للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الزَّيْتَ الَّذِي فِي الزَّيْتُونِ أَكْثَرُ لِتَحَقُّقِ الْفَضْلِ مِنْ الدُّهْنِ وَالتُّفْلِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ التَّسَاوِي لِخُلُوِّ التُّفْلِ عَنْ الْعِوَضِ، الثَّالِثَةُ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ مِثْلٌ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْفَضْلَ الْمُتَوَهَّمَ كَالْمُتَحَقَّقِ احْتِيَاطًا، وَعِنْدَ زُفَرَ جَازَ لِأَنَّ الْجَوَازَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْفَسَادُ لِوُجُودِ الْفَضْلِ الْخَالِي فَمَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَفْسُدُ، وَيَجُوزُ الْبَيْعُ فِي صُورَةٍ بِالْإِجْمَاعِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الزَّيْتَ الْمُنْفَصِلَ أَكْثَرُ لِيَكُونَ الْفَضْلُ بِالتُّفْلِ، وَكَذَا بَيْعُ الْجَوْزِ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنِ بِسَمْنِهِ وَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ لِتُفْلِهِ قِيمَةٌ إذَا بِيعَ بِالْخَالِصِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتُفْلِهِ قِيمَةٌ كَتُرَابِ الذَّهَبِ إذَا بِيعَ بِالذَّهَبِ أَوْ تُرَابِ الْفِضَّةِ إذَا بِيعَ بِالْفِضَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي التُّرَابِ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ بِإِزَائِهِ شَيْءٌ حَتَّى لَوْ جُعِلَ فَسَدَ لِرِبَا الْفَضْلِ، وَفِي الْحَاوِي، وَإِنْ بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ بَاعَ قَصِيلَ حِنْطَةٍ بِحِنْطَةٍ كَيْلًا، وَجُزَافًا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّرْكُ اهـ.

قَوْلُهُ (وَيُسْتَقْرَضُ الْخُبْزُ وَزْنًا لَا عَدَدًا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسْتَقْرَضُ بِهِمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَقْرَضُ بِهِمَا، وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَنَا أَرَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ اسْتِقْرَاضُ الْخُبْزِ، وَالْجُلُوسُ عَلَى بَابِ الْحَمَّامِ، وَالنَّظَرُ فِي مِرْآةِ الْحَجَّامِ. اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى بَاعَ رَغِيفًا نَقْدًا بِرَغِيفَيْنِ نَسِيئَةً يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ الرَّغِيفَانِ نَقْدًا، وَالرَّغِيفُ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ، وَلَوْ بَاعَ كُسَيْرَاتِ الْخُبْزِ يَجُوزُ نَقْدًا، وَنَسِيئَةً كَيْفَ كَانَ.

قَوْلُهُ (وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ) لِأَنَّهُ، وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقًا فَيَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ عِنْدَهُ لِلْمَوْلَى فِي كَسْبِهِ كَالْمُكَاتَبِ، وَعِنْدَهُمَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَا رِبَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا مُسْتَغْرِقًا، وَإِنَّمَا يُرَدُّ الزَّائِدُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ عَقْدٍ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَلَا رِبَا، وَفِي مَأْذُونِ الْمُحِيطِ إذَا أَخَذَ الْمَوْلَى مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ شَيْئًا ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ سَلَّمَ لِلْمَوْلَى مَا أَخَذَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَلَوْ قَلِيلًا لَمْ يُسَلِّمْ، وَفَائِدَتُهُ لَوْ لَحِقَهُ آخَرُ رَدَّ الْمَوْلَى جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ ضَرِيبَةً، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ اسْتِحْسَانًا، وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا رِبَا بَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، وَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ إذَا تَبَايَعَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ جَرَى بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ (وَلَا بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْلِمِ ثَمَّةَ) أَيْ لَا رِبًا بَيْنَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْبِنَايَةِ، وَكَذَا إذَا بَاعَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ قَامَرَهُمْ، وَأَخَذَ الْمَالَ كُلُّ ذَلِكَ يَحِلُّ لَهُ، وَلَهُمَا الْحَدِيثُ «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ» ، وَلِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ، وَبِعَقْدِ الْأَمَانِ مِنْهُمْ لَمْ يَصِرْ مَعْصُومًا إلَّا أَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُمْ بِغَدْرٍ، وَلَا لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ بِدُونِ رِضَاهُمْ فَإِذَا أَخَذَ بِرِضَاهُمْ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا بِلَا غَدْرٍ فَيَمْلِكُهُ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ السَّابِقَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا اقْتَضَى حِلَّ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ الزِّيَادَةُ يَنَالُهَا الْمُسْلِمُ، وَالرِّبَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ إذْ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الدِّرْهَمَانِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْكَافِرِ، وَجَوَابُ الْمَسْأَلَةِ بِالْحِلِّ عَامٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَحُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ كَالْحَرْبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ مَالَهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ عِنْدَهُ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الرِّبَا مَعَهُ، وَأَمَّا إذَا هَاجَرَ إلَيْنَا ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ الرِّبَا مَعَهُ لِكَوْنِهِ أَحْرَزَ مَالَهُ بِدَارِنَا فَكَانَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَذَا

ــ

[منحة الخالق]

بِالسَّوِيقِ فِيهِ خِلَافُهُمَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْحَاوِي وَإِنْ بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ الْحِنْطَةَ الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا أَقَلُّ فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ أَقَلُّ جَازَ الْبَيْعُ، وَيَكُونُ زَائِدُ الْخَالِصَةِ فِي مُقَابَلَةِ التِّبْنِ فَيَنْتَفِي الرِّبَا تَأَمَّلْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ بِمِثْلِهِ لَا يَجُوزُ. اهـ.

وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ خِيَارِ الشَّرْطِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى بَاعَ رَغِيفًا نَقَدَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَوَجَّهَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ الثَّمَنَ يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ دُونَ الْمَبِيعِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّغِيفَانِ نَقْدًا أَيْ اللَّذَانِ دَخَلَتْ عَلَيْهِمَا الْبَاءُ، وَهُمَا الثَّمَنُ، وَقَوْلُهُ وَالرَّغِيفُ نَسِيئَةً أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَبِيعُ إنْ بَاعَ رَغِيفًا نَسِيئَةً بِرَغِيفَيْنِ نَقْدًا فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ، وَعَلَيْهِ فَذِكْرُ الْعَدَدِ اتِّفَاقِيٌّ، وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي الْكُسَيْرَاتِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجِنْسَ فِيهَا مَوْجُودٌ، وَلَمْ يُجَوِّزُوا بَيْعَ تَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ نَسِيئَةً فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ) أَيْ إلَّا أَنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ، وَلِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ إلَخْ (قَوْلُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) تَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْفَتْحِ، وَكَذَا الْقِمَارُ قَدْ يُفْضِي إلَى أَنْ يَكُونَ مَالُ الْحَظْرِ لِلْكَافِرِ بِأَنْ يَكُونَ الْغَلَبُ لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ بِقَيْدِ نَيْلِ الْمُسْلِمِ الزِّيَادَةَ، وَقَدْ أُلْزِمَ الْأَصْحَاب فِي الدَّرْسِ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْ حِلِّ الرِّبَا وَالْقِمَارِ مَا إذَا حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمُسْلِمِ نَظَرًا إلَى الْعِلَّةِ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْجَوَابِ خِلَافَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>