جَارِيَةً فِي هَذَا الْبَيْتِ أَوْ يَقُولُ جَارِيَةً اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ الْبَيْع، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا قَالَ بِعْتُك جَارِيَةً جَازَ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا جَارِيَةٌ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ جَارِيَتَانِ فَسَدَ الْبَيْعُ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إذَا أَضَافَ الْجَارِيَةَ إلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ بِعْتُك جَارِيَتِي صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ اهـ.

وَفِيهَا رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ السِّقَاءِ كَذَا، وَكَذَا قِرْبَةً مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَتْ الْقِرْبَةُ بِعْنِيهَا جَازَ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ، وَكَذَا الرَّاوِيَةُ وَالْجَرَّةُ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا وَهُوَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ فَيُقَالُ الْجَهَالَةُ لَا تَضُرُّ إذَا جَرَى الْعُرْفُ فِيهَا كَمَا لَا تَضُرُّ إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً.

وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَاعَ مِنْ شَرِيكَيْهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَاعَ مِنْهُمَا جَازَ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا بَاعَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ شَجَرَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ أَرْضٍ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ قَدْ بَلَغَتْ أَوْ إنْ قَطَعَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَضَرَّرُ بِالْقِسْمَةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَضَرَّرُ بِالْقِسْمَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ رَجُلٍ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ اهـ.

وَفِي الْمَجْمَعِ، وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ فَعِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ شَرْطٌ وَيُجِيزُهُ مُطْلَقًا وَشُرِطَ عِلْمُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ اهـ.

وَفِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْت مِنْك مَا لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ الْمَتَاعِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا جَازَ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك مَا تَجِدُ لِي فِي هَذَا الْبَيْتِ أَوْ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ أَوْ فِي هَذِهِ الْجَوَالِقِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا وَالْجَهَالَةُ يَسِيرَةٌ جَازَ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي وَالْهِبَةُ فِي هَذَا كَالْبَيْعِ لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْهَا لَوْ قَالَ وَهَبْت نَصِيبِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ مِنْك وَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَعْلَمُ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَجْهُولٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ فِي الْمَبِيعِ لَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ بِخِلَافِ الْفَاحِشَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ مُفْسِدَةٌ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الْمَاء لَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَعِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ شَرْطٌ) أَتَى بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ إشَارَةً إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُخَالِفًا لِصَاحِبَيْهِ وَبِقَوْلِهِ وَيُجِيزُهُ بِالْمُضَارِعِ الْمُسْتَتِرِ فَاعِلُهُ إشَارَةً إلَى قَوْلِ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلطَّرَفَيْنِ وَبِقَوْلِهِ وَشَرَطَ بِالْمَاضِي الْمُسْتَتِرِ فَاعِلُهُ إلَى قَوْلِ الثَّالِثِ مُخَالِفًا لِشَيْخَيْهِ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْمَجْمَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>