للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّدُّ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ مِنْ ابْنِ الْهُمَامِ خَبْطٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ رَدَّ عَلَى الشَّارِحِينَ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ فِي اشْتِرَاطِهِمْ أَنْ يَكُونَ الِانْقِطَاعُ عَنْ دَاءٍ أَوْ حَبَلٍ وَزَعَمَ أَنَّ فَقِيهَ النَّفْسِ قَاضِي خَانْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ قَاضِي خَانْ فِي الْفَتَاوَى صَرَّحَ بِهِ أَوَّلًا فَقَالَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّهَا لَا تَحِيضُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ يُرِيهَا الْقَاضِي النِّسَاءَ إنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ وَفِي مَعْرِفَةِ دَاءٍ فِي بَاطِنِهَا يَرْجِعُ إلَى الْأَطِبَّاءِ إلَى آخِرِهِ فَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِيمَا نَقَلُوهُ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لَكِنْ وَقَعَ لَهُ عِبَارَةٌ أُخْرَى فِي الْفَتَاوَى بَعْدَ هَذِهِ بِصَفْحَةٍ.

قَالَ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَلَمْ تَحِضْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ عَيْبٌ وَأَدْنَاهُ شَهْرٌ وَاحِدٌ وَإِذَا ارْتَفَعَ هَذَا الْقَدْرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ إذَا أَثْبَتَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ اهـ.

فَالْعِبَارَتَانِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ لَكِنَّ الْأُولَى لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي وَالثَّانِيَةَ لِتَحْقِيقِ الْعَيْبِ فِي نَفْسِهِ لَا لِبَيَانِ سَبَبِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا الثَّانِي فِي نَقْلِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ سَنَتَانِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرٌ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مُحْتَجًّا بِالْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ لِقَاضِي خَانْ وَلَا اعْتِبَارَ بِهَا مَعَ صَرِيحِ النَّقْلِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى فَنِسْبَتُهُ لَهُمْ إلَى الْغَلَطِ غَلَطٌ فَاحِشٌ مِنْهُ فَالْمُعْتَمَدُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُونَ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالدِّرَايَةِ وَالْبِنَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ارْتِفَاعُهُ بِدُونِ أَحَدِ هَذَيْنِ لَا يُعَدُّ عَيْبًا وَنُقِلَ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ قَدَّرَ الْمُدَّةَ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَسُفْيَانُ بِحَوْلَيْنِ.

وَفِي التُّحْفَةِ قَدَّرَهُ بِشَهْرَيْنِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَهِيَ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَمَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ وَالْمَرْجِعُ فِي الْحَبَلِ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ وَفِي الدَّاءِ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ لِأَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ قَوْلِ الْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ انْقِطَاعِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ لِتَحْقِيقِ الْعَيْبِ فِي نَفْسِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهَا لِمُجَرَّدِ بَيَانِ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ عَيْبٌ يَثْبُتُ لَهُ بِهِ الرَّدُّ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا تُنَافِي اشْتِرَاطَ بَيَانِ السَّبَبِ فِي ثُبُوتِ الرَّدِّ لَهُ وَسَمَاعِ دَعْوَاهُ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى الْأُولَى لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ وَرَأَيْت فِي الْمُحِيطِ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذِكْرِ السَّبَبِ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ.

قُلْتُ: وَفِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الرَّئِيسُ قَاسِمُ بْنُ قُطْلُوبُغَا فِي شَرْحِهِ لِلنُّقَايَةِ.

قَالَ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَلَمْ تَحِضْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ هَذَا ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ وَهُوَ عَيْبٌ وَأَدْنَاهُ شَهْرٌ وَاحِدٌ إذَا ارْتَفَعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَهَذَا أَوْجَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ عَنْ ابْنِ الْفَضْلِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا إلَخْ وَقَالَ فِي مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ وَكَذَا عَدَمُ حَيْضِ بِنْتِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا أَقَلَّ وَيَعْرِفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ فَتُرَدُّ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمَةُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهَا لِكَوْنِهَا مُتَّهَمَةً وَإِنْ كَانَ فِي دَاخِلِ فَرْجِهَا فَلَا طَرِيقَ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِ أَصْلًا فَكَانَ الطَّرِيقُ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ هُوَ اسْتِحْلَافُ الْبَائِعِ بِاَللَّهِ لَيْسَ بِهِ هَذَا الْعَيْبُ لِلْحَالِ اهـ.

(قَوْلُهُ الثَّانِي فِي نَقْلِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي انْقِطَاعَ حَيْضِهَا وَأَرَادَ رَدَّهَا بِهَذَا السَّبَبِ لَا يُوجَدُ لِهَذَا رِوَايَةٌ فِي الْمَشَاهِيرِ ثُمَّ قَالَ وَبَعْدَ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَالْكَثِيرَةِ قَالُوا وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا انْقَطَعَ الْحَيْضُ وَفِيهَا الرِّوَايَةُ مُخْتَلِفَةً فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَدَّرَ الْكَثِيرَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ سَنَتَانِ إلَخْ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ بِشَهْرٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوِّلَ عَلَيْهِ وَمَا تَقَدَّمَ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ فِي اسْتِبْرَاءِ مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ وَالرِّوَايَةُ هُنَاكَ تَسْتَدْعِي ذَلِكَ الِاعْتِبَارَ فَإِنَّ الْوَطْءَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا إلَى الْحَيْضَةِ لِاحْتِمَالِ الْحَبَلِ فَيَكُونُ سَاقِيًا مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ فَقَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ بِسَنَتَيْنِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمَلِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالْحُكْمُ هُنَا لَيْسَ إلَّا كَوْنُ الِامْتِدَادِ عَيْبًا فَلَا يُتَّجَهُ إنَاطَتُهُ بِسَنَتَيْنِ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْمُدَدِ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَيْبًا كَوْنُهُ يُؤَدِّي إلَى الدَّاءِ وَطَرِيقًا إلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِمَّا ذَكَرَ اهـ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُ كَلَامِهِ مُنَازَعَةُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فِي قِيَاسِ الْمُدَّةِ لِثُبُوتِ الْعَيْبِ عَلَى مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِإِبْدَاءِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ لَا رِوَايَةَ لَهَا فِي الْمَشَاهِيرِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَقْدِيرِ هَذِهِ الْمُدَّةِ اُحْتِيجَ إلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُحَقِّقُ ابْنِ الْهُمَامِ مِنْ رِجَالِ هَذِهِ الْكَتِيبَةِ وَبِمَا قَرَرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ النَّقْلُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا النَّقْلُ عَنْهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَكَيْفَ يُسَوَّغُ لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>