للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْبًا فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبَ بَعْدَمَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ رَدَّهُ الْمَوْلَى وَيَتَوَلَّاهُ الْمُكَاتَبُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْلَى أَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ رَدَّهُ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ كَالْوَكِيلِ إذَا مَاتَ فَإِنْ أَبْرَأَهُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْعَجْزِ لَا يَرُدُّهُ الْمَوْلَى وَإِنْ أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ جَازَ وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أُمَّ وَلَدِهِ وَمَعَهَا وَلَدُهَا لَا يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُكَاتَبُ جَازَ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ عَبْدًا لَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يُخَاصِمُ الْبَائِعَ اهـ.

وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لِيَتَنَاوَلَ هَلَاكَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَكَانَ أَوْلَى وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى جِدَارًا مَائِلًا فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَهَبَ بِهِ إلَى بَائِعِهِ لِيَرُدَّهُ بِعَيْبِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِنَقْصِهِ وَقَدَّمْنَا حُكْمَ مَا إذَا قُضِيَ بِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبِهِ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ لَيْسَ كَإِعْتَاقِهِ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَمَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ وَلَيْسَ الْإِعْتَاقُ كَاسْتِهْلَاكِهِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْأَكْلِ عِنْدَهُمَا وَقِيلَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ بِنَقْصِهِ أَيْضًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ بِهِ فَهُوَ كَبَيْعِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ شَرَى بَعِيرًا فَلَمَّا أَدْخَلَهُ فِي دَارِهِ سَقَطَ فَذَبَحَهُ رَجُلٌ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَظَهَرَ عَيْبُهُ يَرْجِعُ بِنَقْصِهِ عِنْدَهُمَا وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ كَمَا لَوْ أَكَلَ طَعَامًا وَلَوْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَ الذَّبْحِ فَذَبَحَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ اهـ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَكْلِ فَكَذَا هُنَا وَفِيهِ وَلَوْ اشْتَرَى بُرًّا عَلَى أَنَّهُ رَبِيعِيٌّ فَزَرَعَهُ فَإِذَا هُوَ خَرِيفِيٌّ اخْتَارَ الْمَشَايِخُ أَنَّهُ يَرْجِعَ بِنَقْصِ الْعَيْبِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى طَعَامًا فَأَكَلَهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَوْ اشْتَرَى بِزْرًا عَلَى أَنَّهُ بِزْرَ بِطِّيخٍ كَذَا فَزَرَعَهُ فَظَهَرَ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى جَازَ الْبَيْعُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بِطِّيخٌ وَاخْتِلَافُ الصِّفَةِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَلَا يَرْجِعُ بِنَقْصِ الْعَيْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ شَرَى عَلَى أَنَّهُ بِزْرَ بِطِّيخٍ شَتْوِيٍّ فَزَرَعَهُ فَإِذَا هُوَ صَيْفِيٌّ بَطَلَ الْبَيْعُ فَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْبِزْرِ وَلَوْ شَرَى بِزْرَ الدَّوِينَ فَزَرَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِكُلِّ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ لِنُقْصَانٍ فِيهِ وَكَذَا لَوْ شَرَى بِزْرَ الْبِطِّيخِ فَزَرَعَهُ فَنَبَتَ الْقِثَّاءُ أَوْ شَرَى بِزْرَ الْقِثَّاءِ فَوَجَدَهُ بِزْرَ الْقِثَّاءِ الْبَلْخِيّ بَطَلَ الْبَيْعُ جُمْلَة شَرَى حَبَّ الْقُطْنِ فَزَرَعَهُ وَلَمْ يَنْبُتْ قِيلَ يَرْجِعُ بِنَقْصِ عَيْبِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ أَهْلَك الْمَبِيعَ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ بَاعَ مِنْهُ دَخَنًا لِلْبَذْرِ وَقَالَ ازْرَعْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ فَأَنَا ضَامِنٌ لِهَذَا الْبَذْرِ فَزُرِعَ فَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ اهـ.

وَأَشَارَ بِالْإِعْتَاقِ إلَى الْوَقْفِ فَإِذَا وَقَفَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِالنَّقْصِ وَفِي جَعْلِهَا مَسْجِدًا اخْتِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ الرُّجُوعُ بِالنَّقْصِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ سَلِمَ لَهُ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ قَتَلَهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ حَبَسَ مَا هُوَ بَدَلُهُ وَحَبْسُ الْبَدَلِ كَحَبْسِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْكِتَابَةَ بِمَعْنَاهُ فَلَا رُجُوعَ وَأَمَّا قَتْلُهُ وَأَكْلُ الطَّعَامِ فَالْمُرَادُ إتْلَافُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُوجَدُ إلَّا مَضْمُونًا وَإِنَّمَا يَسْقُطُ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا ضَمِنَهُ السَّيِّدُ كَذَا فِي الْكَافِي فَصَارَ كَالْمُسْتَفِيدِ بِهِ عِوَضًا بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَقَتْلُ غَيْرِهِ مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِنَقْصِهِ أَيْضًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ بِهِ فَهُوَ كَبَيْعِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَمَّا الْأَكْلُ فَالْمَذْكُورُ قَوْلُهُ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَرْجِعُ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ لَهُمَا أَنَّهُ صَنَعَ بِالْمَبِيعِ مَا يَقْصِدُ بِشِرَائِهِ وَيَعْتَادُ فِعْلَهُ لَهُ فَأَشْبَهَ الْإِعْتَاقَ وَلَهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْهُ فِي الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَالْقَتْلَ وَلَا يُعْتَبَرُ بِكَوْنِهِ مَقْصُودًا أَلَا تَرَى

ــ

[منحة الخالق]

اشْتِرَاطِ أَدَاءِ الْبَدَلِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ قَالَ الشَّارِحُ وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ خُلْفٌ عَنْ الرَّدِّ فَلَا يُصَارُ إلَى الْخُلْفِ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا رَجَعَ رَدَّهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ تَقْيِيدِ الْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ بَدَلِهَا لِيَصِيرَ كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ إذْ لَوْ صَحَّ هَذَا لَمَا تَصَوَّرَ عَجْزَهُ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَرْجِعُ اسْتِحْسَانًا) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

أَقُولُ: مَا هُنَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>