وَفِي النِّهَايَةِ إنَّهُ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الرِّطْلُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَوَزْنُ سَبْعَةٍ، وَفِي الْمُغْرِبِ الرِّطْلُ مَا يُوزَنُ بِهِ أَوْ يُكَالُ بِهِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ الرِّطْلُ، وَالْأُوقِيَّةُ مُخْتَلِفٌ فِيهِمَا عُرْفُ الْأَمْصَارِ، وَيَخْتَلِفُ فِي الْمِصْرِ الْوَاحِدِ أَمْرُ الْمَبِيعَاتِ فَالرِّطْلُ الْآنَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَاثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا كُلُّ عَشَرَةٍ، وَزْنُ سَبْعَةٍ، وَفِي مِصْرَ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ، وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَفِي الشَّامِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ، وَفِي حَلَبَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ لَهُ تَفْسِيرٌ لِلرِّطْلِ الْعِرَاقِيِّ الَّذِي قَدَّرَ بِهِ الْفُقَهَاءُ كَيْلَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ. اهـ.
وَفَسَّرَ فِي الْهِدَايَةِ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ بِمَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ، وَفَسَّرَهُ قَاضِي خَانْ أَيْضًا فَقَالَ وَتَفْسِيرُهُ أَنَّ مَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ فَهُوَ وَزْنِيٌّ لِأَنَّهَا قُدِّرَتْ بِطَرِيقِ الْوَزْنِ، وَصَارَتْ وَزْنِيَّةً أَمَّا سَائِرُ الْمَكَايِيلِ مَا قُدِّرَتْ بِالْوَزْنِ فَلَا يَكُونُ وَزْنِيًّا اهـ.
حَتَّى يُحْسَبَ مَا يُبَاعُ وَزْنًا، وَهَذَا لِأَنَّهُ يَشُقُّ وَزْنُ الدُّهْنِ بِالْأَمْنَاءِ وَالصَّنَجَاتِ لِعَدَمِ الِاسْتِمْسَاكِ إلَّا فِي وِعَاءٍ، وَفِي وَزْنِ كُلِّ وِعَاءٍ نَوْعُ حَرَجٍ فَاتُّخِذَ الرِّطْلُ لِذَلِكَ، وَالْأَوَاقِي جَمْعُ أُوقِيَّةٍ بِالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَوَاعِينُ مَعْلُومَاتُ الْوَزْنِ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَإِذَا كَانَ مَوْزُونًا فَلَوْ بِيعَ بِمِكْيَالٍ لَا يُعْرَفُ وَزْنُهُ بِمِكْيَالٍ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ لِتَوَهُّمِ الْفَضْلِ فِي الْوَزْنِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَازَفَةِ، وَفِي التَّبْيِينِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ إذَا تَسَاوَيَا فِي كَيْلٍ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي كَيْلٍ آخَرَ، وَلَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْكَيْلِ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا فِي ذَلِكَ إذْ لَا يَخْتَلِفُ ثِقَلُهُ فِيهِمَا، وَفِي النِّهَايَةِ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فَائِدَةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا فِي الْكَيْلِ مُتَسَاوِيًا فِي الْوَزْنِ يَجُوزُ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَوْزُونَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إلَّا الْوَزْنُ غَيْرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْأَوَاقِيِ أَيْضًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَيْلٍ وَكِيلٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَلَا يَنْدَفِعُ هَذَا الْإِشْكَالُ إلَّا إذَا مُنِعَ الْجَوَازُ فِي الْكَيْلِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَجَيِّدُهُ كَرَدِيئِهِ) أَيْ جَيِّدُ مَا جُعِلَ فِيهِ الرِّبَا كَرَدِيئِهِ حَتَّى لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ مُتَفَاضِلًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ غَرِيبٌ، وَمَعْنَاهُ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا عُرْفًا، وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ سَدَّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ قُيِّدَ بِمَالِ الرِّبَا لِأَنَّ الْجَوْدَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِذَا أُتْلِفَ جَيِّدٌ أَلْزَمَهُ مِثْلَهُ قَدْرًا وَجَوْدَةً إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتَهُ جَيِّدًا إنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَلَكِنْ لَا تُسْتَحَقُّ بِإِطْلَاقِ عَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً أَوْ شَيْئًا فَوَجَدَهُ رَدِيئًا بِلَا عَيْبٍ لَا يَرُدُّهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ الصَّرْفِ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ، وَتُعْتَبَرُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ قَفِيزِ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ بِقَفِيزٍ رَدِيءٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ فِي مَالِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ كَالْيَتِيمِ، وَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ هَذَانِ، وَفِي حَقِّ الْمَرِيضِ حَتَّى تَنْفُذَ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِي الرَّهْنِ الْقَلْبُ إذَا انْكَسَرَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ذَهَبًا، وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ (وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ) لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ كَغَيْرِ مَالِ الرِّبَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الصَّرْفِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ لِيَتَعَيَّنَ، وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ فِي الْحَدِيثِ التَّعْيِينُ، وَهُوَ فِي النَّقْدَيْنِ بِالْقَبْضِ، وَفِي غَيْرِهِمَا بِالتَّعْيِينِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْمَصُوغِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ خِلْقَتِهِ، وَبَيَانُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِقَوْلِهِ، وَإِذَا تَبَايَعَا كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا بِوَزْنِيٍّ كِلَاهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ كِلَاهُمَا عَيْنًا أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ بَعْد أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي مِلْكِهِ، وَالتَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِالْأَبْدَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِهِ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَالْآخَرُ دَيْنًا مَوْصُوفًا فِي
ــ
[منحة الخالق]
وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ بَلْ إذَا اتَّفَقَا عَلَى مَعْرِفَةِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِوُجُودِ الْمُصَحَّحِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ فِي الْهِدَايَةِ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَعَلَى هَذَا الزَّيْتُ وَالسَّمْنُ وَالْعَسَلُ وَنَحْوُهَا مَوْزُونَاتٌ وَإِنْ كِيلَتْ بِالْمَوَاعِينِ لِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَوَاعِينُ إلَخْ) نَظِيرُهُ فِي عُرْفِنَا الْحِقَاقَ الَّتِي يُبَاعُ بِهَا الزَّيْتُ فَإِنَّ الْحِقَّ اسْمٌ لِمَا يَسَعُ وَزْنًا مَعْلُومًا فَيُكَالُ الزَّيْتُ بِالْحِقَاقِ وَيُحْسَبُ بِالْأَرْطَالِ، وَهَذَا مَعْنَى نِسْبَتِهِ إلَى الرِّطْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْحِقُّ يُسَمَّى أُوقِيَّةً (قَوْلُهُ وَفِي التَّبْيِينِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْفِضَّةَ بِجِنْسِهَا فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ جَازَ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ التَّفَاضُلِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ، وَعَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ أَيْضًا لَوْ تَبَايَعَا تِبْرًا بِذَهَبٍ مَضْرُوبٍ كِفَّةً بِكِفَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute