للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَنْ يَرُدَّ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيَاضَ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الثَّانِي حَدَثَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيُوجِبُ الرَّدَّ وَفِي الثَّانِيَةِ الْبَيَاضُ الثَّانِي حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُوجِبُ الرَّدَّ اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنْ لَا إشْكَالَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُشَاوَرَةِ نَعَمْ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ امْتِنَاعِ الرَّدِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُشْكِلٌ.

(قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ إلَّا الَّذِي لَا يُمَيِّزُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ فَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لَيْسَتْ عَيْبًا وَفَسَّرَ فِي الْمِعْرَاجِ الْمُمَيِّزَ هُنَا بِأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِخَمْسِ سِنِينَ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ أَيْضًا وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّرِقَةِ عِنْدَهُمَا فِي الصِّغَرِ أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ سَرَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ بُلُوغِهِ لَا يَرُدُّهُ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ لِأَنَّ فِي الصِّغَرِ لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَفِي الْكِبَرِ لِخُبْثٍ فِي الْبَاطِنِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ لَا تُقْطَعَ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى عَبْدًا فَسَرَقَ عِنْدَهُ وَقَدْ كَانَ سَرَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ بِالسَّرِقَتَيْنِ يَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْيَدَ قُطِعَتْ بِالسَّرِقَتَيْنِ جَمِيعًا. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْمُحَاضِرِ أَنَّ الطَّرَّارَ وَالنَّبَّاشَ وَقَاطِعَ الطَّرِيقِ كَالسَّارِقِ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا زَنَى فَحَدٌّ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَيْبًا أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْمَوْلَى طَعَامًا لِيَأْكُلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَهُ لِيَبِيعَهُ أَوْ سَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى لِيَأْكُلَهُ فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِمَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا سَرَقَ طَعَامًا لَا لِلْأَكْلِ بَلْ لِيَبِيعَهُ وَنَحْوَهُ فَعَيْبٌ مُطْلَقًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِهْدَاءَ كَالْبَيْعِ الثَّانِيَةُ مَا إذَا سَرَقَ فَلْسًا أَوْ فَلْسَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهَا قُوَيْلَةٌ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا نَقَّبَ الْبَيْتَ وَلَمْ يَخْتَلِسْ فَهُوَ عَيْبٌ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ سَرَقَ بَصَلًا أَوْ بِطِّيخًا مِنْ الْغَالِّينَ أَوْ فَلْسًا كَمَا تَسْرِقُ التَّلَامِذَةَ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا وَلَوْ سَرَقَ بِطِّيخًا مِنْ فَالِيزِ الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ عَيْبٌ هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ سَرَقَ لِلْإِدْخَارِ فَهُوَ عَيْبٌ مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْجُنُونُ) لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الْحَالَةُ أَوْ لَا فَلَوْ جُنَّ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي صِغَرِهِ أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَهُوَ عَيْبٌ لِكَوْنِهِ عَيْنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ عَنْ فَسَادٍ فِي الْبَاطِنِ وَلَا يَخْتَلِفُ سَبَبُهُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كَمَا فِي الْعُيُوبِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَيْبٌ أَبَدًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْعَوْدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهِ وَإِنْ كَانَ قَلَّ مَا يَزُولُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَلَكِنْ مَيْلُ الْحَلْوَانِيِّ وخواهر زاده إلَى ظَاهِرِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَوْدِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِلْحَدِيثِ «مَنْ جُنَّ سَاعَةً لَمْ يُفِقْ أَبَدًا» وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ ظَاهِرُ الْجَوَابِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمُعَاوَدَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ تُشْتَرَطُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ تُشْتَرَطُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشَايِخَ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ كَالْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ وَاتِّحَادِ السَّبَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ الْبَلْخِيّ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي الْمُعِينِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ نَظَرًا إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنَّ الْجُنُونَ عَيْبٌ لَازِمٌ أَبَدًا فَإِذَا جُنَّ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَفَى لِلرَّدِّ وَاخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْحَلْوَانِيِّ وخواهر زاده كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَوْدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ السَّبَبُ وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَقَاضِي خَانْ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَصَحَّحُوهُ وَحَكَمُوا بِغَلَطِ مَا عَدَاهُ وَفِي التَّلْوِيحِ الْجُنُونُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنْ لَا إشْكَالَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُشَاوَرَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي تَأَمُّلٍ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ فَتْحِ الْقَدِيرِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حَالَ الشِّرَاءِ ثُمَّ زَالَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عَادَ عِنْدَهُ أَيْضًا وَمَسْأَلَةُ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حَالَ الشِّرَاءِ ثُمَّ زَالَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عَادَ عِنْدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ لَهُ الرَّدُّ بَلْ شُبْهَةٌ سَوَاءٌ جَعَلَ الثَّانِيَ عَيْنَ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْبَيْعِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَذِهِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ فَتَأَمَّلْهُ.

كَذَا وَجَدَ بِخَطِّ بَعْضِهِمْ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقُولُ: لَمْ يَدَّعِ الشَّارِحُ أَنَّ مَسْأَلَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>