أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا يَجِبُ، وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى سُقُوطِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَنْهَا.
الثَّالِثُ: يُحَرِّمُهَا.
الرَّابِعُ: يَمْنَعُ صِحَّتَهَا.
الْخَامِسُ: يُحَرِّمُ الصَّوْمَ.
السَّادِسُ - يَمْنَعُ صِحَّتَهُ. وَأَمَّا أَنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَهُ فَلَا لِمَا قَدَّمْنَا وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ.
السَّابِعُ: يُحَرِّمُ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلَهُ.
الثَّامِنُ: يُحَرِّمُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ.
التَّاسِعُ: يُحَرِّمُ دُخُولَ الْمَسْجِدِ.
الْعَاشِرُ: يُحَرِّمُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَيَمْنَعُ صِحَّتَهُ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: يُحَرِّمُ الِاعْتِكَافَ.
الثَّانِيَ عَشَرَ: يَمْنَعُ صِحَّتَهُ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: يُفْسِدُهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ: يُحَرِّمُ الطَّوَافَ مِنْ جِهَتَيْنِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَتَرْكِ الطَّهَارَةِ لَهُ. لَكِنْ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا فَانْدَفَعَ بِهِ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ طَوَافِهَا مُطْلَقًا.
الْخَامِسَ عَشَرَ: يَمْنَعُ وُجُوبَ طَوَافِ الصَّدْرِ.
السَّادِسَ عَشَرَ: يُحَرِّمُ الْوَطْءَ وَمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ.
السَّابِعَ عَشَرَ: يُحَرِّمُ الطَّلَاقَ.
الثَّامِنَ عَشَرَ: تَبْلُغُ بِهِ الصَّبِيَّةُ.
التَّاسِعَ عَشَرَ: يَتَعَلَّقُ بِهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ.
الْعِشْرُونَ: يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ.
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: يُوجِبُ الْغُسْلَ بِشَرْطِ الِانْقِطَاعِ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ.
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْفِطْرِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَحْوِهَا حَيْثُ تُقْطَعُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْإِمَامُ الدَّبُوسِيُّ فِي التَّقْوِيمِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالنِّفَاسِ إلَّا خَمْسَةً: وَهِيَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَالْحُكْمُ بِبُلُوغِهَا وَالْفَصْلُ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَعَدَمُ قَطْعِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ فَإِنَّ هَذِهِ مُخْتَصَّةٌ بِالْحَيْضِ فَظَهَرَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ مَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّ أَحْكَامَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ اثْنَا عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَأَرْبَعَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِالْحَيْضِ لَيْسَ بِجَامِعٍ.
ثُمَّ هَذِهِ الْأَحْكَامُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِبُرُوزِ الدَّمِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالْإِحْسَاسِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِنِصَابِ الْحَيْضِ لَكِنْ يَسْتَنِدُ إلَى ابْتِدَائِهِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِانْقِضَائِهِ فَالثَّانِي هُوَ الْحُكْمُ بِبُلُوغِهَا وَوُجُوبُ الْغُسْلِ وَالثَّالِثُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَبَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَتَقْضِيهِ دُونَهَا) أَيْ فَتَقْضِي الصَّوْمَ لُزُومًا دُونَ الصَّلَاةِ لِمَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ «عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْت عَائِشَةَ فَقُلْت مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْت لَسْت بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ وَلِأَنَّ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ حَرَجًا بِتَكَرُّرِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَتَكَرُّرِ الْحَيْضِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ حَيْثُ يَجِبُ فِي السَّنَةِ شَهْرًا وَاحِدًا وَالْمَرْأَةُ لَا تَحِيضُ عَادَةً فِي الشَّهْرِ إلَّا مَرَّةً فَلَا حَرَجَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ، وَإِنْ نَفِسَتْ رَمَضَانَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي رَمَضَانَ كُلَّهُ نَادِرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ.
وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ حِكْمَتَهُ أَنَّ حَوَّاءَ لَمَّا رَأَتْ الدَّمَ أَوَّلَ مَرَّةٍ سَأَلَتْ آدَمَ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَأُوحِيَ إلَيْهِ أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ فَلَمَّا طَهُرَتْ سَأَلَتْهُ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ فَأُوحِيَ إلَيْهِ أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَأَتْهُ فِي وَقْتِ الصَّوْمِ فَسَأَلَتْهُ فَأَمَرَهَا بِتَرْكِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ قَضَائِهِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ فَأَمَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقَضَاءِ الصَّوْمِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ آدَمَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ سَبَبَ قَضَائِهِ تَرْكُ حَوَّاءَ السُّؤَالَ لَهُ وَقِيَاسُهَا الصَّوْمَ عَلَى الصَّلَاةِ فَجُوزِيَتْ بِقَضَائِهِ بِسَبَبِ تَرْكِ السُّؤَالِ، فَإِنْ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالصَّوْمِ حَالَ حَيْضِهَا لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهَا فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْأَدَاءُ قُلْنَا: أَمَّا مَنْ قَالَ مِنْ مَشَايِخِنَا وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلَا إشْكَالَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْأَدَاءُ فَانْعِقَادُ السَّبَبِ يَكْفِي لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ تُخَاطَبْ بِالْأَدَاءِ وَهَلْ يُكْرَهُ لَهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى. وَالْحَرُورِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ
ــ
[منحة الخالق]
فَعَلَهُ الْمُؤَلِّفُ لِيَصِحَّ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ كَقَوْلِ الدَّبُوسِيِّ فَقَوْلُهُ إذْ السُّقُوطُ قَدْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إلَخْ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ بِالِانْتِفَاءِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ قَطْعًا فَظَهَرَ أَنَّ السُّقُوطَ مَعْنَاهُ الِانْتِفَاءُ فِي عِبَارَتَيْ الْقُدُورِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَأَنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَى حَمْلِ عِبَارَةِ الْقُدُورِيِّ عَلَى قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ إذْ هُوَ قَوْلٌ رَدَّهُ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ فِيهِ إخْلَالًا لِإِيجَابِ الشَّرْعِ عَنْ الْفَائِدَةِ فِي الدُّنْيَا وَهِيَ تَحَقُّقُ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ وَفِي الْآخِرَةِ وَهِيَ الْجَزَاءُ وَبِأَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ لَكَانَ يَنْبَغِي إذَا أَدَّى أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَحَيْثُ لَمْ يَقَعْ الْمُؤَدَّى عَنْ الْوَاجِبِ بِالِاتِّفَاقِ دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الْوُجُوبِ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ تَبِعَ فِيهِ الْإِمَامَ السُّبْكِيَّ لَكِنَّهُ قَالَهُ فِي الصَّوْمِ قَالَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ حَالَةَ الْعُذْرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَالْقَضَاءُ بَعْدَ زَوَالِهِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا. اهـ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَكِنْ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الذَّخَائِرِ فِيمَا إذَا قُلْنَا: يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي النِّيَّةِ، فَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا نَوَتْ الْقَضَاءَ وَإِلَّا نَوَتْ الْأَدَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتُ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ نَعَمْ يَبْقَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيهَامُ أَنَّ الصَّوْمَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ يَمْنَعُ صَلَاةً أَيْ حِلَّهَا لِتَنَاسُبِ الْمَعْطُوفَاتِ فَالْأَوْلَى مَا فِي الْقُدُورِيِّ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ