للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْمَشْهُورُ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَوْلُهُ وَمَدَارُ مَا رَوَيَاهُ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَالْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ وَرَدَّهُ فِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّهُ، وَهَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ ابْنُ عَيَّاشٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَيَّاشٍ، وَكَذَلِكَ، وَهَمَ فِيهِ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ التُّرْكُمَانِيُّ هَكَذَا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ زَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ أَبُو عَيَّاشٍ الزَّلَّانِيُّ، وَيُقَالُ الْمَخْزُومِيُّ، وَيُقَالُ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، وَالْمَدَنِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. اهـ.

، وَفِي الْعِنَايَةِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ التَّرْدِيدَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْلِيَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ حِنْطَةً فَيَجُوزُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ أَوْ لَا فَيَجُوزُ بِآخِرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَلَامٌ حَسَنٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ لِدَفْعِ شَغَبِ الْخَصْمِ، وَالْحُجَّةُ لَا تَتِمُّ بِهِ بَلْ بِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ التَّمْرِ عَلَيْهِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ التَّمْرَ اسْمٌ لِثَمَرَةٍ خَارِجَةٍ مِنْ النَّخْلَةِ مِنْ حَيْثُ تَنْعَقِدُ صُورَتُهَا إلَى أَنْ تُدْرِكَ، وَالرُّطَبُ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْهُ كَالْبَرْنِيِّ، وَغَيْرِهِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ رَدَّ تَرْدِيدَهُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَمْرًا أَوْ لَا بِأَنَّ هُنَا قِسْمًا ثَالِثًا، وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْجِنْسِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْآخَرِ كَالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِعَدَمِ تَسْوِيَةِ الْكَيْلِ بَيْنَهُمَا فَكَذَا الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ لَا يُسَوِّيهِمَا الْكَيْلُ، وَإِنَّمَا يُسَوِّي فِي حَالِ اعْتِدَالِ الْبَدَلَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَجِفَّ الْآخَرُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُهُ، وَيَعْتَبِرُ التَّسَاوِي فِي حَالِ الْعَقْدِ وَعُرُوضِ النَّقْصِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مَعَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْحَالِ إذَا كَانَ مُوجِبُهُ أَمْرًا خِلْقِيَّا، وَهُوَ زِيَادَةُ الرُّطُوبَةِ بِخِلَافِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِهَا فَإِنَّا فِي الْحَالِ نَحْكُمُ بِعَدَمِ التَّسَاوِي لِاكْتِنَازِ أَحَدِهِمَا فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْآخَرِ لِتَخَلُّلِ كَثِيرٍ، وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْهُ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ هَذَا زِيَادَةٌ نَسِيئَةً كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً» ، وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ صِحَّتِهَا يَجِبُ قَبُولُهَا لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ قَبُولُهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ لَمْ يَرَوْهَا إلَّا فِي زِيَادَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الْحَاضِرِينَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَمِثْلُهُمْ لَا يَغْفُلُ عَنْ مِثْلِهَا فَإِنَّهَا مَرْدُودَةٌ لَكِنْ يَبْقَى قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ عَرِيًّا عَنْ الْفَائِدَةِ إذَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ نَسِيئَةً، وَمَا ذَكَرُوا أَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّ الرُّطَبَ يَنْقُصُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَكُونُ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ مَنْفَعَةٌ لِلْيَتِيمِ بِاعْتِبَارِ النُّقْصَانِ عِنْدَ الْجَفَافِ فَمَنْعُهُ شَفَقَةً مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ كَانَ وَلِيَّ يَتِيمٍ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَوْ بَاعَ الثِّمَارَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ مُجَازَفَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا كَانَ كَيْلًا وَعَرَفَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْكَيْلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ثَمَرٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ اقْتَسَمَاهُ مُجَازَفَةً لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ إلَّا إذَا عُلِمَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْكَيْلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَوْ بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَزْنًا مُتَسَاوِيًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ التَّسْوِيَةِ الْكَيْلُ، وَلَا يُدْرَى ذَلِكَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ النَّاسِ بِالْوَزْنِ يَصِيرُ وَزْنِيًّا، وَيَجُوزُ، وَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي وَزْنًا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ كَيْلِيًّا، وَأَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ فَلِمَا رَوَيْنَا أَنَّ اسْمَ التَّمْرِ يَتَنَاوَلُهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَوْ بَاعَ الْبُسْرَ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ لِأَنَّهُ تَمْرٌ بِخِلَافِ الْكُفُرَّى حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ التَّمْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْرٍ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَالْكُفَرَّى بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَقْصُورًا اسْمٌ لِوِعَاءِ الطَّلْعِ، وَهُوَ كُمُّ النَّخْلِ أَوَّلَ مَا يَنْشَقُّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ، وَهِيَ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَالْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِهَا، وَالْمَطْبُوخَةِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخَةِ، وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً رَطْبَةً أَوْ مَبْلُولَةً أَوْ يَابِسَةً جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ تَمْرًا مُنْقَعًا أَوْ زَبِيبًا مُنْقَعًا بِتَمْرٍ مِثْلِهِ أَوْ زَبِيبٍ مِثْلِهِ أَوْ بِالْيَابِسِ مِنْهُمَا جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ صِحَّتِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ بَعْدَ صِحَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يَجِبُ قَبُولُهَا لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الْمُحْدَثِينَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ لَمْ يَرْوُوهَا إلَّا فِي زِيَادَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ الْحَاضِرِينَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدِ، وَمِثْلُهُمْ لَا يَغْفُلُ عَنْ مِثْلِهَا فَإِنَّهَا مَرْدُودَةٌ عَلَى مَا كَتَبْنَاهُ فِي تَحْرِيرِ الْأُصُولِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ زِيَادَةٌ لِمَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ اجْتَمَعُوا فِيهِ فَسَمِعَ هَذَا مَا لَمْ يَسْمَعْ الْمُشَارِكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِالسَّمَاعِ فَمَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْحَالَ كَذَلِكَ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ قَالَ فِي مَجَالِسَ ذَكَرَ فِي بَعْضِهَا مَا تَرَكَهُ فِي آخَرَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا) وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ وَرَدَ بِإِطْلَاقِ اسْمِ التَّمْرِ عَلَى الرُّطَبِ، وَلَمْ يَرِدْ مِثْلُ هَذَا فِي الزَّبِيبِ فَافْتَرَقَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَُخْرَيَيْنِ فَقَالَ وَنَقَلَ الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ جَوَازَ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَن أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ الزَّبِيبَ مَوْجُودٌ فِي الْعِنَبِ فَصَارَ كَالزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ فَصَارَ فِي بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ اهـ. مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً رَطْبَةً أَوْ مَبْلُولَةً أَوْ يَابِسَةً جَازَ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ، وَكَذَا بَيْعُ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ أَوْ الْمَبْلُولَةِ بِمِثْلِهَا أَوْ بِالْيَابِسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>