للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَقَيَّدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَكُونَ قَلِيلًا وَإِلَّا فَقَدْ يُسْلِمُ فِي أَمْنَاءٍ مِنْ الزَّعْفَرَانِ كَثِيرَةٍ تَبْلُغُ أَحْمَالًا وَيُسَلِّمُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَكُلُّ مَا قُلْنَا يَتَعَيَّنُ مَكَانَ الْعَقْدِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّسْلِيمُ وَمَا لَا بِأَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ وَهُمَا فِي مَرْكَبٍ فِي الْبَحْرِ أَوْ جَبَلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَذُكِرَ فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّ مَا لَا حَمْلَ لَهُ يُوفِيهِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ كُلَّهَا سَوَاءٌ، وَلَوْ عَيَّنَ مَكَانًا قِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْكَافُورُ أَكْثَرُ قِيمَةً فِي الْمِصْرِ لِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِيهِ فِي الْمِصْرِ وَقِلَّتِهَا فِي السَّوَادِ اهـ.

قَوْلُهُ (وَقَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) أَيْ وَشَرْطُهُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا؛ لِأَنَّ السَّلَمَ يُنْبِئُ عَنْ أَخْذِ عَاجِلٍ بِآجِلٍ وَذَلِكَ بِالْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِيَكُونَ حُكْمُهُ عَلَى وَفْقِ مَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهُ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالصَّرْفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ انْعِقَادِهِ صَحِيحًا كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرْطُ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ فَيَنْعَقِدُ صَحِيحًا بِدُونِهِ، ثُمَّ يَفْسُدُ بِالِافْتِرَاقِ بِلَا قَبْضٍ وَسَتَأْتِي فَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الصَّرْفِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ أَوْ يَتَعَيَّنُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ أَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ. اهـ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لِلثَّوْبِ أَجَلًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا فَالْأَجَلُ شَرْطٌ، فَلَوْ ضَرَبَ الْأَجَلَ جَازَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ، فَلَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْعَبْدِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ اُعْتُبِرَ سَلَمًا فِي حَقِّ الثَّوْبِ بَيْعًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ حُكْمَ عَقْدَيْنِ كَمَا فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَكَمَا فِي قَوْلِ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ اُعْتُبِرَ فِيهِ حُكْمُ الْيَمِينِ وَحُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْقَبْضِ قَالُوا وَلَا يَثْبُتُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَيَثْبُتَانِ فِي رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ وَإِلَّا فَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ فِي النُّقُودِ وَدَلَّ قَوْلُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ دُونَ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ مَكَثَا إلَى اللَّيْلِ أَوْ سَافَرَا فَرْسَخًا أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ سَلَّمَ جَازَ وَإِنْ نَامَ أَحَدُهُمَا أَوْ نَامَا لَمْ تَكُنْ فُرْقَةً. وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةً فِي كُرٍّ وَلَمْ تَكُنْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ فَدَخَلَ الْمَنْزِلَ لِيُخْرِجَهُ إنْ تَوَارَى عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَطَلَ وَإِنْ بِحَيْثُ يَرَاهُ لَا وَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالِارْتِهَانُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ، ثُمَّ إذَا جَازَتْ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ فَإِنْ قَبَضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ فَقَدْ تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَا فِي الْمَجْلِسِ سَوَاءٌ بَقِيَ الْحَوِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ أَوْ افْتَرَقَا بَعْدَ أَنْ كَانَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ افْتَرَقَ الْعَاقِدَانِ بِأَنْفُسِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ السَّلَمُ وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَإِنْ بَقِيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَالْكَفِيلُ فِي الْمَجْلِسِ وَالْعِبْرَةُ لِبَقَاءِ الْعَاقِدَيْنِ وَافْتِرَاقِهِمَا لَا لِبَقَاءِ الْحَوِيلِ وَالْكَفِيلِ وَافْتِرَاقِهِمَا لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَقِيَامُ الْعَقْدِ بِالْعَاقِدَيْنِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ بِمَجْلِسِهِمَا وَعَلَى هَذَا الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ بِرَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي الْمَجْلِسِ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرُ فَقَدْ تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ الْعَقْدُ بِقَدْرِهِ وَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ الرَّهْنُ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ لِحُصُولِ الِافْتِرَاقِ لَا عَنْ قَبْضٍ وَعَلَيْهِ رَدُّ الرَّهْنِ عَلَى صَاحِبِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ. اهـ.

وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ أَخَذَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنًا وَسَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ بِجِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ. اهـ.

وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ آخَرَ وَالدَّيْنَيْنِ قَضَاءٌ لِأَوَّلِهِمَا، فَلَوْ أَسْلَمَ، ثُمَّ اسْتَقْرَضَ وَقَعَتْ الْمُقَاصَصَةُ وَفِي عَكْسِهِ لَا. اهـ.

أَيْ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَفِي الْوَاقِعَاتِ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَا أَفَادَهُ الْإِطْلَاقُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَشْتَرِطُ تَعْجِيلَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَشْتَرِطُ. اهـ.

فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ مَا فِي الْوَاقِعَاتِ مُشْكِلٌ وَمُقْتَضَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَبْطُلَ وَمَا ادَّعَاهُ يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ فِي كُلِّ عَيْنٍ جُعِلَتْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>