للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ.

(قَوْلُهُ أَوْ يُحَرِّرُ) أَيْ يَعْتِقُ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَتَوَابِعُ الْإِعْتَاقِ كَهُوَ مِنْ التَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ صَرَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِالِاسْتِيلَادِ فَقَالَ إذَا حَبِلَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، وَصَرَّحَ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ بِالْكِتَابَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالتَّدْبِيرِ، وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ زَالَ الْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ.

وَأَشَارَ بِالتَّحْرِيرِ إلَى الْوَقْفِ، وَلَكِنْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلَوْ وَقَفَهُ أَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مَا لَمْ يُبِنْ اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ كَالتَّحْرِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهِ أَمَّا إذَا قَضَى بِهِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْفَسَادُ لِلُزُومِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَبَعًا لِلْعِمَادِيِّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي أَحْكَامِ الْأَوْقَافِ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا وَوَقَفَهَا وَقْفًا صَحِيحًا، وَجَعَلَ آخِرَهَا لِلْمَسَاكِينِ فَقَالَ الْوَقْفُ فِيهَا جَائِزٌ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْبَائِعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا حِينَ وَقَفَهَا، وَأَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ اهـ.

وَهَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ غَيْرَ ذَلِكَ، وَفَاتَهُ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَيَمْنَعُ حَقَّ الرَّدِّ فَإِذَا فَكَّ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَادَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ، وَفَاتَهُ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ فَإِذَا وَصَّى بِهِ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ مَاتَ سَقَطَ الْفَسْخُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ انْتَقَلَ عَنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لِوَارِثِهِ الْفَسْخُ، وَلِلْبَائِعِ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالُوا كُلُّ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْفَسْخَ إلَّا الْإِجَارَةَ وَالنِّكَاحَ فَلَا يَمْنَعَانِهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ، وَرَفْعُ الْفَسَادِ مِنْ الْأَعْذَارِ، وَالنِّكَاحُ لَيْسَ فِيهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمِلْكِ، وَلَكِنْ إذَا رُدَّتْ الْجَارِيَةُ إلَى الْبَائِعِ، وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ هَلْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ، وَقَدْ عَقَدَهُ الْمُشْتَرِي، وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ. اهـ.

وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ لَوْ زَوَّجَ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَبْطُلُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَتَى انْتَقَضَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ

ــ

[منحة الخالق]

مِنْ غَيْرِهِ بَيْعًا صَحِيحًا فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَأْمُورًا بِهِ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلرَّدِّ قَدْ زَالَ بِبَيْعِهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ حُكْمُهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ انْعَدَمَ مِثْلُهُ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا هُنَا وُجُوبُ الرَّدِّ إنَّمَا كَانَ لِمُرَاعَاةِ مِلْكِهِمْ، وَلِغَدْرِ الْأَمَانِ، وَهَذَا الْمَعْنَى قَائِمٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فَلِهَذَا يُفْتِي بِالرَّدِّ كَمَا يُفْتِي بِهِ الْبَائِعُ اهـ. مُلَخَّصًا.

وَقَالَ بَعْدَهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالسِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ بَعْدَمَا أَفْتَى بِهِ، وَأَوْرَدَ بَيْعَهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَشْتَرُوا ذَلِكَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِلْكٌ خَبِيثٌ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا إذَا أَرَادَ بَيْعَ الْمُشْتَرَى بَعْدَ الْقَبْضِ يُكْرَهُ شِرَاؤُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَالِكًا نَفَذَ فِيهِ بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ لِأَنَّهُ مِلْكٌ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبٍ حَرَامٍ شَرْعًا اهـ.

وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمَّا وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا تَمَكَّنَ فِيهِ الْخُبْثُ فَلَمْ يَطِبْ لَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا فَلِذَا طَابَ لَهُ، وَإِنْ شِرَاؤُهُ مَكْرُوهًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالتَّدْبِيرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَأَقُولُ: قَدْ رَأَيْته، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ قَالَ فِي السِّرَاجِ مَا لَفْظُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ صَحَّ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ جَارِيَةً اسْتَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ، وَلَا يَغْرَمُ الْعُقْرَ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَرُدُّ الْعُقْرَ، وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَلَمْ تُعَلَّقْ مِنْهُ أَنَّهُ يَرُدُّ الْجَارِيَةَ، وَالْعُقْرَ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْفُصُولِ رِوَايَةٌ (قَوْلُهُ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ) يُوَافِقُهُ مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ فَإِذَا زَوَّجَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ فَاسِدًا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ فِي الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْنَعُ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الرَّقَبَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ مِلْكُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّ مَعَ الِاسْتِرْدَادِ النِّكَاحَ قَائِمٌ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا الْبَائِعُ نَعَمْ يَصِيرُ بِحَيْثُ لَهُ مَنْعُهَا، وَعَدَمُ تَبْوِئَتِهَا مَعَهُ بَيْتًا غَيْرَ أَنَّهُ إنْ ظَفِرَ بِهَا لَهُ وَطْؤُهَا. اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ التُّحْفَةِ، وَفِي التَّبْيِينِ، وَمِثْلِهِ فِي الْمُجْتَبَى حَيْثُ قَالَ إلَّا الْإِجَارَةَ وَتَزَوُّجَ الْجَارِيَةِ لَكِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِالِاسْتِرْدَادِ دُونَ النِّكَاحِ اهـ.

وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ، وَعَنْهُ أَيْضًا فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي، وَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْفَسَادِ، وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ مَعَ مَا نَقَصَهَا التَّزْوِيجُ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنْ النُّقْصَانِ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ نُقْصَانَ تَزْوِيجٍ، وَلَكِنْ ابْيَضَّتْ إحْدَى عَيْنَيْهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا نِصْفَ الْقِيمَةِ ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ، وَعَادَ إلَى الْحَالِ الْأُولَى فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرُدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا أَخَذَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَطَرِيقُهُ مَا قُلْنَا اهـ.

فَفِيهِ مَعَ إفَادَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَائِدَةٌ أُخْرَى فَهَذِهِ نُصُوصُ كُتُبِ الْمَذْهَبِ مُوَافِقَةٌ لِمَا قَالَهُ فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَوَّجَ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ أَعَمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>