للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِهَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِدَعْوَى الْمُشْتَرِي مِثَالٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ عَبْدٌ مَعْرُوفٌ لِرَجُلٍ فِي يَدِ آخَرَ بَاعَهُ رَجُلٌ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت بِلَا أَمْر الْمَالِكِ، وَبَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْر الْمَالِكِ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ، وَلَا يَمْلِكُ تَحْلِيفَ الْمَالِكِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَسَادَ الْعَقْدِ دُونَ الْبَائِعِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا، وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ، الثَّانِي وَهَبَ جَارِيَتَهُ، وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ، وَيَسْتَرِدُّهَا، وَالْعُقْرُ اهـ.

وَعَلَّلُوهُ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ تَنَاقَضَ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْحُرِّيَّةِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ فِي الْحُرِّيَّةِ لِلْخَفَاءِ، وَلَا خَفَاءَ فِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَاعِلِ فِعْلُ نَفْسِهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ تَنَاقُضُهُ، وَلَا يُحْكَمَ بِبَيِّنَتِهِ. اهـ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَاقِضًا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ وَتَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَقَرَّ بِتَدْبِيرِهِ أَوْ اسْتِيلَادِهَا أَوْ عِتْقِهِ فَقُبِلَ حَمْلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ التَّنَاقُضِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ أَعْتَقَهُ بَائِعُهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ مُقْتَصِرٌ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَتَعَدَّى إلَى بَائِعِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ بَرْهَنَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَاسْتَقَرَّ الْوَلَاءُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى تَحْرِيرِهِ إنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ إنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ أَخَذَ الْعَبْدَ لَا إنْ كَذَّبَهُ. اهـ.

وَمَنْ فَصَلَ الِاسْتِحْقَاقَ لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَاشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ) لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَاعِدَهُ فِيهِ فَيَنْتَفِيَانِ فَيُنْتَقَضُ فِي حَقِّهِمَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي عِبَارَتِهِ لَا فِي حَقِّ رَبِّ الْعَبْدِ إنْ كَذَّبَهُمَا، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ فَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّهِ يُطَالَبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي لِبَرَاءَتِهِ بِالتَّصَادُقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ فَإِذَا أَدَّى رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى إبْرَاءِ الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ بِأَنْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ التَّوْكِيلَ، وَتَصَادَقَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَكِيلُ لَزِمَهُ، وَإِلَّا اسْتَحْلَفَ الْمَالِكَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ، وَلَوْ غَابَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْقُوفًا فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَأْخِيرَ الْفَسْخِ لِيَحْلِفَ الْمَالِكُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُؤَخَّرْ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ قَدْ تَحَقَّقَ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ فَلَوْ حَضَرَ الْمَالِكُ، وَحَلَفَ أَخَذَ الْعَبْدَ، وَإِنْ نَكَلَ عَادَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا، وَغَابَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِفَسْخِهِ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْعَبْدِ أَنَّهُ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ أَمْرُهُ، وَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَ الْبَائِعُ، وَنَفَذَ بَيْعُهُ كَالْغَاصِبِ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ قَبْلَ حُضُورِهِ فَوَرِثَهُ الْبَائِعُ.

وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمَالِكِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُقْبَلْ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ التَّنَاقُضِ، وَلَوْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ مُشْتَرِيهِ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ تُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَالَ حَيَاةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ أَصِيلٌ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ بِالتَّنَاقُضِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَالْمَيِّتُ لَوْ ادَّعَى حَالَ حَيَاتِهِ لَا يَكُونُ مُنَاقِضًا بِخِلَافِ شَرِيكِهِ الْبَائِعِ حَيْثُ يَكُونُ مُنَاقِضًا، وَلِمُشْتَرِيهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْلَى أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْأَمْرُ، وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَخُيِّرَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُ الْآمِرِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>