للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْمِ الشَّمْسِ الْجَارِيَةِ فِي وَقْفِ الْحَالِيِّ الْيُوسُفِيِّ أَيَجُوزُ إجَارَتُهَا مِنْ النَّاظِرِ لِمَنْ يَصْطَادُ السَّمَكَ مِنَّا فَفَتَّشْتُ مَا عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ فَلَمْ أَرَهَا إلَّا فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ كَتَبْتُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بُحَيْرَةٍ يَجْتَمِعُ فِيهَا السَّمَكُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا فَكَتَبَ أَنْ افْعَلُوا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ طَلَبْتُ إلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنْ بَيْعِ صَيْدِ الْآجَامِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَسَمَّاهُ الْحَبْسَ اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْآجَامِ إلَّا إذَا كَانَ فِي أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَرْضُ الْوَقْفِ لَكِنْ بَعْدَ مُدَّةٍ رَأَيْتُ فِي الْإِيضَاحِ عَدَمَ جَوَازِ إجَارَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ قَبْلَ الْأَخْذِ فَيَكُونُ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ مَا أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ فَيَكُونُ فَاسِدًا، وَلَوْ أَسْلَمَهُ بَعْدَهُ لَا يَعُودُ إلَى الْجَوَازِ عِنْدَ مَشَايِخِ بَلْخٍ، وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ يَعُودُ، وَكَذَا عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا جَعَلَ الطَّيْرَ مَبِيعًا أَوْ ثَمَنًا، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَذْهَبُ، وَيَجِيءُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ بَاعَ طَيْرًا لَهُ يَطِيرُ إنْ كَانَ دَاجِنًا يَعُودُ إلَى بَيْتِهِ، وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ بِلَا تَكَلُّفٍ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْحَمَامُ إذَا عَلِمَ عَوْدَهَا، وَأَمْكَنَ تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا لِأَنَّهَا مَقْدُورَةُ التَّسْلِيمِ يُوَافِقُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى، وَفِي الْمِعْرَاجِ بَاعَ فَرَسًا فِي حَظِيرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتَهُ إلَيْك فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي فَذَهَبَ الْفَرَسُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْنٍ كَانَ تَسْلِيمًا، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ. اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ الطَّيْرُ جَمْعُ طَائِرٍ، وَقَدْ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْجَمْعُ طُيُورٌ وَأَطْيَارٌ، وَالطَّيَرَانُ مُحَرَّكَةٌ حَرَكَةُ ذِي الْجَنَاحِ فِي الْهَوَاءِ بِجَنَاحِهِ اهـ.

وَالْأَكْثَرُ فِيهَا التَّأْنِيثُ، وَقَدْ تُذَكَّرُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَالْهَوَاءُ مَمْدُودًا الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْجَمْعُ أَهْوِيَةٌ، وَالْهَوَاءُ أَيْضًا الشَّيْءُ الْخَالِي، وَالْهَوَى مَقْصُورًا مَيْلُ النَّفْسِ وَانْحِرَافُهَا نَحْوَ الشَّيْءِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي مَيْلٍ مَذْمُومٍ يُقَالُ اتَّبَعَ هَوَاهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ.

(قَوْلُهُ وَالْحَمْلِ وَالنِّتَاجِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا، وَالْحَمْلُ بِسُكُونِ الْمِيمِ الْجَنِينُ، وَالنِّتَاجُ حَمْلُ الْحَبَلَةِ، وَالْبَيْعُ فِيهِمَا بَاطِلٌ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَبَلِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَهْيٌ عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ الْمَضَامِينُ جَمْعُ مَضْمُونَةٍ مَا فِي أَصْلَابِ الْإِبِلِ، وَالْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مَلْقُوحٍ مَا فِي بُطُونِهَا، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ وَلَدُ وَلَدِ النَّاقَةِ، وَفِي الْبِنَايَةِ الْحَبَلُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ يُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ، وَيُرَادُ بِهِ الِاسْمُ كَمَا يُقَالُ لَهُ الْحَمْلُ أَيْضًا، وَأَمَّا دُخُولُ تَاءِ التَّأْنِيثِ فِي الْحَبَلَةِ فَإِنَّمَا هِيَ لِلْإِشْعَارِ بِالْأُنُوثَةِ، وَقِيلَ إنَّهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي سُخْرَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ حَابِلَةٍ فَفِي الْمُحْكَمِ امْرَأَةٌ حَابِلَةٌ مِنْ نِسْوَةٍ حَبَلَةٍ، وَرَوَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ حَمِلَتْ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَلَمْ يَثْبُتْ. اهـ.

وَفِي تَلْخِيصِ النِّهَايَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ نِتَاجُ النِّتَاجِ، وَهُوَ يَعُمُّ الدَّوَابَّ وَالنَّاسَ، وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ دُونَ الْأُمِّ، وَلَا الْأُمِّ دُونَهُ فَلَوْ بَاعَ الْحَمْلَ، وَوَلَدَتْ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ، وَإِنْ سَلَّمَ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ الْأُمِّ، وَلَا يَجُوزُ كِتَابَتُهُ، وَلَوْ قَبِلَتْ الْأُمُّ عَنْهُ، وَلَا الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ فَالتَّسْمِيَةُ بَاطِلَةٌ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَلَوْ صَالَحَ مَنْ قِصَاصٌ عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ، وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ، وَالتَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ إنْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَتَقَ، وَإِنْ كَانَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا، وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ

ــ

[منحة الخالق]

فَإِنَّهُ بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ الصَّيْدِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي آجَامٍ هُيِّئَتْ لِذَلِكَ، وَكَانَ السَّمَكُ فِيهَا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ فَتَأَمَّلْ وَاعْتَنِ بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَيَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَعَزَاهُ إلَى الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ دَاجِنًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ الدَّاجِنُ الْمُرَبَّى فِي الْبَيْتِ (قَوْلُهُ جَازَ بَيْعُهَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ عَادَةً كَالْوَاقِعِ، وَتَجْوِيزُ كَوْنِهَا لَا تَعُودُ أَوْ عُرُوضُ عَدَمِ عَوْدِهَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ كَتَجْوِيزِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ إذَا عَرَضَ الْهَلَاكُ انْفَسَخَ كَذَا هُنَا إذَا فُرِضَ وُقُوعُ عَدَمِ الْمُعْتَادِ مِنْ عَوْدِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ، وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَهُ، وَلِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْآبِقِ. اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدْرَةَ حَقِيقَةً فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَبِيعِ مَجْلِسَ الْعَقْدِ، وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدْرَةَ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا فَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ لِحُكْمِ الْعَادَةِ بِعَوْدِهِ. اهـ.

قُلْتُ:، وَهُوَ وَجِيهٌ فِي نَظَرِ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ وَقْتَ الْعَقْدِ حُكْمًا إذْ الظَّاهِرُ عَوْدُهُ، وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>