للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاقِي بَيْنَهُمَا، وَلَوْ ضَاعَ قَدْرُ الثَّمَنِ دُونَ الزَّائِدِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الزَّائِدِ بِحِسَابِهِ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَلْفَ فِي كُمِّهِ وَدَفَعَ الْمِائَتَيْنِ إلَى غُلَامِهِ فَسَرَقَ الْكُلَّ لَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ كِيسًا عَلَى أَنَّ فِيهِ الثَّمَنَ دَرَاهِمَ فَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَإِذَا فِيهِ دَنَانِيرُ فَحَمَلَهَا لِيَرُدَّهَا فَضَاعَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ فِي الْكُلِّ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ شَرَى الدَّجَاجَةَ بِالْبَيْضَاتِ اشْتَرَى دَجَاجَةً بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بَاضَتْ خَمْسًا، فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِعَيْنِهَا، وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ الَّتِي بَاضَتْهَا عِنْدَهُ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَاتِ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّصَدُّقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى دَجَاجَةً وَخَمْسَ بَيْضَاتٍ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَهْلَكَ الْبَيْضَاتِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِ بَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ عَشْرَ بَيْضَاتٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَةِ الدَّجَاجَةِ وَعَلَى خَمْسِ بَيْضَاتٍ اسْتَهْلَكَهَا الْبَائِعُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ عَشْرَ بَيْضَاتٍ يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا فَمَا أَصَابَ خَمْسَ بَيْضَاتٍ سَقَطَ وَمَا أَصَابَ الدَّجَاجَةَ وَهُوَ الثَّلَاثُ وَالثُّلُثُ لَزِمَ، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ الَّتِي بَاضَتْ عِنْدَهُ يَتَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى دَجَاجَةً وَخَمْسَ بَيْضَاتٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَا يَجُوزُ فَكَذَا هُنَا، فَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْبَائِعُ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا اهـ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ اشْتَرَى شَيْئًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَكَسَرَهَا الْبَائِعُ فَوَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً فَرَدَّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ إنْسَانٌ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ فَكَسَرَهُ بَاعَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَأَرَاهَا الْبَائِعُ رَجُلًا فَانْتَقَدَهَا فَوَجَدَهَا قَلِيلَ نَبَهْرَجَةٍ فَاسْتَبْدَلَ فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ فِي شِرَاءِ الْحَوَائِجِ فَلَمْ يَأْخُذْهَا أَحَدٌ، وَقَالُوا كُلُّهَا نَبَهْرَجَةٌ إنْ كَانَ أَقَرَّ لِلْبَائِعِ أَنَّهَا جِيَادٌ لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَنَاقِضٍ اهـ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

(قَوْلُهُ وَصَحَّ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَبِأَجَلٍ مَعْلُومٍ) أَيْ الْبَيْعُ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إنَّ الْحُلُولَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُوجِبُهُ وَالْأَجَلُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ اهـ.

قُيِّدَ بِعِلْمِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ فَالْبَائِعُ يُطَالِبُهُ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ وَالْمُشْتَرِي يَأْبَاهَا فَيَفْسُدُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ لَوْ بَاعَ مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَقُلْ إلَى رَمَضَانَ لَا يَكُونُ مُؤَبَّدًا بَلْ يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ بَعْضٍ وَيُفْتِي بِأَنْ يَتَأَجَّلَ إلَى شَهْرٍ اهـ.

كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ فِي السَّلَمِ وَالْيَمِينِ لَيَقْضِيَن دَيْنَهُ أَجَلًا وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَاعَ، ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى الْحَصَادِ فَسَدَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَنْفِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّعْوَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَيَّدْنَا بِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ لَا يَجُوزُ وَيُفْسِدُهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ السَّلَمُ مَعَ أَنَّهُ دَيْنٌ لِمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي بَابِهِ مِنْ أَنَّ مِنْ شَرَائِطِهِ الْأَجَلُ كَمَا لَا يُرَدُّ مَا بِيعَ بِجِنْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مُؤَجَّلًا لِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الرِّبَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمِنْ جَهَالَةِ الْأَجَلِ مَا إذَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الثَّمَنَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ آجِلًا) بَدَلٌ مِنْ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَاعَهُ، ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا بَيْعًا جَائِزًا وَأَخَّرَ الثَّمَنَ إلَى الْحَصَادِ أَوْ الدِّيَاسِ قَالَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَصِحُّ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ بَعْدَ الْبَيْعِ تَبَرُّعٌ فَيُقْبَلُ التَّأْجِيلُ إلَى الْوَقْتِ الْمَجْهُولِ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِمَالٍ إلَى الْحَصَادِ أَوْ الدِّيَاسِ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا يُشْكَلُ بِمَا إذَا أَقْرَضَ رَجُلًا وَشَرَطَ فِي الْقَرْضِ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ، وَلَوْ أَقْرَضَ، ثُمَّ أَخَّرَ لَا يَصِحُّ أَيْضًا فَكَانَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ مَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَجَّلَهُ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فِي الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ.

قُلْتُ: سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ السِّرَاجِ فِي هَذِهِ الْمَقُولَةِ أَنَّ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ الدَّيْنِ الْمَجْهُولِ بِنَوْعَيْهِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِلتَّأْجِيلِ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ لِلتَّأْجِيلِ نَفْسِهِ لَا لِلْعَقْدِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَنْ بَاعَ بِثَمَنٍ حَالٍّ، ثُمَّ أَجَّلَهُ أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا مُتَقَارِبًا كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالنَّيْرُوزِ وَنَحْوِهَا صَارَ مُؤَجَّلًا اهـ.

وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي كَلَامِ السِّرَاجِ فَتَأَمَّلْهُ وَفِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُ ثَمَنِ دَيْنٍ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِهِمْ وَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ حَتَّى لَوْ كَانَ كِلَاهُمَا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ أَيْ الْعَاقِدَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ وَالْأَجَلُ، وَكَذَا لَوْ شَرَعَ النَّصْرَانِيُّ فِي الصَّوْمِ فَأَجَّلَ إلَى الْفِطْرِ، وَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَحَّ الْبَيْعُ فَقَطْ اهـ.

وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْخَانِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>